شورى (الوطني) أم شورى (الحركة)؟!
} في اجتماعه الأخير، ناقش مجلس شورى (الحركة الإسلامية) قضية (تجميد) عضوية والتوصية بـ (فصل) قادة التيار (الإصلاحي) بحزب (المؤتمر الوطني)، الذين دفعوا بمذكرة لرئيس الجمهورية إبان الاحتجاجات الأخيرة وأحداثها المؤسفة، بعد تنفيذ قرار رفع الدعم عن (المحروقات)، طالبوا فيها بإلغاء القرار، وإجراء معالجات سياسية واقتصادية أخرى تتصدى لها الحكومة والحزب.
} حسب البيان الختامي الصادر من مجلس الشورى فإن الاجتماع أيد المساعي (الفردية) لبعض قيادات (الحركة الإسلامية) للحوار مع مجموعة الإصلاحيين وإعادتهم للحزب والالتزام بخطه السياسي.
} وفق ما تسرب من اجتماع (الشورى) – الذي لا أرى مبرراً موضوعياً لعقده في (العيلفون) بشرق النيل كما كان يحدث في سنوات سابقات – كانت كل الأمور تدار فيها بسرية مطلقة، تجاوزها الزمن، وأفرغتها ثورة الاتصالات والمعلومات، وانكسار حواجز (التنظيم) المغلق، والدليل على ذلك ما تناقلته الصحف عن عميق ما دار في ذلك اللقاء. ووفق ما تسرب منه، فإن الاجتماع كلف لجنة خماسية يرأسها الأمين العام للحركة “الزبير أحمد الحسن” للاتصال بمجموعة (الإصلاح) وإعادتهم للصف، وهو ما سماه البيان الختامي تشجيع المبادرات (الفردية) للحوار مع أولئك الأعضاء وإعادتهم لصف الحزب.
} لكن ما يحيرني ويدهشني جداً هو تدخل مجلس شورى (الحركة الإسلامية) في قرار اتخذه المكتب القيادي لـ (المؤتمر الوطني) مرفوعاً بتوصية لمجلس شورى (الوطني) وليس مجلس (الحركة)!!
} غير أن مجلس شورى (الحركة) ناقش الأمر وأفتى فيه قبل مجلس شورى الحزب (الوطني)!!
} صحيح أن الحركة الإسلامية هي التي من رحمها خرج (المؤتمر الوطني)، ولكن الأصح أيضاً أن لكل كيان مؤسساته ونظامه الأساسي وهياكله وعضويته التي لا ينضوي الكثير منها في الحركة الإسلامية.
} الفريق أول “بكري حسن صالح” – مثلاً – هو الآن نائب الأمين العام للحركة الإسلامية، ولكنه طوال السنوات العشرين الماضية ما كان بإمكانه أن يكون (عضواً) – دعك من (قيادي) – في المؤتمر الوطني، بسبب انتمائه للمؤسسة العسكرية، وكذلك الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين”.
} مجلس شورى المؤتمر الوطني لم يجتمع إلى اليوم، لحسم الجدل حول قرار المكتب القيادي بتجميد وفصل عدد من أعضاء الحزب، وإصدار الحكم النهائي في التوصية، فما الداعي لتدخل مجلس شورى الحركة الإسلامية، حتى ولو كان بذات الأسماء والعضوية، في قرار مجلس شورى الحزب؟!
} يبدو أن (الدرب راح) لجماعتنا في (الموية)، فصارت كل الأمور (جايطة) ومتداخلة، (الحركة) مع (الحزب) مع الحكومة!! المكتب القيادي للوطني يشبه الهيئة القيادية للحركة، والقطاع السياسي يشبه لجان المجلس الوطني!! وقطاعات مجلس الوزراء تشبه اجتماعات لجان الرئاسة العليا، وهلمجرا..!!
} الأغرب والأعجب أن مجلس شورى (الحركة)، الذي أوصى باسترجاع (المجمدين) والمرشحين لـ (الفصل)، لم يقرر في أمر يخصه هو، وكان أولى بالإفتاء فيه وتوضيحه في بيانه الختامي وهو: هؤلاء الأعضاء (المجمدون) ما زالوا يتمتعون بعضوية شورى (الحركة الإسلامية)، أم أنهم (مجمدون) في (الحركة) أيضاً وفق توصية المكتب القيادي للحزب؟! وهل توصية المكتب القيادي للحزب تسري على مجلس شورى (الحركة)؟! بالتأكيد: (لا).
} إذن لماذا منع السيد “حسن رزق” والسيدة “سامية هباني” من دخول مقر اجتماع (العيلفون)؟!
} إذا كان المنع بسبب أن قضيتهم موضوع الأجندة، فكان الصحيح دخولهم وحضورهم النقاش في الأجندة الأخرى، وعندما يحين وقت الجند الخاص بهم، يطلب منهم مغادرة القاعة، أليست هذه هي الإجراءات الإدارية والتنظيمية المعروفة؟!
} وما زال السؤال مرفوعاً لمجلس شورى (الحركة الإسلامية): هل جمدت (الحركة) عضوية “غازي” و”رزق” و”صلاح كرار” و”سامية” وآخرين.. أم لا؟ ولماذا سكت البيان الختامي عن هذا السؤال؟!
} عام هجري مجيد.