رأي

طبيب (شاطر) وآخر غبي..!!

هل من الممكن وصف طبيب ما بأنه غبي؟ والسؤال يأتي لأن مهنة الطب لا يُتأهل لها إلا عبر كلية الطب.. وهذه الكلية دخولها ليس سهلاً لأنه يجيء عبر الشهادة السودانية، وعبر دراسة مواد علمية ورياضية صعبة لا يقدر عليها كل الطلاب، ولهذا لا يمكن أن يوصف طبيب بأنه غبي لأن طلاب الطب دائماً من المتفوقين في الدراسة وتفوقوا في المواد العلمية والرياضية. لكن رغم كل ذلك هناك طبيب غبي.. والطبيب الغبي هو الذي ينشر نصف المعلومة على الناس على أساس أنها معلومة صحيحة.
مثلاً الطبيب الذي يقول للناس إن (الزهايمر) هو مرض النسيان ويسكت هو طبيب شديد الغباء، فـ(الزهايمر) صحيح أنه مرض نسيان الأسماء والأفعال، لكنه ليس النسيان المؤقت العادي، فهذا كلنا يصاب به، وقد يحدث أن تنسى اسماً تعرفه لأنك لم تلتق به لفترة طويلة، وقد تنسى أين قابلته.. هذا وضع طبيعي لأنك ستتذكره إذا ذكرك شخص به، وبهذا لا يمكن أن توصف بأنك مصاب بـ(الزهايمر).. يقولون إن هذا المرض ليس أن تنسى أين وضعت المفتاح، ولكن أن يكون المفتاح في يدك وتنسى ما هي وظيفته.. ففي هذا العصر الذي ازدحم بالبشر والأشياء من الطبيعي نسيان بعض الأشياء.
يأتي الطبيب الغبي إلى بعض الجهلة ويقول لهم إن فلاناً هذا مصاب بمرض (الزهايمر) لمجرد أنه لم يتذكر اسم أحدهم، أو أين وضع أحد الأشياء، دون أن يطلب منهم مراقبته باستمرار ليلاحظوا إن كان نسيانه من النوع الذي يمكن أن يصنف بأنه (الزهايمر)، فيتسبب في مشكلة للأسرة التي ستتعامل مع المريض باعتباره مريضاً بهذا المرض وهو في حقيقته ليس مريضاً.. قد تقولون الآن كيف يكون غبياً وقد اجتاز امتحانات صعبة جداً قبل التخرج.. وأقول: هناك من يبرع في حفظ النصوص.. وهذا النوع بإمكانه حفظ كتاب بأكمله، وبهذا الحفظ وحده ينجح في الامتحان، بل يكون من المتفوقين.
أيضاً من الأطباء الأغبياء ذلك الذي يدخن أمام جمع من الناس، الذين كان يحدثهم حتى الأمس عن أضرار التدخين، وأيضاً منهم الذي لا يرى علاجاً سوى البتر، لأن هذا الورم ما هو إلا سرطان خبيث، فيذهب إلى طبيب آخر ليكتشفوا أنه ورم عادي يمكن إزالته بسهولة بعيداً عن غرفة العمليات.. وهناك عشرات القصص في هذا الصدد، منها ذلك الذي ظهرت له حبة في لسانه، فإذا بالطبيب يؤكد له أن هذه الحبة لا علاج لها إلا بـ(بتر) ذلك الجزء من اللسان، وعليه أن يتحمل عدم قدرته على الكلام.. ويقال إن أهل ذلك المريض حملوه إلى القاهرة وهناك عند أول عيادة اكتشف أنه ورم عادي يزول بعلاج عادي، وفي خلال أيام كان المريض معافى دون (بتر) جزء من لسانه.. غباء هذا الطبيب أنه وضع احتمالاً واحداً.. ولم يبذل جهداً لمعرفة الاحتمالات الأخرى.
وهناك قصة مريض السكري الذي أصيب في قدمه بجروح فقال الطبيب لا حل إلا بـ(بتر) القدم حتى منتصف الساق، ولكن أهله عندما حملوه إلى القاهرة اتضح أن الجرح يمكن علاجه ولا حاجة إلى (بتر) القدم، وبالفعل عولجت قدمه دون (بتر). وأنا لي قصة مع هذا النوع من الأطباء.. عندما مرضت مرضي الأخير ذهب بي أبنائي إلى طبيب، وكنت أعاني من ضيق في التنفس بسبب الحساسية، وبدلاً عن إعطائي علاجاً مهدئاً طلب إجراء صور للصدر، وبعد أن جيء له بالصور طلب عمل صور ملونة.. وعندما جيء له بالصور الملونة لم يعرف ما هو المرض. وطلب إجراء تحليلات، وتم إجراء التحليلات.. كل هذا تم وأنا أعاني من ضيق في التنفس ولم يعطني أي نوع من الدواء يهدئ من المرض.. وأخيراً قرر أبنائي أننا لا ينبغي أن نواصل العلاج مع هذا الطبيب.. وبالفعل عندما ذهبنا إلى طبيب آخر عرف ما هو مرضي دون فحص أو صور، فقط بالسماعة، التي وضعها على صدري، وطلب مني أن آخذ نفساً عميقاً وكانت تلك الليلة الأولى التي أنام فيها مرتاحاً بعد أيام السهر، وأصبت بالملاريا، وأيضاً ذهبنا إلى هذا الطبيب الشاطر، وهي التي احتار فيها عدة أطباء ولكنه عرفها دون تحاليل وكتب لي العلاج.. هذا الطبيب المتواضع الذي أنقذني يسمى “حسن الصادق” وهو يستحق ذكر اسمه لأنه طبيب شاطر وصاحب خبرة طويلة.
عشرات القصص لدى كل الناس عن الأطباء الذين يعرفون نصف المعلومة ويوزعونها على المساكين، وهناك أطباء (شطار) يعرفون الداء دون فحص أو صور.
{ سؤال غير خبيث
هل بعد الآن ستقبل أي تفسير لحالتك يقوله الطبيب؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية