جوائز شركات الاتصالات
} لا خوف على السودان إلا من بعض الذين ظلوا على الدوام يعبثون على سطح الواقع من خلال تصريحات أصابت معظمنا بالتخمة والاستحياء والملل. ولعل المشاهد يتبين الإفادات والفتاوى التي ربما باتت تتشكل حسب الأمزجة والأهواء الشخصية، لأن الإسلام الذي يتحدثون عنه بعيد من هذه التصريحات التي يتحفون بها الشعب السوداني المسكين.
} درجت شركات الاتصالات المختلفة على تحفيز المشتري وترغيب المستهلك من خلال حوافز تشجيعية متعارف عليها عالمياً، في إطار حملات التسويق التي تسعى للوصول إلى غايات وأهداف الشركات المنتشرة والمتنافسة فيما بينها، ولعل التنافس الشريف بينهما قد انعكس إيجاباً على المواطن من خلال نهضة كبيرة في عالم الاتصالات بعد حياة متأزمة في السابق والماضي القريب؛ لذلك فإن فرحة الأمهات والرجال في البرامج المعروضة طوال أيام العيد منحتنا إحساساً بالأمل، وعشنا معها لحظات سعيدة شاركنا من خلالها أسراً لم نعرفها، ولم تربطنا بها أية روابط عرقيه أو اجتماعية، ولكنها توثقت بالأحاسيس الصادقة التي تبين عظمة هذا الشعب والحنية التي تجمع أبناءه.
} زغاريد الأسر في برامج شركات الاتصالات وحكايات الشهد والدموع تبين أن الشركات قد تجاوزت عمل التسويق، ودخلت عوالم البحث الاجتماعي، وذلك من خلال الروايات التي استمعنا إليها عبر الهواتف وعلى الهواء مباشرة من امرأة كادت أن تنام في الشارع مع أبنائها بسبب عجزها عن سداد الإيجار، وآخر معاق يعاني الأمرين في كيفية استمرار الحياة، والسيدة التي باتت تعيش الكفاف في حياتها بسبب مرض زوجها، وغيرها من الألم والحزن والقصة التي وقفت في الحناجر، وعادت من جديد مع أصوات الفرح القادم.
} ما تم في الفترة الفائتة من قبل شركات الاتصالات عمل كبير وضخم لم تتمكن وزارة الشؤون الاجتماعية من القيام به في إطار حملاتها التي تستهدف مجموعة وتغيب من بعدها لشهور، في ظل شد وجذب مع وزارة المالية وإصلاحاتها الاقتصادية؛ لذلك فإن فتوى السيد النائب البرلماني “دفع الله حسب الرسول” لا تستحق أن ننصت إليها أو نتعامل معها، خاصة أن سيادته قد شارك في تمرير قروض عبر البرلمان تشوبها شبهة الربا، فهل كلف نفسه أن يعارض أو يبدي وجهة نظره الدينية التي أراد أن يطلقها في مكان محدد للفت النظر إليه، كعادته في أي قضية؟!
} (القمار) الذي يتحدث عنه النائب البرلماني في مضاربات السوق وفي بعض المرابحات البنكية، وفي بعض التجارة الخارجية، وفي (الكسر) الصيغة المتفق عليها في سوق الله أكبر، وفي دعومات الخارج والقروض التي دخلت البلاد لإنشاء الشركات والمباني والمؤسسات وغيرها؛ لذلك فإن تشجيع شركات الاتصالات لمشتركيها بتسجيل بياناتهم وتحفيزهم حتى لا تكثر الجرائم في الشبكات المختلفة كما هو معروف، لن يكون حراماً والله أعلم، خاصة أن الفتاوى ينبغي أن تصدر من شخصيات نثق في أطروحاتها الدينية وتصريحاتها المسؤولة.
} لذلك لا بد من إعادة النظر في هذا الإيقاف غير المبرر، وأعتقد أن البلاد فيها ما يجعلكم تتحركون لشهور وتتجادلون لسنوات، ولكن بعيد عن فرح الغلابى ورزق الفقراء وحظ المساكين.
