تقارير

التأمين الصحي ……قرارات مرتقبة بإلزاميته بقوة القانون

هل هي محاولة للتهرب من العلاج المجاني؟
تقرير – فاطمة عوض
عثرات كثيرة واجهت تجربة التأمين الصحي خلال الحقبة السابقة وانتقادات وعدم رضا من كثير من المواطنين، بما يؤشر أن مشروع التأمين الصحي  لم يقدم حلولاً جذرية ومؤكدة لمسألة تقديم الخدمات الصحية وتأثيرها على المواطن  واقتناعه بها.
وفي الآونة الأخيرة عاد التأمين الصحي لحيز التنفيذ على المستوى الاتحادي والولائي وتصدر الأحداث من خلال تصريحات العديد من المسؤولين والتي تتمحور بشكل خاص، حول تعميم تجربة التأمين الصحي في العاصمة والولايات، وإلغاء العلاج المجاني وإلزام كافة المواطنين بالدخول تحت مظلته. ويثير الكثيرون تساؤلاتٍ حول ما إذا كانت التجربة السابقة للتأمين الصحي جديرة كمشروع أن تعمم، وهل إذا نجحت في الولايات ستنجح في الخرطوم وما هي ضمانات توفير خدمات طبية مستمرة للمواطنين، في ظل ارتفاع أسعار الخدمات الطبية وارتفاع أسعار الدواء. تلك كانت استفسارات مواطنين استطلعتهم (المجهر) لمعرفة آرائهم حول استبدال العلاج المجاني بالتأمين الصحي. ولم ينكر المواطنون الخدمات التي يتلقونها عبر بطاقة التأمين الصحي وصرف روشتات العلاج بربع القيمة، إلا أنهم توجسوا خيفة من عدم استمرار المشروع والتزاحم لإيجاد الخدمة خاصة في المستشفيات والمراكز التشخيصية التي تحدد عدداً  معيناً من المرضى ولا تستوعب أعداداً كبيرة .
وقال والي ولاية الخرطوم الفريق أول ركن “عبد الرحيم محمد حسين”، إن هناك آثاراً سالبة على التأمين الصحي بسبب العلاج المجاني، مما أدى لتهرب الكثيرين من التأمين. وأكد أن حكومته بصدد إصدار عدد من القرارات والموجهات الداعمة لإلزامية التأمين الصحي حسب القانون الذي أجيز مؤخراً ورفع مذكرة للحكومة الاتحادية بالآثار السالبة للعلاج المجاني على التأمين الصحي، باعتبار أن التأمين الصحي أثبت أنه أفضل صيغ العلاج التي تم تطبيقها حتى الآن. ووجه والي الخرطوم هيئة التأمين الصحي بإعداد مصفوفة بالإجراءات الإلزامية بخدمات التأمين الصحي ورفعها لمجلس وزراء الولاية لإجازتها، وربط هذه الإجراءات بمعاملات القطاعات المستهدفة كوزارة الصناعة والمعتمدين بربط منح التراخيص والسجل التجاري بالتأمين الصحي، جهة ضمان تغطية العاملين بالتأمين الصحي وإيصال خدماته لكل المواطنين داخل الولاية. وكشف عن اتجاه لإجراء مراجعة شاملة للعلاج المجاني وبرر الهدف من إلزامية التأمين بأن الخرطوم بها العدد الأكبر من الفقراء، باعتبارها ذات كثافة سكانية عالية ما يعادل (25%) من سكان السودان. ووصف التأمين الصحي بأنه أكبر مظلة حماية اجتماعية لتخفيف أعباء المعيشة والحياة قائلاً: إن فاتورة العلاج غير متوقعة وتسبب خللاً للنظام المالي للأسرة. وأضاف قائلاً: نريد أن نؤمن للأسرة مستوى حياة مستقرة خاصة لأخواتنا (الماسكات) وزارة المالية في البيوت حسب وصفه .
وأكدت وزيرة الرعاية الاجتماعية “مشاعر الدولب” أن نسبة الفقر تمثل (26%) بولاية الخرطوم وأن أكبر عدد من الفقراء في السودان يوجدون بولاية الخرطوم، ومع ذلك فإن خدمات الصحة والتأمين الصحي بولاية الخرطوم أفضل من بقية الولايات. وقالت إن التحدي الذي يقف أمام التأمين الصحي أنه حتى الآن محكور في القطاع المنظم للعاملين بالدولة والمعاشيين والأسر الفقيرة، أما غالبية السكان فهم خارج نطاق التغطية .
ونوهت إلى أن نسبة التغطية السكانية على المستوى القومي بلغت (39%) معظمها من العاملين بالدولة الذين وصل عددهم مليون وخمسين ألف أسرة مؤمنة بينهم (490) ألف أسرة مؤمنة من ديوان الزكاة  و(400) ألف أسرة فقيرة بتمويل من الحكومة خلال هذا العام. وكشفت عن تحديات تواجه المرحلة القادمة تتمثل في تغطية القطاع غير المنظم (القطاع الخاص). وقطعت بأن المرحلة القادمة ستشهد إنزال قانون التأمين الصحي على أرض الواقع لتحقيق  التغطية الشاملة لكل المواطنين، بعد إجازة السياسة التمويلية  للخدمات الصحية، داعية  إلى المضي قدماً  في إنفاذ السياسة التمويلية بين وزارة الصحة وكافة الشركاء، مطالبة بتعميم تجربة ولاية الخرطوم في مشروع الأيادي البيضاء لكل ولايات السودان مع تفعيل المسؤولية الاجتماعية لرعاية الفقراء، والتي قالت إنها لا تكتمل إلا بدور المجتمع ومساهمته الفاعلة والكبيرة في تعزيز قيم التكافل والتراحم .
ودافع بروفيسور “مأمون حميدة” وزير الصحة بالولاية بشدة عن مشروع التأمين الصحي. وطالب بضرورة أن تصل خدماته لكل مواطن. وأضاف نحن حققنا الانتشار الجغرافي وعلينا أن نعمل جادين لتحقيق جودة الخدمات الطبية المقدمة عبر التأمين الصحي .
وأكدت وزيرة التنمية الاجتماعية د.”أمل البيلي” ارتفاع تغطية التأمين الصحي بولاية الخرطوم إلى (69%). وقالت إن الولاية أحرزت المركز الأول في التغطية حتى الآن بنسبة (69%) وهناك فئات تمت تغطيتها بنسبة (100%)، وهي طلاب الخلاوي والأسر البديلة والأيتام، وأن هذا العام نستهدف الريف والقابلات. وقالت إن أكبر تحدي يواجه التغطية الشاملة المخطط لها أن تكتمل في العام 2020م هو توفير التمويل اللازم .
وقال مدير عام هيئة التأمين الصحي د.”عمر حاج حسن”، إن الخدمة تقدم الآن عبر (400) مؤسسة علاجية بحيث تكون لحامل البطاقة أكثر من خيار لتلقي العلاج، مشيراً إلى أن أكبر تحدي يواجه تجويد الخدمة هو ارتفاع أسعار الخدمات الطبية .
وأكد مدير الصندوق القومي للتأمين الصحي د”طلال الفاضل المهدي”، وجود اتجاه لمراجعة الأداء في إطار تحقيق التغطية الشاملة 2020م والمتابعة والتقييم. ونوه إلى المكاسب الكبيرة التي تحققت والمتمثلة في إجازة   قانون التأمين الصحي وسياسة تمويل الخدمات الصحية، وإدخال (400) ألف أسرة جديدة في مظلة التأمين الصحي، خلال هذا العام بما يعادل (2) مليون مواطن، وإنفاذ مشروع إدخال الأطفال دون سن الخامسة في مظلة التأمين الصحي بولاية شمال كردفان، بما يعادل (17%) من مجتمع ولاية شمال كردفان، لإحداث تغيير في نظم شراء الخدمة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية