أخيره

رئيس القضاء والوزير الأسبق مولانا "دفع الله الحاج يوسف" في (ونسة) خفيفة:

الأستاذ “دفع الله الحاج يوسف”، وزير التربية الأسبق ورئيس القضاء إبان الحكم المايوي والمدير العام لمجموعة شركات المرحوم خليل عثمان، والمحامي حالياً.. يحمل الكثير من الذكريات.. حاولنا في هذا الحوار أن نتعرف على الجانب الآخر من حياته.. دراساته وزملاء الدراسة.. دول عربية وأفريقية وأوروبية زارها.. هذا إلى جانب العديد من الذكريات بـ (خور طقت) وجامعة الخرطوم..
} بدءاً.. نتحدث عن النشأة؟!
– ولدت بمدينة أم درمان (حي السوق) بمنزل يقع غرب مسجد أم درمان العتيق، وهو حي يسكنه العديد من المواطنين الذين ينحدرون من القبائل والأعراق في السودان، وكان صورة مصغرة لأم درمان.. تلقيت بدايات تعليمي الأول بخلوة مسجد ام درمان العلمي ومن ثم انتقلت إلى مدرسة الهداية التي أنشأها الشيخ الجليل عليه رحمة الله “الطاهر الشبلي”، ومنها ذهبت إلى مدرسة حي العرب ثم التحقت بمدرسة أم درمان الوسطى، وأطلق عليها اسم أم درمان الأميرية، ثم خور طقت الثانوية، ثم التحقت بمدرسة الأحفاد الثانوية ومنها إلى جامعة الخرطوم كلية الحقوق التي تخرجت فيها عام 1958م وعملت بالمحاماة بمكتب الأستاذ محمد أحمد المحجوب، ثم أصبحت شريكاً له وعملنا تحت اسم مشترك (محجوب ودفع الله المحاميان)، ووقتها كان مكتب المحجوب ليس مكتباً للمحاماة بل كان ملتقى كل ذوي الفكر والسياسة من مختلف الاتجاهات، مما أتاح لي معرفة وثيقة وصلة دائمة بمثقفي وسياسيي ذلك العهد.
} لماذا استقلت من القضاء وما هي الأسماء التي عملت معها بمكتب الأستاذ محمد أحمد محجوب؟
– مكتب المحجوب كان مدرسة عمل فيه عدد من الأساتذة، وأذكر بعد انقلاب 17 نفومفبر 1958م اتصل بي الأستاذ الرشيد الطاهر والأستاذ محمد أحمد محجوب وطلبا مني تقديم استقالتي من القضاء لأنضم إليهما بالمكتب، فقدمتها، وتفضل مولانا “أبو رنات” بقبولها.
} في مرحلة الدراسة وما بعدها لا بد أن تكون للإنسان هوايات يمارسها، فما هي الهوايات التي كنت تمارسها أنذاك؟
– النظام التعليمي في السودان كان متكاملاً، فعندما كنا في المراحل الدراسية المختلفة الرياضة كانت ممارستها اجبارية، وبحكم قربي من نادي الهلال وقتها فالهوى كان هلالياً، وكان رئيس النادي الشيخ “حمدنا الله أحمد”، وتربطنا به صلات القربى.
} ولكن لم تمارس الرياضة؟
– إلا عند الضرورة الرسمية.
} هل لديك علاقة بالبحر؟
– الأسرة كانت تحذرنا من البحر خوفاً من الغرق، ولكن عندما التحقت بجامعة الخرطوم حاولت تعلم السباحة بحوض السباحة بالجامعة.
} هل لك علاقة بالفن ومن هم الفنانون الذين سحروك بأغانيهم؟
– كنت أحب الشعر وثقافتي ثقافة أم درمانية، وكنت استمع إلى كل الفنانين وتربطني بهم صلة مودة وثيقة.. الفنان عبد العزيز داؤود وحسن عطية وأحمد المصطفى والفنان عبد الكريم الكابلي، ولا زالت الصلة بيني وبينه قائمة، والفنان التاج مصطفى.
وكنت على صلة بمؤلفي الأغاني أمثال عبد الرحمن الريح، كما كنت معجباً بشعر الحقيبة، وأعتقد أن شعر الحقيبة يعبر عن العبقرية السودانية المتفردة، ولم يكن صدى لما كان في الساحة العربية من أغان، وأحب الشعر القومي (الدوبيت)، وعندما كنت وزيراً للتربية طلبت من “محمد حجاز مدثر” أن يعد كتيباً يعرف من خلاله الطلبة بالشعر القومي، مع كتابة نبذة عن الشعراء المعروفين في هذا المجال أمثال الحردلو وود السراج وعكير الدامر، ولكن الكتيب لم ير النور.
} ماذا بقي لك من خور طقت وجامعة الخرطوم؟
– بقيت صداقات وثيقة ومودة عميقة مع كل من ارتبطت بهم، ولعل فترة تقلدي منصب رئيس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم وثقت العلاقات بيننا وبين الطلبة من كل الاتجاهات. والآن أرى تدهوراً في العلاقات الانسانية والاجتماعية بين الطلاب وأعتقد أن ذلك تخلف وردة فكرية للوراء.
} هل لديك برامج تفضل الاستماع إليها.. وما هي البرامج التي تحرص على مشاهدتها بالتلفزيون؟
– الاذاعة في وقت مضى كنت أكتب لها بعض الحلقات الاذاعية، منها حلقة عن فدوى طوقان والمرحوم يوسف مصطفى التني، وكان يشجعني في ذلك الأستاذ المبارك ابراهيم، وكنت أتلقى خمسة جنيهات عن كل حلقة.. أما سماعها فما زالت أغاني خليل فرح ومنها (عزة في هواك) تتردد في أذني. وهناك مقولة نسبت إلى سقراط قال فيها : (إذا أردت أن تغير أو تبدل في أخلاق أمة فغير أو بدل في ألحانها).
اما التلفزيون فظللت أشاهده منذ بدايته.. وكنت على صلة بالأستاذ علي شمو ولا زلت، ولعلنا من البلاد العربية الأولى التي أدخلت التلفزيون واتاحت فرصاً للمواهب السودانية للظهور عبر الشاشة.
} دول ما زالت عالقة بذهنك؟
– لقد زرت العديد من الدول العربية والافريقية والأوروبية، وأول دولة زرتها كانت “غانا”، وكانت تسمى بساحل العاج. وأذكر وقتها أني كنت في مؤتمر عندما أعلن استقلال السودان، واحتفل الطلبة الأفارقة بهذا الاستقلال احتفالاً ضخماً. أما إندونيسيا فما زالت زيارتها باقية في ذهني، فقد زرتها عام 1955م وذلك للمشاركة في أول اجتماع للطلبة الأفارقة والأسيويين، وإندونيسيا بلد جميل وبها تراث نضالي كبير، والتقينا بالشيخ عمر سوركتي وكان له فضل في نشر اللغة العربية والاسلامية، وكان “سوكارنو” من أشهر قادتها. وتلك الفترة تميزت بالأحلام الكبيرة والآمال الضخمة في التنمية والاستقرار والعمل على انشاء عالم جديد تسوده العدالة والأمن والسلام.
} أسماء ما زالت في ذاكرتك؟
– من الشخصيات الأستاذ “محمد أحمد محجوب” وكان قانونياً ضليعاً وسياسياً محنكاً وشاعراً مبدعاً وإنساناً طيباً ورفيقاً، والأستاذ مبارك زروق، وكان شخصية متفردة، ومولانا أبو رنات كان متميزاً وصاحب قدرة على إصدار الأحكام في كلمات قليلة وبأسلوب سهل ومبسط.. ومن الشعراء صديقي عزيز التوم ومختار محمد مختار ومحمد المهدي المجذوب وأستاذ الجيل “كرف”، ومن الشخصيات العامة التي كانت تربطني بها صلة الأستاذ “حسن محجوب مصطفى وداؤود عبد اللطيف.
أما من الحكام فكان الرئيس “جعفر نميري”.. وعملت معه لعدة سنوات، وكان من الشخصيات ذات القدرة على اتخاذ القرار والاستماع للرأي المخالف والقدرة على المجادلة، وكان يحترم الانسان إذ قرر قراره.
وهناك الدكتور حسن الترابي والسيد الصادق المهدي والشريف حسين الهندي، وكانت لدي علاقة خاصة بالاستاذ الراحل بشير محمد سعيد ومامون بحيري.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية