رأي

إمارات اليوم الوطني الـ (42) .. بالأمطار والأخيار!!

{ السيد رئيس مجلس الإدارة .. المحترم..
بودي واحترامي لكم من الإمارات.. أرجو أن أساهم بهذه المادة.
{ ابني قد يقول لكم: (ورثتُ بيتاً متواضعاَ من أبي عن جدّي، يُسقطه المطر، يُحرقه البرق ويعصفه الرعد قاعاً صفصفاً)!! فقولوا له: (ولكنّك يا ابني ورثت بلداً أميناً يحكمه شيخ كريم عن شيخ حكيم عالج الوطن قبل البدن)!!
{ إماراتُ عيدنا الوطني (42) هذا العام، تزامن قدومه بقدوم بشائرالخير (المطر).. والمطرُ قدومه خير مهما تفاوتت آثاره من بلد لبلد، وشعب لشعب بين الأقاليم والقارات.. إذ لا إدانة ولا محاكمة للمطر في الشريعة والقانون، إن كانت السيول جرفت السيارات والأجساد بالأرواح من الشوارع لتحولها إلى هياكل وأشباح في الوديان.
{ اعلم يا بُنىّ.. إن الجائزة الكبرى (البريمو) لن تأتيك من الفضاء على صهوة جواد أبيض مع رذاذات الأمطار، إن لم تكن قد اشتريت على الأرض بطاقة اليانصيب.. (زايد وراشد) رحمهما الله يوم اجتمعا 2 ديسمبرعام 1971 في منطقة (سيح شعيب) ببقية إخوانهما أعضاء المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة العامرة، كانت (البريمو) على الطاولة هي فيتامين (إتّحاد)!!
{ أخي المواطن (ابن الوطن) .. وأخي الوافد (ضيف الوطن).. العلمُ هذا الذي يرفرف فوق رأسك، ليس بثلاثة ألوان ولا أربعة وخمسة، إنه ينفتح على كل الألوان بلون الاتحاد الذي رحب بكل من أحب الانضمام، والشقيقتان (البحرين وقطر) كانتا من أوائل المُرحّبات (بفتح الحاء) بهما إلى تلك المائدة المستديرة (بريمو يانصيب).. ذاك يومٌ وُلد فيه الاتحاد بالشمعة الأولى للعلم، واليوم علم الاتحاد بشمعته (42) يرفرف من الخليج إلى المحيط على كل بقعة ترحب بها في عواصمها الثقافية والسياسية والاقتصادية .. فيرحب بها الاتحاد في ربوع إماراته النفطية والتجارية والصناعية والسياحية.. وما بين إمارة وإمارة أصداءٌ وأصداء لما جرى ويجري على الأمتين العربية والإسلامية من بوسنة وهرسك إلى بغداد ودمشق وبيروت والقاهرة.
{ الثاني من ديسمبر 2013 تستحضره ذاكرة كل من عايش يومه عام 1971، كيف كانت الإمارات السبع يومذاك بين رذاذات السواحل المتصالحة.. وكيف الاتحاد اليوم بفولاذات الإمارات السبعة الواحدة؟! إمارات ذات (42) شمعة اليوم، تملأ الروح بنفحات السمو والصفاء، تُعمّر حالتها ولا تُدمّر جارتها، إنها نووية لكنها وُدّية.. إنها اقتصادية مادّية.. لكنها بالزكاة والفطرة من الاقتصاد الإسلامي.. إنها سياحية لكنها أيضاً بالسياحة الدينية وبرمضانيات المنابر والمآذن ومصلّى العيد في كل مكان.. إنها تطلب التسامي عن آلامها، لكن آلامها آلام الوطن بحكم تبنّيها آلام الوطن الكبير. نعم إمارات الوطني (42) اليوم بالارتقاء، ارتقاء المسلمين والعرب.. لكن هل ارتقاء المسلمين (كل المسلمين) والعرب (كل العرب) ممكن؟!
{ إنه سؤال متوارث وقديم يسكنه غبار النفي قبل الإيجاب، لكننا بشمعة (42) الاتحادية نصرّ على إحلال جنين الإيجاب موقع النفي الموروث، بكل ما منحه روح الاتحاد من بوادر النجاح في هذه البقعة الآمنة من الوطن الحبيب الذي كثُر الحديث عن انفتاحها الرصين.. ومهما زادت ثرواته وارتقت الطاقات الإنتاجية لأبنائه علما ودراية وحضارة وثقافة، إلا أن الإمارات حافظت على روح الدين الإسلامي الحنيف في مآثرها الجغرافية والديموغرافية، وظلت بعاداتها العربية الأصيلة المزروعة في عروق أبنائها الشرعيين من التواضع والجود والكرم ونكران الذات.
{ إمارات اليوم، تذكرنا بنمر آسيوي شرس (ماليزيا) يقفز وينط على حبال السيرك الاقتصادي والتقني والسياحي والصناعي، متفرّساً في وجوه العواصم الأوروبية والأمريكتين.. والإمارات تودع الفقر والزحام والعنف دون أن تتخلى عن جوهر الروح الإسلامي الحنيف..
{ وعليه.. الشمعة الـ (42) هي لحفل فرح مادي وروحي، ولتضميد جروح إخوة لنا يعيشون الظلام دون الشموع في فلسطين العرب وقدس الإسلام.. وفلسطين موضوع الإمارات من شمعتها الأولى ولا زالت قضيتها الأولى، والحقائب الدبلوماسية الإماراتية تجاه فلسطين لا تختصر على الأوراق المختومة، بل وتتبعها أساطيل السفن والبواخر بالمعونات الاقتصادية والطبية والأكاديمية، وليس أكثر من هذا في قوى التجديد لدينا كدولة صغيرة الحجم وكبيرة العطاء.
{ ولكن يا بنيّ التجديد هو عنصر النجاح في حياتك ويجب أن يبقى.. كنا قد تعودنا على إنجاز معاملاتنا في أعوام نزلت إلى شهور ثم أصبحت أيام، وأخيراً بدأنا نسمع في الدوائر الحكومية (تعال بكره)!! ذلك لأنك يا ولدي واقف ومستعد للوقوف (24) ساعة بروح المثابرة والعطاء، ولأن مفردات قاموس العطاء عندك يُفتح بـ: (نعم) قبل (لا) إن طلبوا منك العودة للطاولة في الساعة (25)!!
{ ولدي حبيبي.. كما أرى فوق سيارتك علمٌ وفوق بيتك علم.. كذلك يجب أن تسقي باطن عقلك بألوان هذا العلم.. إنه علم التجديد في جوانحنا مع كل 2 ديسمبر في آن.. الخير وُلد مع الشرّ يا بُني!! لولاهما (الخير والشر) لما ميّزناه الخير من الشر ولا الجودة عن الرداءة.. وعليك مع كل شمعة قادمة تجاوز الرداءة والإصرار على الجودة..
{ الإماراتيون معروفون محلياً، إقليمياً وعالمياً بالسلوك الحضاري الإنساني، سلوكٌ لا هو دخيل ولا مفتعل، وإنما متوارث من ذلك الأب الرؤوم بقلب الاتحاد الذي تقبّل الجروح على البدن لإنقاذ الوطن، فما عليك إلا بنفس السلوك يا ابن الوطن، وليكن اتحادك شمعة تضيء بها الدروب العربية كلها.

{ كاتب إماراتي
رئيس مجلس إدارة مجموعة (يوني بكس) العالمية

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية