رأي

مبادرة الإصلاح الشامل

} تكرر الحديث عن مبادرة للإصلاح الشامل يقودها نفر من السياسيين ورجال الدين، وأقول لو صح هذا الكلام فإنها اختارت التوقيت المناسب.. ونأمل أن تجد الآذان الصاغية لأنها الفرصة الأخيرة لإصلاح سلمي شامل يمنع كل محاولات الانقلاب والإصلاح بالقوة. فقد ثبت أن الإصلاح بالقوة لا يصلح في السودان بأعرافه المتعددة وقبائله الكثيرة ذات اللهجات المتعددة واللغة الواحدة.
} لم ينشر أي شيء عن هذه المبادرة ولكني أستطيع أن أتخيل إطارها العام.. وهي بالتأكيد وضعت تصوراً لحكم السودان لا يسمح لجماعة أو عرف بالانفراد بالسلطة.. وفي نفس الوقت لا يترك إحدى الجماعات بعيدة عن السلطة بسبب قلة عددها أو ضعفها.
إذن المبادرة لابد من قيامها لخلق جو من الحريات العامة مع الحرص أن يكون ذلك لمصلحة جماعة أو فئة سياسية، وهذا لا يتحقق إلا ببسط الحريات السياسية بحيث يكون لكل فرد الحق في التعبير عن آرائه من خلال حزب أو جماعة وليس قبيلة.
 } لا شك أنها معضلة إعادة الناس إلى جو الحريات العامة.. فقد يفهم من ذلك أن كل شيء أضحى مباحاً.. ولهذا ينبغي ألا نقلق لو فوجئنا بتنظيمات تنادي ببسط البهجة وأخرى تطالب بإباحة شرب الخمور.. فنحن نعرف أن مجتمعنا لن ولا يقبل ذلك ولنترك الجميع يتنافسون بحرية وسيبقى في النهاية ما ينفع الناس وغيره سيتلاشى. يجب ألا نقلق من كثرة التنظيمات في البداية أو تطرف بعضها.. لكنها في النهاية لن تجد من الأصوات إلا ما تستحق بالفعل.. و(ما تستحق) قُصد بها صندوق الانتخابات حيث يعطي الناس أصواتهم في حرية. كنا في يوم من الأيام نتعايش مع أسرة أحد أبنائها يفخر بانتمائه لـ(الحزب الشيوعي) وينادي بالماركسية، بينما شقيقه يدعو للتوجه الإسلامي.. فماذا حدث؟ في النهاية ساد التفكير العقلاني.
} اجتماعياً واقتصادياً، لا أعتقد أن مجتمعنا يمكن أن يقبل نظاماً اشتراكياً بالطريقة الصينية، لكنه لا يرفض نوعاً من الاشتراكية تكون الدولة فيه مسؤولة عن قوت الشعب وعلاجه وتعليمه، فنحن لم نصل إلى مرحلة الاقتصاد الحر بالطريقة الأمريكية، حيث يفيض الإنتاج عن حاجة الناس والمنافسة الحرة تؤدي إلى هبوط الأسعار، فبلادنا تفتقد إلى البنية الإنتاجية، كما أنها ليست لها طبقة رأسمالية تمتلك وسائل الإنتاج، ويجب أن تؤكد المبادرة على مسؤولية الحكومة عن الفقراء، كما ينبغي عليها أن تربط كسب المواطن ومكانته بما يكسب لا بمكانته ومكانة أسرته، وهذا يتطلب المساواة بين كل المواطنين في الحقوق والواجبات.
} يجب أن تضع المبادرة ضمانات أن التنظيمات لا تقام على أسس جهوية أو قبلية، وهذا يتطلب تقوية الأحزاب التقليدية وإعطائها من أسباب القوة ما يمكنها من اجتذاب الناس، فهذا وحده يمنع سيادة الفكر المتطرف والعنصري أو الجهوي.. ولا مكان لتنظيم يقول إنه جاء لخدمة جهة ما أو قبيلة أو عرق، سنؤيد المبادرة لو اشتملت على كل ذلك.
} سؤال غير خبيث
إذا عادت الأحزاب.. فهل نتوقع ظهور حزب البهجة؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية