قتلة باسم الطب..!!
توقفت منزعجاً مرتبكاً أمام تصريحات الدكتور “يوسف موسى” مدير إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة بوزارة الصحة بولاية الخرطوم التي كشف فيها عن إغلاق نحو ست وخمسين عيادة وثمانية مستشفيات، بينها خمسة إغلاقها نهائي، إلى جانب سحب الرخصة من ثلاثة مشافٍ لمخالفات لضوابط العمل، كما تم اتخاذ إجراءات جزائية تجاه أكثر من ثلاثين مستشفى خاصاً، وجُمد العمل بأربعة مستشفيات خلال عطلة عيد الأضحى المبارك، ثم أتت المصيبة الإضافية بالقول إن السلطات ضبطت ثمانين زجاجة دم فاسد وأدوية منتهية الصلاحية!!
من يقرأ هذا الخبر سيحمد الله لأنه سليم، وسيكون شاكراً لرب العالمين ولو كان كسيحاً وأعمى وبه صمم، فكلها ابتلاءات أفضل وضعاً من تعرض المرء لحالة تستدعي نقله إلى هذه الجزارات المسماة مستشفيات وعيادات، وآمل أن تتواصل شفافية السلطات المختصة فتخبرنا بما صنعت بملاك ومديري هذه المواقع المخالفة، لأن هذا شروع في قتل مباشرة، وتعمد لإزهاق أرواح الناس بالتشخيص الخاطئ واقتراح العلاج غير المناسب، إلى جانب تحويلها الإنسان ليكون مجرد (هيكل) عربة في موقع للخردة ومواقع (التشليع).
ثم ما حكاية (الدم الفاسد) هذه؟ وهل هو مستخلص من دم حجامة أم أن المصيبة أعظم لكونه دماً ملوثاً بأمراض ما؟ ليكون من حق المواطن التساؤل لو أن أحدهم اكتشف لا قدر الله أنه قد أدخل عليه دم حامل لمرض فما هي الحيلة؟ وما هي الخيارات لا سيما أن تفاصيل الخبر لم تتحدث عن مراجعات في شأن هل خرج جزء من هذا الدم إلى مستشفيات أخرى أم أنه كان دماً محفوظاً للعرض؟؟!
هذه تفاصيل مخيفة ومزعجة ولا يجب السكوت عنها من جانب ولاية الخرطوم والدكتور “عبد الرحمن الخضر”، الذي سيلاحظ وهو (بيطري) أن المخالفات في قطاع صحة الحيوان قد تكون أقل نسبة من صحة الإنسان، وتمتد المسؤولية من قبل ومن بعد للدكتور “مأمون حميدة” ليرى الناس ما يصنع بهؤلاء المخالفين الذين سيكونون قد تحولوا إلى مجموعة من القطط السمان، لأن الدخول في العادة لتلك المواقع يتطلب اشتراطات مادية قاسية وعالية التكلفة لدرجة أن بعض المشافي الخاصة ترفض تسليم الجثامين والمراحيم إلا إذا دفع أهلهم الفدية عن يد وهم صاغرون، وإلا فإن الفقيد سيبقى في ثلاجة المشرحة إلى حين السداد على ما يبدو.
إنني كمواطن أطالب بمحاكمة هؤلاء المخالفين وليس فرض عقوبات إدارية ضدهم، فأرواح السودانيين أغلى من أي شيء آخر، وقد قالت الحكومة على لسان كبار مسؤوليها من قبل أيام قصة (النفط) وتجاذبنا مع الجنوب و(الجبهة الثورية) قولاً في هذا السياق والمعنى، ونطلب منها الآن تأكيد ذلك في هذه القضية، فالقتلة فيما يبدو لا يقتلون في (أبو كرشولا) وحدها، هناك قتل في المستوصفات والعيادات من مؤسسات ومستثمرين كذابين يزعمون أنهم ينقذون الحياة بينما هم يسوقون الموت الذي يشتريه الناس بأموالهم.
نطالب بالقصاص والجزاء الصارم، ولا حاجة لنا بعقوبات إدارية من شاكلة لفت نظر وغض بصر!!