رأي

كيف نزيد الإنتاج الزراعي؟!

أجمع المشاركون في مؤتمر خفض تكاليف الإنتاج الزراعي على السياسات والخطط التي تساعد في النهوض بالقطاع وحل ضائقة الزراعة، مطالبين بضرورة انتهاج مبدأ التحفيز الذي يشجع على خفض تكاليف الإنتاج. أ. هـ.
من أقوى الأسباب لافتقاد سلعنا لقدرتها التنافسية ارتفاع تكلفتها، إضافة إلى أسباب أخرى، ويكفي أن نعرف أن كيلو الموز الذي يصل من أمريكا الجنوبية يكون سعره أقل من سعر كيلو الموز السوداني الذي يقع على بعد ساعات من مراكز الاستهلاك في دول الخليج.
حبوبنا الزيتية أعلى في أسعارها من الحبوب الأمريكية رغم بعد المسافة، السبب يعود إلى أننا نستخدم وسائل إنتاج عالية التكلفة، كما أن العامل السوداني ذو إنتاجية ضعيفة، وهذا أحد أقوى أسباب ارتفاع التكلفة.. الأرقام تظهر حقائق غريبة، منها أن المساحات المزروعة في السودان ليست كلها منتجة، بمعنى أننا قد نزرع عشرة أفدنة، لكن الإنتاج لا يساوي ما ينتجه فدان واحد فقط، والسبب في رأيي أنه ليس لدينا المزارع الذي ترتبط حياته بالزراعة ويتابع كل كبيرة وصغيرة.
كان المزارع في الولاية الشمالية مرتبطاً بالحقل، لكن ما إن ظهرت الكهرباء والمنازل الحديثة في المدينة حتى اتجه معظم المزارعين للإقامة في المدينة لأنه لا يجد في قريته الكهرباء والماء الصحي والتعليم المتواصل لأبنائه، واللوم في هذا يقع على الدولة لأنها لم تتح للمواطن وسائل حياة حديثة وهو في قريته بعكس الوضع في أوروبا، لذا فالمزارع الأوروبي لا يغادر قريته لأن كل وسائل الحياة الحديثة متوفرة في أي مكان، كما أن وسائل المواصلات بين المدينة والقرية سهلة، والأمن منتشر على كل الطرقات.. إذن لابد من تغيير وجه الحياة في القرية ونقل حياة المدينة إلى القرية لنضمن استقرار الناس فيها، وبالتالي ارتباط المزارع بأرضه وسعيه المستمر لتطوير وسائله.. وإذا وفرنا للمزارع حياة مستقرة يمكننا بعد ذلك محاسبته على الإنتاج.
هناك مشكلة أخرى وهي عدم مشاركة كل المساحة في الإنتاج، لأن الناس اعتمدوا على الآلة التي تهتم بالمساحات الكبيرة والصغيرة، لهذا فإن إنتاج فدان القمح بالجزيرة هو نصف إنتاجه في مصر أو أي بلد آخر، وليس السبب مناخياً كما يردد البعض.. وهناك الكثير من الأراضي متروكة بوراً لأن أصحابها لا يقيمون في القرية، بل اختاروا المدينة للسكن.. كنت أتمنى أن يقترح المؤتمر وسيلة لجعل المزارع السوداني أكثر إنتاجية بزيادة الرقعة الزراعية.. لقد كان المزارع في الشمالية في الماضي يستخدم الساقية والشادوف لري المساحات البعيدة لكنه أهمل هذه الوسائل مع توفر الوابورات الحديثة، والآن شيء عادي أن تجد مساحة كبيرة غير مزرعة أو لا يصلها ماء الري.. لماذا لا يتم إنتاج مضخات صغيرة تكون مهمتها ري مناطق صغيرة ويتم تحفيز المزارع بشراء كل المحصول منه دون الالتفات إلى سعره، لأن الهدف جذب المزارع للعمل في الزراعة وهجر الوظيفة والإقامة في المدينة، وذلك لا يكون إلا بتوفير وسائل الحياة الحديثة في القرية.. ويجب التأكد أن من يمتلك مزرعة باسمه يمارس فيها الزراعة بالفعل. ويجب على الجمعيات الزراعية نشر الأرقام الحقيقية للإنتاج، ومنح المنتج حافزاً يغري الآخرين بالانجذاب للزراعة، ولابد من شراء السلع الزراعية بأسعار عالية، وتسهيل الحصول على الآليات الزراعية بالتقسيط.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية