أخبار

الغوها..

} هل من جدوى لإقامة انتخابات عام 2015 إذا كانت قوى المعارضة جميعها تتخذ موقفاً رافضاً للانتخابات، ومشككاً في نزاهتها قبل قيامها، والقوى المعارضة التي تحمل السلاح، ليس من خياراتها في الوقت الراهن الانتقال لقوى مدنية؟! ولا تملك الأحزاب مالاً لمطلوبات خوض الانتخابات باستثناء (المؤتمرالوطني) وربما (الحزب الاتحادي الديمقراطي).
} كل ذلك والمفوضية القومية للانتخابات تعلن الأسبوع الماضي عن ميزانية تقديرية بتكلفة العملية الانتخابية البالغة (630) مليون دولار أمريكي، تم رفعها لرئاسة الجمهورية للمصادقة عليها وتدبير المالية لهذا المبلغ الضخم من أجل انتخابات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تحقق أي قدر من الاستقرار إذا لم تضف لحروبنا الحالية حروباً جديدة وتفتح في الجسد جروحاً أخرى، كما فتحت الانتخابات التكميلية في ولاية جنوب كردفان جرح الحرب الحالي.
} ليس من أولويات الشعب الآن انتخاب حكومة جديدة ولا نواب آخرين.. فالشعب أولوياته وقف الحرب وتحسين (قفة الملاح) وتخفيف الأعباء المعيشية التي أثقلت كاهله، والحصول على جرعة ماء نقية ودواء بمقدوره تناوله.. أما الانتخابات التي لا تغير شيئاً فإنها (ترف) مخملي لنخب وقيادات بعيدة عن هموم الشعب وآلامه. وقد كانت انتخابات ولاية القضارف الأخيرة وانتخابات الولاية الشمالية، بمثابة شهادة لصالح عزوف الشعب عن المشاركة في الانتخابات. وقد فاز “الضو الماحي” في القضارف بأقل من نصف عدد الأصوات التي حصل عليها مرشح (المؤتمر الوطني) الذي أجبر على الاستقالة “كرم الله عباس”، بينما اتسمت انتخابات الشمالية التي فاز بها الدكتور “إبراهيم الخضر” بالعقلانية وزهدت القوى السياسية في الانتخابات، وفاز من يستحق الفوز دون إهدار للمال العام.
} أن تنفق الدولة (630) مليون دولار في انتخابات نتيجتها محسومة سلفاً لهو إهدار متعمد للمال العام. الرئيس “البشير” سيخوض الانتخابات القادمة مرشحاً عن (المؤتمر الوطني)، و”الصادق المهدي” سيرفض المشاركة في الانتخابات، والسيد “محمد عثمان الميرغني” إذا خُير ما بين “البشير” وأي من قيادات حزبه لاختار “البشير”. و(المؤتمر الشعبي) لا خيل عنده يهديها ولا مال، وحزب “غازي صلاح الدين” لن ينافس في محلية بحري، وبقية القوى السياسية مجتمعة ستعلن مقاطعتها للانتخابات، بزعم أنها مزورة ومغشوشة.. قد يترشح أمثال السلطان “كيجاب” و”محمود جحا” و”منير شيخ الدين” لأغراض الدعاية الشخصية والظهور الإعلامي فقط.. فكيف تنفق الدولة من خزائنها الفارغة مبلغ (630) مليون دولار أمريكي على انتخابات محسومة سلفاً ولا تغير ولا تبدل من الواقع الراهن شيئاً؟! ومبلغ الـ (630) مليون دولار أمريكي، من شأنه تشييد طريق أم درمان بارا وتوصيل مياه الشرب النقية لسكان مدينة بور تسودان من نهر النيل وتشييد أكثر من مائة مدرسة في دارفور، وإعادة توطين نصف مليون نسمة من النازحين واللاجئين، فلماذا نهدرها في انتخابات هي تحصيل حاصل!!
} الأجدى اعتبار الفترة من 2015 – 2020 فترة انتقالية بحكومة قومية يقودها الرئيس “البشير” توافقياً، ويتقاسم (المؤتمر الوطني) السلطة مع المعارضة بنسبة (50%) لكل الأحزاب المعارضة وحاملي السلاح والاستعداد لانتخابات تجرى عام 2020، بدلاً من إهدار المال الآن في عملية انتخابية لا تغير شيئاً مما هو ماثل أمامنا.. وأي انتخابات في ظل انقسامات داخلية حادة وحرب كالتي تخيم على بلادنا الآن، لهي انتخابات بلا جدوى ولا نفع، فلندخر هذه الأموال لصالح الشعب بدلاً من تبديدها في ترف النخب وشهوة السلطة، والتجمل أمام العالم بأننا دولة ديمقراطية.. وما قيمة الديمقراطية إذا لم تنجب حكومة مدنية تحترم شعبها، وتؤدي لإيقاف طاحونة الموت التي تحصد الأرواح وتهلك الحرث والنسل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية