شهادتي لله

(النو) الجديد .. هدية وملاحظات

} زرتُ بعد منتصف الليل، حوالي (الواحدة) صباح أمس، مستشفى الطوارئ والإصابات الجديد التابع لمستشفى (النو) بالثورة الحارة الثامنة. الزيارة كانت بترتيب من الأخ الدكتور “معز حسن بخيت” مدير الإعلام الناطق باسم وزارة الصحة بولاية الخرطوم.
} عندما قرأتُ أن والي الخرطوم الدكتور “عبد الرحمن الخضر” افتتح قسماً للحوادث بمستشفى (النو)، ولأنني أعرف هذا الصرح جيداً، فقد ظننت أنهم بنوا (غرفتين) أو (عنبرين) إضافيين بالمشفى القديم الذي يعاني كثيراً من المشكلات، من ناحية المباني، ومن ناحية المعاني!
} غير أنني، والشهادة لله، دُهشت حقاً وأنا أتجول داخل هذا المستشفى الجديد، الذي يقع على الناحية الشرقية من المبنى القديم، ويرتفع لطابقين على مساحة كبيرة قد تجعله أكبر مستشفيات الطوارئ بالسودان وأحدثها.
} المبنى شيد على مستوى راق من الأرضيات، ابتداء من البوابة الخارجية، وإلى صالات استقبال المرضى، نعم (صالات) وليست (غرفاً)، وانتهاء بغرف العمليات التي استجلبت لها أحدث أجهزة الجراحة والتخدير.
} جهاز التخدير المزود بـ (مونتير) لمساعدة اختصاصي التخدير على قراءة الحالة، واتجاه الأنبوب داخل فم المريض، هل يذهب إلى (البلعوم) والجهاز الهضمي، أم إلى (القصبة الهوائية)، هذا الجهاز الذي كتبت عنه قبل نحو عامين، وهو غير متوفر بمعظم مستشفيات الخرطوم (العامة) و(الخاصة)، موجود الآن بغرف عمليات مستشفى طوارئ (النو)!
} المستشفى يضم أكثر من (سبعين) سريراً، هذا بخلاف أسرّة الانتظار لساعة أو ساعتين، التي يمكن أن يتلقى عليها المرضى المحاليل الوريدية، والأكسجين للمصابين بنوبات (الأزمة) وغيرها.
} هناك (14) غرفة بالطابق الأرضي، ومثلها بالطابق العلوي، تحوي كل غرفة سريرين، وقد وجدنا أطباء الامتياز وبعض العموميين يتابعون الحالات بعد الواحدة صباحاً.
} بالمستشفى معمل حديث بتقنية عالية، قد لا تتوفر في كثير من المستشفيات (الخاصة)، وكان يداوم به (4) فنيون لحظة زيارتنا.
} هناك غرفة خاصة لمرضى (الأزمة) مزودة بأسطوانات الأكسجين، غير أن وردية (الليل) يعمل بها (فني) واحد، بينما المعروف أن حالات (الأزمة) تداهم المرضى – غالباً – في ساعات (الليل) وليس (النهار). مثل هذه الغرفة لم تصادفني في كثير من مشافي السودان.
} غرفة الأشعة تضم جهازاً حديثاً، وكان يداوم بها (فني). وللأمانة ومن تجربتي في مستشفى (النو) القديم باعتباري من سكان مدينة (الثورة)، أشهد بأن فنيي الأشعة كانوا الأكثر انضباطاً ودقة في الأداء.. لا أدري لماذا فنيو الأشعة بالذات، كما أنني ألاحظ أنهم في كثير من العيادات أكثر ثقافة واطلاعاً من (بعض) الأطباء.. ولا أدري لماذا.. أيضاً..!!
} بالمستشفى أجهزة للموجات الصوتية ورسم القلب، وكلها منشؤها في “اليابان”.
} تتوفر صيدلية بالطابق الأرضي، تعمل (24) ساعة لخدمة الطوارئ.
} غرف العمليات بالطابق العلوي أحدث تجهيزاً من مستشفات شهيرة بالخرطوم، هكذا بدا لي من الهيئة العامة، فضلاً عن توصيف أطباء المستشفى، علماً بأنني رأيت غرف عمليات بمستشفيات (مصرية) وفي دول أخرى، ومن بينها مستشفى (القصر العيني) حيث خضعت لعملية (منظار القولون) بتخدير كامل أكثر من مرة.
} غرف العناية المكثفة تضم (عشرة) أسرة، خمسة بالأرض ومثلها بالطابق الأول، وهي تفوق في حداثتها غرف العناية بمستشفيات (الزيتونة) و(فضيل) و(الفيصل)، وبالتأكيد (الخرطوم) و(الشعب) و(أم درمان).
} باختصار، مستشفى (النو) الجديد للطوارئ، هدية ثمينة من والي الخرطوم الدكتور “عبد الرحمن الخضر” ووزير الصحة الدكتور “مأمون حميدة”، غير أنني أبدي الملاحظات التالية:
} لم أصادف طبيباً عمره (أربعون) عاماً في هذا المستشفى في تلك الساعة، ولا في أي مستشفى آخر، وهذا يعني عدم وجود (نواب اختصاصيين) وبالتأكيد لا أمل في وجود (اختصاصي) إطلاقاً في ساعات الليل بأي من مستشفيات الخرطوم (الخاصة) أو (العامة)!!
} فريق العمل الذي يضم أطباء (عموميين) و(امتياز) صغار السن أقل من (ثلاثين عاماً)، تعوزه خبرة (إدارية) لتسيير العمل وضبط الإيقاع والمتابعة في مستشفى قد تبلغ تكلفته أكثر من (عشرين) مليار جنيه.. (هذه تقديراتي الخاصة).
} هذه المستشفيات تحتاج إلى تعيين إداريين أصحاب (خبرة) و(أمانة) و(كفاءة)، وفي تاريخ (الإنقاذ) تجربة (الأمين العام) للمستشفى، ويكون في منزلة بين المدير العام والمدير الطبي.
} أخشى في غياب إدارة واعية وحريصة تتابع – في (ورديات) – مستوى النظافة وتأمين الأجهزة، والمكيفات.. خزانات المياه والنقالات، وكافة المنقولات، والسايفون و(المنهولات)، بالإضافة إلى التجهيزات الطبية من هواء وأدوية ومعينات أخرى.. أن نزور مستشفى (النو) فائق الحداثة بعد (ثلاثة شهور) لنجده عبارة عن (كوشة).. (منهولات) ضاربة و(خزانات موية) مسربة، ومكيفات متعطلة، ونقالات معطوبة، وروائح كريهة، كما هو الحال في بقية مستشفياتنا العامة.
} في مدخل المستشفى يجلس عساكر من (الشرطة) عند (كاونتر) تسجيل المرضى، ولا ضرورة لوجودهم في هذا المدخل، تحديداً، مراعاة لحالة المريض النفسية، لأنه يفترض أنه في مستشفى راق، وليس قسم بوليس. التأمين مهم، ولكن يمكن إدارته دون حاجة إلى ظهور لافت، أما تقييد أرانيك (8)، فيمكن تخصيص غرفة محددة للشرطة للإجراء، على أن يتكفل باستقبال المرضى شباب وشابات، يشبهون طاقم شركة (كومون) في صالات كبار الزوار بمطار الخرطوم. (قضيت عشرة أيام في “دبي” فلم أرى شرطياً في الطريق العام، ولا دورية شرطة إلا مرة واحدة، وكانت تابعة للمرور أوقفت سيارة مخالفة).
} هذا صرح عظيم، لكنه سيلحق بمستشفى أم درمان والخرطوم و(النو) القديم، إذا لم تحسن الوزارة إدارته، كما يحسن مُلاك مستشفيي (الفيصل) و(فضيل) إدارتهما على مدار الساعة.
} أمام ولاية الخرطوم فرصة ذهبية لتطبيق (سستم) إداري جديد ومختلف في هذا المستشفى، ليكون (قاعدة) لكل المستشفيات الحكومية، وإلا (فيا خسارة المليارات)!!
} شكراً “عبد الرحمن أحمد الخضر”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية