أخبار

الأنسب والمناسب

فكرة الإصلاح والتقويم لأي حزب ومجموعة سياسية تتخذ فائدتها عند القائمين عليها وجيد طرحها وثمارها إن ظلت في إطار وداخل أبنية الحزب المعني بالمسألة، بمعنى أن إيجابية الأمر نفسه تتبدى بإصلاح ما هو مظنة عطب، ولهذا سيكون الدكتور “غازي صلاح الدين” والكرام معه أحسن حالاً إن هم تمسكوا بأطروحاتهم في إطار الجماعة، فطالما أنهم يقصدون الخير ويرومون ممارسة صحية للعمل السياسي بمؤسسية مرتبة وأطروحات غايتها السلامة للوطن والحزب، فلا أظن أنهم على المدى البعيد وربما القريب خاسرون، بل العكس فإن صفهم قد يتسع وحشدهم، طالما أنهم لا يمارسون نشاطاً يهدم، أو يأتون بمنكور مطلب.
إنَّ الاتفاق على مشروع حزب جديد لن يكسب الصف الوطني إلا مغاضب آخر، فقد خرج من عباءة الإسلاميين والاتحاديين وحزب الأمة والشيوعي كثير من الذين قالوا إنهم أهل إصلاح وتجديد، وانتهى الأمر بأغلبهم إما بالعودة إلى الفرع الرئيسي الذي خرجوا منه، أو في أحسن الأحوال تأسست منابر وأحزاب يكون لها بريقها الذي سرعان ما يخفت، فكم من رجل نابه ونبيل انتهى به الأمر إلى الجلوس أمام تل أفكاره وتصوراته الرصينة، وظل الحال في كل الأحزاب على ما هو عليه مما نعلم.
مجموعة الإصلاحيين – أو الدعاة لذلك – بقيادة (غازي) ومن معه لا يبدو أن لهم مشكلة مع (الرئيس)، وكذا الحال مع غالب أوساط قواعد المؤتمر الوطني، ففي ذروة جدل هذه القضية حسب ما علمت فقد التقى “غازي” الرئيس “البشير”، وفي وسط لجة مياه نقاشات المذكرة ولجنة المحاسبة ظلت المجموعة المعنية بهذه الإجراءات محل قبول كتلة عظيمة من عضوية الحزب الحاكم، وبهذا فإن الخروج لتأسيس كيان جديد وحزب يفقد هذا التيار وبضربة واحدة مكانه عند “البشير” ووضعيته بين قواعد الحزب الكبير، وقطعاً فإنَّ هذه خسارة لا أظن أنَّ وزنها بموازين التقدير والاعتبار قد يفوت على فطنة أشخاص بقامة “حسن عثمان رزق” أو “الدعاك” أو “العتباني” نفسه.
أنا قد أبحث عن مشتركات تجمعني بتيار الإصلاح، رؤية واقعية أو أمنيات أو وقائع أحسها، وسيكون سهل عندي أن أبحث تلك الروابط واختبرها، طالما أن الإصلاحيين في نطاق تواصلي الحزبي والتزامي، إذ لن يكون في الأمر حرج، ولكن القفز إلى خارج السياج سيملأ المسافة بين موقفي وموقف الآخر في الإصلاح، بتقديرات سيغلب عليها التشاكس الحزبي وولاء الانحياز للجماعة، مما يجعل إمكانية النظر في المشروع الآخر بموضوعية إمكانية ضئيلة وخافتة الأضواء كثيرة العتمة، ولن يخسر حينها المؤتمر الوطني لأنه سبق واختبر خروج ومنافسة من هم أكبر قوة وتنظيماً ممثلين في المؤتمر الشعبي الذي انتهى به الأمر والشيخ “الترابي” ليكون محض عنصر مزعج، ولكنه غير قاتل !
على أي حال بالتوفيق لغازي إن ذهب أو بقي، وإن كان الخيار الثاني هو الأنسب والمناسب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية