عيد ميلاد سعيد.. "سارة نقد الله"
} قبل (15) عاماً طويلة أذكر أنني نشرتُ مقالاً بصحيفة (الوفاق) على أيام الراحل الكبير “محمد طه محمد أحمد” تحت عنوان: (حزب الأمة بين “سارة الفاضل” و”سارة نقد الله”). المقال يحكي ملامح ومشاهد من كفاح سيدتين كانتا تمثلان القيادة الحقيقية لحزب الأمة القومي في نهايات النصف الثاني من تسعينيات القرن المنصرم.
} في تلك الفترة، لم يكن زعيم الحزب السيد “الصادق المهدي” موجوداً بالسودان، إذ غادره عبر حدودنا مع إريتريا في العام 1996 في عملية سميت (تهتدون) بصحبة نجله العقيد “عبد الرحمن الصادق” مساعد رئيس الجمهورية الحالي.
} كانت المرحومة السيدة “سارة الفاضل” حرم “السيد الصادق” تقوم مقام رئاسة الحزب، وإن تواجدت قيادات تاريخية مهمة من مساعدي رئيس الحزب مثل السادة “بكري أحمد عديل”، و”آدم موسى مادبو” و”صلاح عبد السلام الخليفة” وغيرهم.
} كنا ونحن مُحررون مكلفون بتغطية فعاليات وأنشطة حزب الأمة في تلك الفترة نزور دار السيد “الصادق” بالملازمين، وكانت القبضة (الأمنية) على الأحزاب وقوى المعارضة في أشدها.
} استرعت انتباهي تلك (الثنائية النضالية) المدهشة التي كانت تربط السيدتين سارة! فأخذت أرصدها لأوثق بعجب لزمن مختلف.
} وفي أعقاب ندوة حاشدة وساخنة للمعارضة داخل دار “الصادق” خاطبها معظم زعماء المعارضة آنذاك، وأذكر منهم القيادي (الاتحادي) الأستاذ “علي محمود حسنين” رد الله غربته، تم اعتقال “سارة” و”سارة” وأحيلتا لسجن النساء بأم درمان لنحو شهرين.
} كانتا تتحركان سوياً، تتشاوران، وتقرران وتنفذان! “سارة الفاضل” كانت الشخصية الأقوى والأكثر نفوذاً في الحزب، حتى في حضور السيد “الصادق”، وقد أشار (الإمام) إلى دورها البارز في الكثير من المناسبات السياسية والاجتماعية، وأقر بأنه كان يأخذ برأيها ويشاورها في كثير من الأحيان.
} “سارة نقد الله” التي كرمها حزب الأمة بإشارة زعيمه، فأوكل إليها رئاسة المكتب السياسي، كأعلى منصب حزبي تتولاه امرأة في الحزب الطائفي المحافظ والعريق، كرست جل حياتها للعمل السياسي في كيان الأنصار، ومثلت أسرتها ووالدها (الأمير) وشقيقها (الأمير) – شفاه الله وعافاه – كما مثلت كل نساء الأنصار خير تمثيل وهي تقود أعلى هيئة سياسية في أكبر أحزاب السودان قبل (الإنقاذ).
} بالأمس أكملت “سارة عبد الله عبد الرحمن نقد الله” ستين عاماً من عمرها الزاهر بالكفاح من أجل الديمقراطية التعددية والعدالة وحقوق الإنسان، واحتفل بعيد ميلادها – ولأول مرة – أهلها وأصدقاؤها ومحبوها وذلك بجامعة (الأحفاد للبنات). وصلتني الدعوة من الدكتورة “مريم الصادق” غير أن ظروفاً قاهرة منعتني من المشاركة في هذه المناسبة الإنسانية الراقية، وكنت حريصاً عليها دون كل الدعوات.
} “سارة نقد الله” تشبه الأخت العزيزة المجاهدة الزاهدة “سامية أحمد محمد”، فالاثنتان (بتول).. تبتلتا في محراب العمل العام، ناسيتين أو متناسيتين حياتيهما الخاصة شأن عامة النساء، وكأنهما أغلقتا قلبيهما بحديد مصفح، لا يسمح إلا بعبور العواطف الإنسانية (العامة) وحب الخير للناس والوطن، والانشغال بالقضايا الكبرى بعيداً عن المألوف والمعلوم من تفاصيل (الأنا) في عالم المرأة!!
} عيد ميلاد سعيد.. سيدتي “سارة نقد الله”.. متعك الله بالصحة والعافية.
} وعقبال (مية شمعة).