نعم .. منبطحون!!
} الشعب الذي ينفق على شراء الصحيفة جنيهاً ونصفاً، خصماً على راتبه الضعيف ومصدر دخله المتواضع، يرتقب ويأمل ويتطلع لصحيفة تعيش قضاياه، وتخاطب المستقبل وتضيء دياجر الظلام الذي تتخبط فيه النخب والساسة حتى أوردوا بلادنا المهالك، وساموها العذاب، واشتعلت الحروب في الأطراف، وتعمقت حتى وسط بلادنا.. القارئ لا ينتظر من الكاتب تزكية نفسه والاعتداد برأيه والمباهاة بحسبه وسلطته وقبيلته، بقدر ما ينتظر الرأي الذي يضيء عتمة الطريق، والتحليل المفضي لنتائج تعين على المسير، والخبر الذي يكشف ما وراء الأشياء.
} الأخ المهندس “الطيب مصطفى” يقرأ ما يكتبه هو ومنسوبو تياره من العنصريين بعين الاعتدال، وينظر لنفسه داعية حرية وديمقراطية ومساواة وعدالة وفق الشريعة الإسلامية السمحاء.. ونحن نقرأ للطيب مصطفى الرافض للتفاوض مع قطاع الشمال والجبهة الثورية وحركات دارفور، الذي يعتبر التفاوض تنازلاً لا يليق بدولة المدينة الحديثة، وأن الحرب تليق بنا نحن أهل السودان.. علينا حزم البطون وامتشاق السلاح وخوض المعارك ضد أنفسنا حتى نفنى.. أو نحقق انتصاراً على أنفسنا!
} من يرفض الحرب ويدعو للتفاوض والسلام عند “الطيب مصطفى” متخاذل (منبطح).. ومن يركب معه في قطار دعاة الحرب بطل ولو كان في الحروب نعامة ربداء تجفل من صفير الصافر.. والحرب يا أخي “الطيب مصطفى” مزقت أحشاء شعبنا، وجعلت الحرائر (مشردات) في المدن يحترفن صناعة الشاي في الأسواق، وتفشت الأمية وسط الشباب والأطفال، ومات الناس بالمئات برصاص التمرد، وأغلقت في جبال النوبة وحدها (285) مدرسة أساس وأربع مدارس ثانوية، وبلغ عدد اللاجئين من جنوب كردفان وحدها في ولاية الوحدة وأعالي النيل نحو (400) ألف لاجئ.. وبات رجل كان مجاهداً في الصف الإسلامي مثل “عامر الأمين بريمة” وحينما انقسم المؤتمر الوطني إلى نصفين ذهب في معية شيخ الحركة الإسلامية د. “الترابي” وفقد وظيفة في بنك السودان.. بات (يعيش على القَوى)، وسرقت السجون والمعتقلات نضارة شبابه.. فكفر بكل شيء وانضم للحركة الشعبية، وأصبح مديراً لمصرف الجبال وهو من أبناء لقاوة، والعشرات من الإسلاميين والأنصار والشيوعيين دفعتهم الأحقاد للانضمام للحركة الشعبية، التي لولا رجل قبع في غياهب سجون دولة طويلاً اسمه “تلفون كوكو” لفازت بمنصب الوالي في جنوب كردفان.
} لهذه الأسباب وغيرها ندعو للتفاوض مع قطاع الشمال ومع الجبهة الثورية وحركة العدل والمساواة، وتشجيع رجل الأعمال “صديق ودعة” الذي ينفق من ماله الخاص في أسفاره وترحاله من أجل إسكات صوت البندقية. و”الطيب مصطفى” من أجل الدعوة للحرب يقيم المنابر والأبواق الإعلامية، لتسبح ليل نهار بأنشودة الموت ونشر الأحقاد والضغائن بين أبناء وطن يسعى بعض منا لتمزيق ما تبقى منه، بدعاوى الجاهلية ودغدغة مشاعر الناس بالإسلام والشريعة، وهم يسكنون القصور ويضاربون في سوق العقارات، ويسترخون في ماليزيا وتركيا.. والشعب البائس المسكين الفقير ينتظر رحمة السماء.
} من أجل المشردين من “أبو كرشولا” نقف مع التفاوض، ولكن هل “الطيب مصطفى” وحزبه فكر يوماً في زيارة ضحايا أبو كرشولا ومؤاساتهم على جراحهم النازفة.. وأكثر من (31) ألف من ضحايا أبو كرشولا الذين أخرجهم التمرد من ديارهم بغير حق يفترشون الثرى في مدينة الرهد بشمال كردفان؟! هل حدثتنا أخي المهندس “الطيب مصطفى” عن موقفك من هؤلاء، وحزبك يقيم الأسابيع الصحية والأيام العلاجية وله الشكر على اهتمامه بالفقراء في الخرطوم، ولكن أين انتم من أبو كرشولا والدندور؟! هل مات الإحساس بهؤلاء الناس؟!