أخبار

نعود تاني

} عادت (المجهر) بعد توقف.. وعدت من زيارة خارجية لدولة إثيوبيا.. أعادت الزيارة الأمل بأن ضوءاً في آخر النفق شديد الظلام يلوح.. وأن ليل دارفور الطويل الموحش قد تبزغ شمس تبدد ظلامه.. ويخرج الحي من الميت.. والحياة الدنيا يوم مرير وآخر بطعم الشهد.
وعودة (المجهر) لقرائها هي عودة الطفل لأحضان أمه، لا تسألني كيف عدنا.. ولكن اسألنا لماذا عدنا.. والسودان مهما ضاق فيه بعضنا بالبعض.. صفح وعفا وقال (البينا عامرة)!!
} عدت في الساعات الأولى من صباح (السبت) من العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا”، وشهدت خلال ثلاثة أيام حدثين مهمين، كلاهما على علاقة بالآخر، الأول اللقاء الذي دعا إليه “محمد بن شمباس” الممثل المشترك الوسيط للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بالسودان، واجتماعاته المطولة بقيادة حركتي تحرير السودان “مناوي” والعدل والمساواة “جبريل”. الاتحاد الأفريقي اهتمامه بقضية دارفور أكبر من اهتمامات دولة المقر إثيوبيا التي تصوب جهدها نحو رعاية التفاوض ودفعه للأمام بين الحكومة ومتمردي قطاع الشمال، ولا يزال الإثيوبيون متمسكين باتفاق (نافع ـ عقار) ويعتبرونه ثمرة لجهدهم ينبغي تعزيزه والعودة إليه كمرجعية لأي تفاوض قادم، وقد وصل يوم وصولي أديس أبابا اثنان من قادة قطاع الشمال للدخول في مفاوضات مع الحكومة، إلا أن وفاة “نيلسون مانديلا” أدت لتأجيل المفاوضات، وعاد د. “أحمد عبد الرحمن سعيد” و”نيرون فليب” إلى كمبالا بعد أن وصلا أديس.. والمشاورات التي عقدها الوسيط الأفريقي المشترك انتهت بصدور بيان في ظاهره القبول بالتفاوض مع حكومة السودان، ولكن داخله (مفخخ) بشروط وإشارات صعب جداً على الحكومة قبولها، فالحديث عن فتح ممرات آمنة لتوصيل الإغاثة لمناطق المتمردين في جبال النوبة ووقف وتقييد حركة الطيران في جبال النوبة من القضايا التي لا صلة لها بالتفاوض مع حاملي السلاح الدارفوريين، فكيف سمح الوسيط الأفريقي بإقحام مثل هذه الفقرات في البيان الصادر عن الورشة؟ وكذلك ورد في البيان حديث عن الجبهة الثورية باعتبارها حاملاً لقضايا السودان نيابة عن أهله.. فكيف للوسيط السماح بإقحام جهة غير معترف بها حتى من مجلس الأمن من خلال القرار (2046) الذي حدد مسارات التفاوض والحلول.. قطاع الشمال وفق مرجعية اتفاق (نافع ــ عقار) ومتمردو دارفور وفق مرجعية اتفاق الدوحة.. كيف للوسيط الأفريقي “محمد بن شمباس” تجاوز قرار مجلس الأمم ومحاولة القفز فوقه؟!
} ولماذا غيبت الحكومة السودانية عن مثل هذه الورش التي تعقد وتحيط بها الشكوك من قبل أطراف متصارعة الثقة أصلاً بينهما معدومة أو ضعيفة، وقد تلقت السفارة السودانية في إثيوبيا بيان الورشة مثل الصحافيين الذين كانوا بمقر الاتحاد الأفريقي.
} الحدث الثاني تمثل في المبادرة التي يقودها زعماء الزغاوة بكل أطيافهم السياسية وتشكيلاتهم الاجتماعية لتقريب المسافة بين أبنائهم حاملي السلاح وحكومتهم. والزغاوة تدفعهم حقيقة رغبة صادقة جداً لإنهاء الحرب.. فالمنطقة التي يقطنونها في شمال دارفور أضحت مسرحاً للحرب منذ 2003م وحتى اليوم، وللحرب وجه آخر أكثر بشاعة يروي عنه زعماء الزغاوة ما يفطر القلب والفؤاد ويدفع كل ذي خلق قويم للسعي نحو وقف الحرب التي حطمت المجتمعات المحلية، بينما النخب في عليائهم ينعمون بالأسفار ورغد العيش!!
} مبادرة الزغاوة أحدثت اختراقاً حقيقياً في تقريب المسافات بين الحكومة والمتمردين من حركتي “مناوي” و”جبريل”، بينما بدا “عبد الواحد” مقاطعاً حتى لورشة دعا إليها الاتحاد الأفريقي.. وقدم د. “جبريل” و”مناوي” تنازلات تحت الطاولة لعشيرته ممن الزغاوة بشأن التفاوض ومرجعياته، ولكن الثقة لا تزال ضعيفة جداً بين الحكومة وتلك الحركات.
} وضوء آخر في النفق أن العلاقة بين المتمردين “مناوي” و”جبريل” من جهة، ودولة تشاد ورئيسها “إدريس دبي”، ربما تعود لطبيعتها بمبادرة من زعماء الزغاوة، ولكن بشروط أهمها القبول بالسلام والتفاوض، وأن يصبح “دبي” لاعباً أساسياً في التسوية القادمة لكل ذلك برضاء وضوء أخضر من الخرطوم!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية