«حسن أبو سبيب» .. شهادة السقوط حول مشاركة الاتحادي الأصل!!
الشيخ “حسن أبو سبيب” نائب الأمين العام لهيئة الختمية للدعوة ظل على الدوام يفجر الآراء المكتومة ويخرج النصائح الغالية من السراديب بلا تردد وخوف، فهو لا يهتم بالشعارات الرنانة والمجاملات المبسترة، حيث تقوم مدرسته على تطبيق الأسلوب المباشر والرأي القاطع دون مخادعة وتدليس.
في اللوحة المقطعية، وصل مولانا “حسن أبو سبيب” إلى منصب عضو الهيئة القيادية للاتحادي الأصل بعد أن قطع شوطاً كبيراً على حبل مشدود في دهاليز الحزب، وقد كان من أوائل المؤسسين لتنظيم الحركة الإسلامية، لكنه ترك أسوارها بعد خلاف مشهود مع الدكتور “حسن الترابي”، وبذلك تتأطر مقومات المصادمة والمحاججة في شخصية “أبو سبيب” منذ مرحلة ريعان الشباب.
من الناحية الواقعية يصف الكثيرون الشيخ “أبو سبيب” بالعالم الصوفي الغارق في تعاليم الدين والمعالم الوضاءة.. فضلاً عن ذلك، هو واحد من رموز أم درمان، حيث يوجد في حي العرضة مسجده العتيق وصالونه الشهير، قصة الشيخ “حسن أبو سبيب” مع مشاركة حزبه مع الحكومة الحالية تتراءى على نموذج مختلف ومغاير، فقد كانت آراؤه في رفض الدخول للسلطة الأكثر شراسة وغلظة على نطاق قيادات حزبه، كأنما الرجل استلهم من دواخله مكنونات لا يعرفها أحد غيره حول جدوى التلاقي مع المؤتمر الوطني.
كان “أبو سبيب” جريئاً إلى حد مخيف وهو يرسل الإنذارات والمخاوف والنصائح بين الفينة والأخرى إلى منسوبي حزبه، يحذرهم من مغبة الدخول في قطار السلطة، وها هو يعلن الآن تناقض فكرة التآخي والمشاركة والفائدة الثنائية بين الذئب والحمل، ويستبعد حدوث أية منافع وثمار للاتحادي الأصل من كيكة الوهم، وبالفعل لم يخيب المؤتمر الوطني ظن “أبو سبيب” حيث لم يجد دستوريو الاتحادي الأصل سوى السراب وشيء من عطر اللائحة الدستورية، وقد مشى في طريق “أبو سبيب” الأستاذ “علي نايل” الذي اشتهر بالدفاع عن مولانا، والمحامي “هشام الزين” الذي عُرف بمناطحة الإنقاذ في البدايات، علاوة على فعاليات الحزب بأم درمان.
لقد كان فيتو منسوبي الاتحادي الأصل حيال المشاركة كثيفاً ابتداءً من القواعد، مروراً بالفعاليات، وصولاً إلى القيادات.. فالشاهد أن قوة التأثير الرافض لجلوس الاتحادي الأصل والمؤتمر الوطني في مركب الحكم، كانت تحمل دلالات عميقة وإيقاعات ضاربة في كبد الحقائق، وأمامنا التوصية الجامعة برفض المشاركة من الهيئة القيادية في اجتماع جنينة السيد “علي” الشهير في الأيام الفائتة، وكيف أن الفريق مهندس “عبد الرحمن سعيد” نائب رئيس اللجنة القيادية ذكر في شجاعة متناهية أن المؤيدين لدخول الحكومة من الاتحادي الأصل لا يتجاوز الـ(8) قيادات فقط، واللبيب بالإشارة يفهم!!
في المشهد السيريالي، يُرى “أبو سبيب” في إشارات واضحة للوسائط الإعلامية فقد ذكر لجريدة (الحرة) بتاريخ أمس 30 أكتوبر الجاري أن حزبه ينفذ برنامج المؤتمر الوطني من خلال قطار المشاركة.. إنها شهادة السقوط على وجود الاتحادي الأصل في السلطة من رجل لا يكذب ولا يناور، وقد يتأطر توصيف “أبو سبيب” إلى ملامسة نظرية السايس والحصان.. فهل تدحرج حزب الوسط الكبير إلى هذا الدرك السحيق؟! وقد يكمن سحر “أبو سبيب” في أنه أطلق جرس الإنذار العاتي في اللحظة الخاطفة، حيث توجد على منضدة مولانا في عاصمة الضباب توصية جنينة السيد “علي” التاريخية، فماذا يفعل الرجل؟ والواضح أن طلب “أبو سبيب” لم يكن شيئاً مستحيلاً مثل إرجاع اللبن إلى الضرع، بل نفخ الرجل في العروق الجافة على أرائك السائل اللزج حتى تنساب حبات المسبحة إلى المنتهى المطلوب!!
كان الشيخ “حسن أبو سبيب” عالماً ومدركاً بأحوال وخصائص إخوان الأمس من ناحية الأفكار والطباع والمنهج، لذلك كان على النقيض من تحالفهم مع حزبه.. ومن يمن الطالع أن قيادات الاتحادي الأصل التي كانت في الضفة الإخوانية، “علي محمود حسنين” و”حاج ميرغني عبد الرحمن” و”حسن أبو سبيب” والمرحوم “تاج السر منوفلي” و”حسن شبو” ظلوا جميعاً يرفضون المشاركة مع المؤتمر الوطني باستثناء الأمير “أحمد سعد عمر”!! هكذا أطلق مولانا “حسن أبو سبيب” رؤيته الخطيرة التي تعكس أن مشاركة الاتحادي الأصل تقوم على تطبيق برنامج حزب الأغلبية الحاكم، ولا شك في أن هذه الرسالة العميقة جاءت على طبق من الشفافية والمباشرة والقوة الذاتية لتكون ترياقاً في وجه الغيبوبة، فالثابت أن “أبو سبيب” لا يريد لحزبه أن يدخل بيت طاعة المؤتمر الوطني كما قال الإمام الصادق ويبيع هويته وألقه في هذا الزمن البائس.
بوركت.. الشيخ “حسن أبو سبيب”.. كم يحتاج الاتحادي الأصل إلى صرخة ضمير أخرى؟!