دردشة على الهواء .. مع (بائع الهواء)!!
في أم درمان (الثورة العاشرة)، تجده بقامته المديدة ولونه الأبنوسي وهو يحمل في يديه كتاباً أو صحيفة، ويضع نظارته وهو منهمك في القراءة، كما قد تصادف كوباً من القهوة يرتشفه بين الفينة والأخرى، ولا يقطع عليه هذا التواصل إلا صوت أحد أصحاب العربات التي توقفت عند بنشره، وصاحبها يصيح (هواء يا معلم)!!
} العودة إلى سنار
يقول المعلم “صديق إدريس يوسف” إنه ولد في عام 1961م في (سنار) القديمة وترعرع هناك وتزوج وأنجب ستة أطفال، أكبرهم الآن في الخامسة والعشرين من العمر، وأن أسرة زوجته من (الجزيرة أبا) التي يذهب إليها في عيد الفطر، أما في الأضحى فإنه يعود إلى (مكوار) كما قال..
} الحب الأحمر
ويمضي المعلم “صديق” في تقليب أوراق عمره مع (المجهر) ليضيف أنه عندما شبَّ عن الطوق، أراد أن يحضر للعاصمة، ويلعب لفريق (المريخ) الذي أحبه ولا يزال، ولكن شاءت الأقدار أن لا يوفق في ذلك ويعمل في بنشر لبيع الهواء للناس، ويتنقل في العمل ما بين الخرطوم، بحري، أم درمان، سنار ، كوستي.. ومن ثم (العراق) التي عاد منها بعد حرب الخليج الثانية.
} ما أدونا شيء!!
وعبر (المجهر) أطلق المعلم “صديق” عتابه الشديد للجنة العائدين، حيث لم يتسلم للحظة أية تعويض.. فقط (الهواء) الذي بدوره أصبح يبيعه للناس، فصار كمن قال:
أنا المأساتي ما بتتقال
أساسك في غنم إبليس
أبيع فيها الألف بريال!!
} أسعار الهواء
ويفيدنا المعلم “صديق” أن الأسعار في متناول الجميع، حيث يبلغ سعر الهواء للكفرات (5 – 10) جنيهات، والرقعة عشرة جنيهات، ومعالجة البطاريات خمسة، وأنه أحياناً يقوم بملء الهواء مجاناً خدمة للزبائن وعابري الطريق.
} دورة كتب
ولم يتوانَ المعلم “صديق” عن إظهار شغفه الشديد بالقراءة والاطلاع، وذكر بأنه بين الزبون والزبون فإنه يخرج كتاباً أو صحيفة ليقرأها، مما أضعف نظره، وجعله يرتدي نظارة سميكة تجعل البعض يسخر منه قائلين: (إنت بتاع بنشر ولا دكتور)؟!!
} في كلمات
سألنا ضيفنا أسئلة إجاباتها في كلمات..
– أفضل كتاب قرأته: (البؤساء) لـ”فيكتور هوجو”.
– أفضل مطرب: “الكابلي”.
– صحفي مميز: “الهندي عز الدين”.
– أفضل لاعب: “هيثم مصطفى”.
– أفضل رئيس نادي: “جمال الوالي”.
– مطربة شابة: “أسرار بابكر”.
} هواء قبل الوداع!!
وقبل أن تذهب (المجهر) بعيداً أصرّ المعلم “صديق” على مراجعة كفرات عربة (المحرر) وملأها مجاناً، قبل أن يهدينا قصيدة صاغها في مدح “جمال الوالي” رئيس (نادي المريخ).
وهكذا تركنا (زولنا)يواصل عمله وسط بعض الاحتجاجات: (ما يلا يا معلم) وما يزال بيع الهواء مستمراً!!