حوارات

وزير البيئة بدولة الجنوب "عبد الله دينق نيال" لـ (المجهر):

وجدت زيارة رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” إلى جوبا في الثاني والعشرين من شهر أكتوبر 2013م اهتماماً كبيراً من قبل رئيس حكومة الجنوب “سلفاكير ميارديت” وكل قياداتها، باعتبارها مؤشراً جديداً ودفعة قوية لبناء علاقات متينة بين البلدين، بعد أن شابت العلاقات في الفترة الماضية اضطرابات وعدم ثقة؛ مما أثر في مناخ تلك العلاقات، وعلى هامش الزيارة التقت (المجهر) بواحد من القيادات الجنوبية، الذي يتمتع بعلاقات طيبة مع قيادات الإنقاذ، وكان من أوائل الذين تقلدوا مناصب وزارية في حكومة الإنقاذ في بداياتها، فقد شغل الأستاذ “عبد الله دينق نيال”- ضيفنا في هذا الحوار- منصب وزير الإرشاد، ومن ثم والي ولاية النيل الأبيض، وعند المفاصلة كان في صفوف المؤتمر الشعبي، فترشح لمنصب رئيس الجمهورية في انتخابات 2010م، ورغم وقوفه في جانب الشعبي، ولكنه يتمتع بعلاقات حميمة مع المسؤولين في المؤتمر الوطني. عقب الانفصال غادر إلى جمهورية مصر العربية واتخذ منها سكناً له ولأسرته التي ما زالت موجودة هناك، واحتفل الأيام الماضية بزفاف كريمته الكبرى بمصر، إلى أن تم تعيينه وزيراً للبيئة.. تناول الحوار جوانب مختلفة منها المتعلقة بزيارة رئيس الجمهورية ونظرته لها، والعلاقات بين الشمال ودولة الجنوب، والنهضة التي يشهدها الجنوب الآن بعد الانفصال، هذا إلى جانب العديد من الأسئلة.. فنترك القارئ مع إجابات الأستاذ “عبد الله دينق دنيال”.
} ما هو شعورك وإحساسك الآن وأنت بدولة الجنوب، هل كل جسدك وقلبك أصبح في الجنوب، أم أن هناك جزءاً ما زال في الشمال؟
– لقد نشأت كل عمري في ظل دولة، كل وجداني وإحساسي كان فيها، وما زلت ثقافياً ووجدانياً مع الشمال، ولكن الآن بعد الانفصال لابد أن نقبل بالأمر الواقع، ولكن ليس معنى ذلك أنني انفصلت وجدانياً واجتماعياً وعاطفياً، فأنا ما زلت ارتبط بعلاقاتي القديمة فإما أن يكون لي صديق دراسة أو جار في السكن، فنحن كنا تحت مظلة واحدة.
} ما زال القلب والعقل مع الشمال؟
– بالتأكيد، ولكن الذين سيكونون غرباء هم الأجيال الذين سينشأون في ظل الدولتين.. ولكن القديم سيظل يحمل الوجدان والعاطفة والود تجاه هذه البلد التي كان يتمتع فيها بعلاقات اجتماعية واسعة وصداقات حميمة.
} هل تعتقد أنَّ ما تم انفصال سياسي؟
– نعم فهو فصل سياسي إداري، ولكن اجتماعياً ووجدانياً وثقافياً لا أعتقد أن هناك فصلاً في ذلك.
} كيف تنظر إلى العلاقات بين الشعبين بعد الانفصال؟
– لا أعتقد أن هناك خلافاً في العلاقات بين الشعبين، فهي علاقات طبيعية أو من المفترض أن تكون هكذا، فالعلاقة بين الشمال والجنوب يفترض أن تكون في مستوى الوحدة الضعيفة وهي موجودة في الأربع حريات.
} ما هي؟
– حركة التنقل وحرية التملك وحرية العمل ما عدا الحرية السياسية، ولكن الحريات الأربع تكفل لكل طرف من الشعبين في الدولة الأخرى ممارسة تلك الحريات، وأعتقد أن هذا مستوى عالٍ جداً من التكامل.
} ما هي نظرتك للجنوب الآن بعد الانفصال؟
– الطائر إذا أطلق من القفص يشعر بالحرية ويستمتع بها، لذلك الناس هنا يحسون بأنهم أحرار في ممارسة حياتهم، وهذا يعطيهم شعوراً بالعزة والكرامة، ولكن مازالوا يحتاجون إلى السودان، ونحن نؤكد أنه لا فكاك بين الجنوب والشمال وسنظل نتكامل، ولا مستقبل لشمال السودان بدون الجنوب، ولا مستقبل لجنوب السودان بدون الشمال، إلا بالتكامل لمصلحة الشعبين، ولقد ظللت أردد ذلك كثيراً.
} ماذا عن التنمية التي حدثت الآن بالجنوب؟
– الآن كثير من مدن الجنوب حدث فيها تحول وتطور كبير جداً، فمن زار الجنوب قبل فترة والآن سيلاحظ تحولاً وتطوراً كبيراً قد حدث، ولكن ما زال الجنوب ينقصه الكثير في البنية التحتية ما بين الولايات، مازال التعليم ينقصه الكثير، ومازال الآن التلاميذ خارج دائرته؛ لذلك ينتظر الجنوب كثيراً من العمل في البنيات التحتية، وما زال المشوار طويلاً، فنحن ما زلنا نحتاج لشمال السودان في كل المجالات.
} هل الأمن مستتب بالجنوب الآن؟
– مازالت الاحتكاكات قائمة بين بعض القبائل، وهي تشكل بعض الاضطرابات، وهناك جيوب من التمرد مواطنون جنوبيون متمردون على الحكومة؛ مما يؤثر كل ذلك في عدم الاستقرار، ولكن في الغالب يوجد أمن واستقرار.
} دولة الجنوب تعتبر دولة مقفولة ويقال إنها اتجهت إلى الدول المجاورة كيوغندا وكينيا، فهل هذا يعني أنها سوف تعتمد عليها؟
– نعم الجنوب دولة مغلقة، ولذلك هي في حاجة للانفتاح على الدول المجاورة لها، فهي الآن تتعاون أو نتعامل مع كينيا ويوغندا، لكن تعاملنا مع الشمال تعاون خاص، فهذه دولة خاصة وتختلف تماماً عن تعاوننا مع أي دولة أخرى، وحسب ما ذكرت لك فنحن لن نستغني عن الشمال أبداً، وبيننا أطول حدود تقدر بألفين كيلومتر، وهناك ملايين من البشر يقدرون بعشرة ملايين حسب تعداد أصحاب الشأن الذين يتابعون القضايا السكانية، فنحن ليس لدينا خلاص أو فكاك من الشمال، وكذلك الشمال ليس له خلاص أو فكاك من الجنوب، وليس لدينا مستقبل إلا أن نتعاون ونتكامل مع بعضنا بعضاً.
} ذكرت الانفصال سياسي وإداري فهل تتوقع أن تعود الوحدة بين البلدين يوماً ما؟
– نعم الانفصال سياسي، ولكن مازلنا ثقافياً ووجدانياً واجتماعياً مرتبطين ببعضنا بعضاً، ومازلنا نخطئ الآن عندما نقول السودان لا جنوب السودان، حتى المسؤولين والوزراء يخطئون في ذلك، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أننا مازلنا مع الشمال، فلم ننفك عنه تماماً، وليس مستبعداً أن تعود الوحدة بين البلدين، وفي دنيا البشر كل شيء ممكن، فإذا توافرت الظروف والمناخ، فكل شيء عندما تتكامل الظروف يحدث.
} بعد الانفصال هناك تخوف من دخول إسرائيل إلى الجنوب، إلى أي مدى صحة ذلك؟
– في ظل الألفية الثالثة، العالم لا أصفه بقرية بل غرفة، وأنت داخل الغرفة تستطيع أن تتصل بكل العالم، ولا أحد في العالم يدعي أنه لن يتأثر أو يؤثر فيه، فقضية التدخل أصبحت خلف الناس، لأن بالوسائل الحديثة ووسائل الاتصال وترابط العالم أصبح هناك تدخل بأشياء كثيرة، فالحديث عن التدخل أصبح ثقافة قديمة.
} ما الذي فقدته على المستوى الشخصي بعد الانفصال؟
– فقدت الكثير بعد الانفصال، فقدت الوجدان والعاطفة، فقدت أيام الصبا والذكريات والأصدقاء، ولكن نظراً لتوفر وسائل الاتصال مازالت علاقاتي بالزملاء والأصدقاء متصلة، ولكن بالتأكيد الإنسان فقد معظم الأرضيات.
} هل بدأتم النهضة الآن؟
– نعم، وإذا استطعنا وقف كل الجيوب الأمنية والاحتكاكات سوف تتسارع النهضة بصورة واضحة جداً، وسوف توظف كل الإمكانيات البترولية من أجل الإنتاج الزراعي والحيواني والصناعة المرتبطة بالزراعة، ولكن الهم الأمني الآن يشغل الناس؛ فلذلك انتبهت الدولتان إلى المسألة الأمنية لأن ذلك يعطل التنمية والخدمات للمواطنين في البلدين، فالمشاكسات وعدم الاستقرار هذا يؤثر في نهضة الدولتين.
} هل زيارة رئيس الجمهورية “عمر البشير” إلى جوبا ستخلق واقعاً جديداً بين البلدين؟
– بالتأكيد، زيارة الرئيس “عمر البشير” إلى جوبا لها انعكاس إيجابي في العلاقات بين البلدين، والعلاقات بين الجنوب والشمال علاقات خاصة، ولها خصوصية بين الدول.. ولذلك فإن تلك الزيارة سوف تعطي دفعة إلى الأمام نحو الأهداف.
} هل تقدمت شركات أجنبية للمساهمة في عملية البناء بالجنوب؟
– هناك شركات بسيطة، وأنت تعلم أن رأس المال جبان، فإذا أحست الشركات أن هناك حروباً وصراعات ومشاكل فلن تخاطر بمالها، فالنهضة التي تراها الآن هي بسيطة وحسب الإمكانيات المتاحة، فالاستقرار سيؤدي إلى الازدهار والرفاهية.
} ما زلت تشاهد وتتابع التلفزيون بالشمال؟
– بالتأكيد، وأحرص على متابعة نشرة العاشرة، كما كنت أفعل من قبل.
} وما زلت تشجع المريخ؟
– نعم، وجمال الوالي رئيس طوالي.
} وفي جانب الفن والغناء؟
– بفضل الأطباق الفضائية أشاهد كل القنوات السودانية.
– لمن تستمع؟
– منذ زمن بعيد كنت استمع إلى “الجابري” و”سيد خليفة” وما زالت صوت السماء التي يتغنى بها “سيد خليفة” تهزني، وسبق أن طلبتها في برنامج (ما يطلبه المستمعون) خلال حقبة السبعينيات، وأستمع إلى “كابلي” و”وردي”، وأستمع إلى الحقيبة والمدائح النبوية.
} ما الذي تتمناه مستقبلاً؟
– أتمنى للشعبين في الشمال وفي دولة الجنوب الرفاهية، وأن تكون لكل دولة مواردها التي تساهم في تنميتها ونهضتها، بعيداً عن المعاناة التي عانوا منها عندما كانوا وطناً واحداً، مثل الحروب التي خلفت مناخاً لم يساعد على الأمن والاستقرار؛ لذلك أتمنى لهما العيش في أمن وسلام واستقرار ورفاهية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية