أخبار

محاولة لترويض المخيلة!

لم لا.. بإمكانك أن تروض مخيلتك وتمنحها فضاءات جديدة ومختلفة.. بإمكانك أن تجعل كل شيء جميلاً ورائعاً ومدهشاً أو حتى العكس من ذلك تماماً.. بإمكانك مثلاً أن تنظر للتلفاز بعد إغلاقك للصوت.. فتراه ولا تسمعه.. سترى صوراً فقط تتحرك أمامك دون أن تعرف ماذا تقول وعن أي شيء تثرثر.. اترك لمخيلتك حرية التأويل والاستماع .. يمكنك أن تجعل الأشخاص الذين يظهرون على الشاشة يتحدثون كما تريد لهم أن يتحدثوا.. أو على الأقل ستحاول المخيلة معرفة ماذا يقولون.. حتى البرامج ذات (الصراخ) الزائد عن الحد ستبدو من وجهة نظر المخيلة أكثر هدوءاً ووقاراً.. أليست في ذلك فائدة كبيرة لطبلة الأذن؟!. وأنت تشاهد الفيلم العربي دون أن تسمعه يمكنك أيضاً أن تنتصر للبطل والبطلة وتجعل الحب بينهما ممكناً.. ستلغي تماماً كل (الحوارات) المتشائمة وستزيل كل البقع التي تؤجل النهاية السعيدة.. مشكلة إيجاد (البيت أو السكن) ستصبح محلولة من وجهة نظر المخيلة وسيظهر البطل والبطلة دائماً في أجواء رومانسية خالية من جملة حوار متشائمة واحدة!
أغاني الفيديو كليب حينما تشاهدها فقط دون أن تسمعها ستشعر أنك في (سيرك عالمي).. وأن حالات القفز والنط تبدو مسلية وقد تعيدك لزمن الطفولة والشقاوة.. فقط عليك أن لا تدمن المشاهدة حفاظاً على سلامة النظر!
أما نشرات الأخبار، فالأفضل أن لا ترى وأن لا تسمع معاً لأنك لو حاولت الاكتفاء بالصورة دون الصوت لن تجيد المخيلة الكذب كثيراً وهي تتخيل نشرة إخبارية خالية حتى من مأساة صغيرة لأن كل الصور المرفقة تعكس ما هو محزن وكئيب فقط وبما لا يسمح للمخيلة كي تخرج ولو قليلاً إلى ساحات الأمل وترتدي مؤقتاً قناع الوهم كما هو الحال في بعض الأفلام والمسلسلات. ولو حاولت المخيلة الاكتفاء بالصوت فقط دون الصورة وهي تتابع نشرات الأخبار فالمسلسل سيتكرر.. وسيفضح الصوت صورة قاسية لا تراها العين ولكن تتخيلها إلى حد الرؤية!!
تدريب المخيلة تلفازياً أمر مسلٍ إلى حد ما ولا يخلو من العبث واللامعقول رغم أن العبث واللامعقول هو ما يحدث في العالم وتتكرم يومياً بنقله إلينا الفضائيات مجاناً حيث لا شيء يؤدي إلى حالة هادئة من المشاهدة اليومية إلا فيما ندر وعبر برامج استهلاكية تعزف على وتر (الطبخ) و(الموضة) و(تفسير الأحلام) وهذا الأخير يحتاج أكثر من غيره لإجراء تمارين المخيلة عليه.. لأن الأحلام يتم تفسيرها هذه الأيام بطريقة تدعو للعجب وهو ما قد يؤثر سلباً على المخيلة والذاكرة معاً.. ورغم ذلك فالأفضل أن لا تخضع برامج (تفسير الأحلام) لتمارين المخيلة، فالوهم الجميل أحياناً قد يطيل العمر وإن كان سبباً في قصر النظر!.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية