الديوان

"د. بخيتة أمين" في حوار مختلف: لا أتعاطى السياسة.. وهذه قصة حواري من «نميري» .. والحرية مبدأ أساسي للإعلام الحقيقي

نلتقي في هذه المساحة بامرأة من نسيج خاص ومن كيمياء متفردة، ألفت الكتب وكتبت المقالات وأجرت الحوارات مع قادة ورؤساء وشخصيات عالمية بارزة، إنها كاتبة عمود (جرة قلم) بـ(الرأي العام) الصحفية الدكتورة “بخيتة أمين” التي كان عنوان رسالتها للدكتوراة (أفريقيا في الصحافة العربية)، والتي نالت شهادتها من جامعة الخرطوم – معهد الدراسات الأسيوية والإفريقية، (المجهر) التقت “بخيتة أمين” الناشطة الاجتماعية والكاتبة الصحفية والأكاديمية القديرة في حوار تناول مسيرتها الصحفية وحياتها ومحطات رحلاتها.
} “د. بخيتة أمين” اسم معروف ولكن تغيب بعض التفاصيل؟
– نعم.. أنا “بخيتة أمين” ولدت في أم درمان 6 سبتمبر 1945م، ونلت البكالوريوس من جامعة الخرطوم والماجستير من جامعة (لندن).
} محطات في الحقل الإعلامي والصحفي؟
– بدأت بدار النشر التربوي ـ صحيفة الزمان ـ السودان الجديد ـ صحيفة الأخبار وصحيفة الرأي العام.
 } بالتأكيد تعرضتِ لمضايقات في مشوارك الصحفي؟
– لم أتعرض لأية مضايقات لأنني نشأت في أسرة إعلامية، بل العكس تماماً.
 } من واقع تجربتك.. كيف تنظرين إلى واقع التلفزيون في السودان؟
– هذا إعلام مملوك للدولة، وعندما يكون الإعلام مملوكاً للدولة لا يستطيع أن يعبر عن ما يعيشه الواقع الإعلامي أو يدافع عن الرأي العام، لأن الإعلام الحكومي دائماً يدافع عن النظام ظالماً كان أو مظلوماً، والأداء الحقيقي للإعلام ينبغي أن يخضع لمساحة الحرية التي تمنحها الدولة لأجهزتها الإعلامية.
 } حدثينا عن كيفية إجرائك للحوار المثير مع الرئيس الراحل “جعفر نميري”؟
} كان رمضان على الأبواب وكنت مسؤولة عن (قسم التحقيقات) و(التحقيقات) كانت تعني الخروج إلى الشارع.. ذهبت لأشتري (لفة) من (القمردين) و(الزبيب) و(السكر) ولم أجدها، وقررت دون موعد أن أكون في مكتب وزير التجارة لأنقل له خلو السوق من مستلزمات رمضان، وعند السادسة صباحاً ضُغط على (زر) مصعد وزارة التجارة وإذ بي أحاط بعدد من العسكر يتوسطهم الرئيس الراحل “جعفر نميري” بهيبته المخيفة، فطلب مني العسكر أن أفسح المجال للرئيس، فرفضت، وسمعت صوت الرئيس “نميري” يقول لهم: دعوني أصعد معها.. فسألني “نميري” إلى أين أنت ذاهبة؟، فقلت: إلى مكتب وزير التجارة.. قال لي: لماذا؟ فقلت: إن وزير التجارة أعلن عن توفير مستلزمات رمضان.. وحقيقة الأمر ليست هناك أية سلعة من السلع الرمضانية، وجلست مع “نميري” عند وصولنا إلى مكتب الوزير لساعات في انتظار الوزير الذي تأخر كثيراً، وكان “نميري” قد اعتاد على تسجيل الزيارات إلى مكاتب الوزراء دون علمهم.. وأثناء الحديث طلبت من الرئيس إجراء حوار وكنت خائفة من رفض الفكرة.. لكنه وافق على الفور وأصدر أمراً بمقابلتي في اليوم التالي.. والحمد لله أجريت معه حواراً ما زال بخاطري حتى أننا أصبحنا في ذلك الوقت أصدقاء.
} وما هي قصة (جرة قلم)؟
– هي ريشة تعبر عن فكرة تنطق بحقائق الحياة، لذلك أحاول أن أعطرها بأسلوب يضاعف من قرائها، وأحمد الله أن لي رصيداً يفوق الوصف نوعية وعدداً.
 } وما هو السر وراء الاهتمامات بالتجمعات ومنظمات المجتمع المدني؟
– هي منظمات ليست جديدة على السودان، ظهرت مع بزوغ فجر الاستقلال لكن خفت صوتها خلال حكومة الإنقاذ وتعددت منابرها وتنوعت مصادر تمويلها.. لكن بعضها حاد عن الدرب.. لذلك نجد الدولة دائماً ترفع عصا تلوح بها للمنظمات التي لا تخدم القضايا الوطنية، وأنا أنادي بغربلتها وتصحيح مسارها إن كان هناك اعوجاج من مسارها لأن وجودها مهم للغاية.
} ما بين الأكاديميات والعمل الصحفي أين تجد “بخيتة أمين” نفسها؟
} العمل الأكاديمي امتداد للعمل الصحفي لأنك في النهاية تعطي الطالب جرعات متنوعة ومتعددة داخل مدرج الجامعة وللقارئ في الشارع والاثنان يحاولان أن يرتويا من فكر متدفق آمل أن لا يقف سريانه قريباً.
} “بخيتة أمين” والرياضة؟
– أنا أجهل الناس حتى بمسميات الفرق الرياضية ولا اقرأ الصحافة الرياضية، وأحس بأنني غير مفيدة بالمجال الرياضي، ولكن لي صداقات مع الصحفيين الرياضيين.
 } هل تتعاطى “بخيتة أمين” السياسة؟
– لا أحب السياسة كثيراً، لكن المشكلة أن معظم الزعماء السياسيين أصدقاء لي، ولكنني أناصبهم العداء ولا أجلس معهم متحاورة.
} زوجك “إبراهيم دقش” قضى سنين طويلة كخبير إعلامي في (المنظمة الإفريقية) وأنت بعيدة عنه.. ماذا أضافت لك هذه التجربة؟
– هذه الفترة أعطتني المزيد من قوة التحمل والصبر، حيث تسببت في نجاح أولادي، كنت أقرأ الدروس وأراجعها معهم.. تركني وحيدة مع أطفالي في السودان واغترب إلى مدينة (أديس أبابا)، وكنت أتحدث معه أحياناً عبر الهاتف، وفي ذاك الزمان كان الهاتف نادراً.
 } “بخيتة أمين” و”دقش” مَنْ تأثر بمَنْ؟
– ظللنا من البداية وحتى لحظة هذا الحوار أعداءً في حروف الكتابة.. لا يعجبني كثيراً ما يكتبه ولا نتفق في الرؤى.. وهو كذلك كثير النقد لما أكتب ونختلف ونتصادم.. ولكننا نلتقي عند قليل من الكلمات.
} مؤلفات “بخيتة أمين”؟
– أول مؤلف لي كتبته مع صديقتي في وزارة الخارجية البريطانية تدعى “مارغريت هور” تحت عنوان (أخوات تحت الشمس) وآخر (حروف من قرص الشمس) و(الطيب صالح في نخلة على جدول الإبداع) وأخيراً كتاب (الصحافة النسائية في السودان).
} وما هو السبب في التنقل ما بين أم درمان والخرطوم؟
– نحن مازلنا في أم درمان ولم ننتقل إلى الخرطوم.. وهي موطني الحقيقي وعلاقاتي الممتدة بـ(حي ود البنا) والجيران وطيبتهم وصينية بكائهم وكشف مراسم زواجهم.
} حكاية الوراثة الإعلامية في الأسرة؟
– كما ذكرت إنني نشأت في أسرة إعلامية، فأخي الكبير “مصطفى أمين” كان مديراً لـ(وكالة السودان للإنباء).. تعلمت منه الإعلام وعلمني كيف أُجيد صناعة الحروف وكيف أتوثق من المعلومة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية