أخبار

الصحافيون والنقد

حضرت خطاب الفريق أول مهندس “محمد عطا المولى عباس” المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، أمام ورشة لجنة (السيسا)، بعد العاشرة من ضحى يوم (الخميس). “عطا” تحدث في كلمته عن تورط حركة العدل والمساواة في عمليات اختطاف في ليبيا، وكرر “عطا” حرفياً كلمة (اختطاف) ولم يفصل. وقد تعجبت من طريقة النقل والنشر اليوم ببعض الصحف التي زعمت أن العدل اختطفت رئيس الوزراء الليبي، نقلاً عن رواية “عطا” الذي لم يقل ذلك فى وجود رؤساء تحرير ومخبرين ومراسلي فضائيات، فخرج الحديث خلقاً آخر، ليكون بكل الأمانة سقطة مهنية مريعة، وسيكون أكثر جسامة إن بررت الصحف بأنها نقلت عن (النت)، في وجود صحفييها داخل مكان المخاطبة !
إننا إذا كنا كصحافيين وأهل رأي ننتقد المسؤولين على سوء قولهم وعملهم وتقصيرهم، من باب مسؤولية وأمانة المهنة وواجب الرقابة لصالح المجتمع، فحقيق بنا أن نكون أكثر دقة وحرصاً فيما بيننا. ولهذا لا عذر فيما جرى إلا الإهمال كخطأ أولي ثم انتهازية السبق وهذا هو المريع، حينما زاد البعض البهارات لكي يجعل لخبره طعماً ولو اقتضى الأمر، إضافة جزئية منتقاة ليست صحيحة بالطبع.
الصحافة التي صححت كثيراً من مواقف الوزراء والمسؤولين وأقوالهم، عليها الآن تصحيح نفسها حين يتم تقويض جزء من أعظم أساسيات العمل الصحفي، ممثلاً في الأمانة والمصداقية ثم دقة النقل والنشر. والأمر لا يرتبط بهفوة (الخميس) تلك، فذاك أمر يتم استدراكه بالتصحيح والاعتذار الشهير القائل، بأن هذا لم يفت على فطنة القاريء، ولكن المهم فيه الانتباه إلى بعدين في المسألة الأول الاعتماد على (النت) كمصدر لتغطية حدث، والثاني الجنوح للإثارة والتي لم توجد تكفل البعض بإضافتها دون التقيد بأي محددات أخرى لضبط حجم تلك الإثارة، أو حتى مواءمتها مع الحدث والقول.
ويبدو لي والله أعلم أننا في صحافتنا المحلية بحاجة إلى (نقد ذاتى) نترفع فيه عن شح الأنفس، الذي يجعل كل تصويب ونصح مشروع معركة، إني لأحس بأننا انصرفنا كثيراً عن ضوابط مهنية يتم خرقها يومياً، وأقرب الأمثلة ما حدث سابقاً أيام قضية الشهيد “محمد طه محمد أحمد” رئيس تحرير (الوفاق)، حيث أحسست أن بعض الأقلام بدت وكأنها تستفيد من تلك التغطية، بقدر خرج مرات كثيرة إلى ما يمكن تسميته انتهازية مهنية، هادفة للسبق الصحفي بأي وسيلة وغرض، وحتى في حادثة الزميلة الراحلة “نادية عثمان” الأخيرة بدا لي أن البعض يبكي نهاراً ثم يجلس آخر اليوم في تقديم القصة كحادث مثير، يملك فيه تفاصيل إضافية وخاصة لدرجة أن بعضهم قدم المتسبب في الحادث بكونه طبيباً مشهوراً وأستاذاً جامعياً. ولست أدري ما علاقة هذا بالحادث الأليم الذي وقع في (الخوجلاب) قضاءً وقدراً، وليس تعمداً لتكون وظيفة الجاني ذات دلالة ومعنى.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية