رائد المسرح المتجول «عز الدين كوجاك»..تجربة (تحت المجهر)
منذ أكثر من عشرين عاماً ابتكر الفنان “عز الدين كوجاك” المسرح المتجول الذي بدأه في (عربة كارو) بأرض المحنة (الجزيرة)، جاب به القرى والمدن ليقدم المسرح الهادف للمواطنين بجهد ذاتي، ولم تنتشر فكرته إلا أخيراً بظهور مسرح (عربة الدفار) في ولاية الخرطوم قبل سنوات، ومن ثم سلسلة (دراما على الهواء) التي تقدمها قناة (الشروق).
“عز الدين كوجاك” فنان جادت به مدينة (ود مدني) التي قدمت الكثير من المبدعين، لكنه لا يعرف كيف يروج لفنه وإبداعه في الإعلام رغم دوره في تقديم لونية جديدة ومبتكرة في المسرح. كانت ضربة البداية لتجربته الأولى حينما قدم أول مسرحية بمسرح النزيل بسجن (ود مدني) تحت عنوان (لنا قضية) من تأليف النقيب آنذاك “بدر الدين ميرغنى” في العام 1984م، وقدم “كوجاك” تجربة من قبل في كل من سجن (كسلا، بورتسودان، أم روابة، الأبيض) وسجن النساء بـ(ود مدني) وسجون (الرصيرص) و(الفاشر) و(نيالا) وسجن (كوبر) بالخرطوم بحري، ويرى “كوجاك” أن مسرح النزيل وجد المشاركة والتفاعل، لكنه تحول منه لمساحة أكبر اتساعاً بتأسيسه فرقة المسرح المتجول.
وحسب فلسفة “كوجاك” يرى أن للمساجين حقاً في الوقوف على تجارب المسرح (أبو الفنون) وهو رسالة وأصالة وحضارة وإحساس بالإنسانية يعكس ويعالج هموم الناس، ويبدو أن الرجل مهموم بقضايا المجتمع، إذ يسعى إلى المساهمة في تنويره وتثقيفه رغم الإمكانات الشحيحة المتاحة أمامه، حيث لم يتلقِ أي دعم أو رعاية من الجهات المعنية بأمر المسرح والثقافة.
يقول “كوجاك” إن فرقة المسرح المتجول التي أسسها ويرأسها تقوم بدور كبير في معالجة الظواهر السالبة وتشارك في ترقية الذوق العام والهجمة على الحضارة السودانية وتأثير العولمة على المجتمع والغزو والاستلاب الثقافي، وأكد لـ(لمجهر) أن النكات التي تقدمها ما تسمى (فرق الكوميديا) لا تعالج قضايا المجتمع، بل توسع فوهتها وتزيد من تعقيداتها بسبب السخرية على القبائل والأعراف والشخوص، وقال إن المسرح هو (أبو الفنون) ويستطيع أن يقدم الفن الموضوعي، وإذا لم يستطع تسليط الضوء على مشكلات وأمراض المجتمع، فهو ليس مسرحاً راقياً بل تهريجاً.
ويقول إن المسرح المتجول يقوم على الوجود في كل المواقع والمساحات ويصل للجمهور في مكانه، كما أنه يقوم من غير ديكور أو تجهيزات المسارح المعهودة، بمعنى أنه مسرح دونما تكليف وتصنع مبني على الفكرة والمواقف والمعالجات بعيداً عن النكتة المسطحة ونكات القبائل، ويتناول الهموم والقضايا في جرأة تامة في قالب مقبول، ويضيف: الفلسفة وراء (مسرح الكارو) إيصال المسرح للجمهور خصوصاً وأن الجمهور محجم عن دخول المسرحيات.
وعن تجاربه يقول الفنان “عز الدين كوجاك” إنه قدم عدداً من المسرحيات منها (الفن في مقابر الحكومة)، تناولت مشاكل المعاشيين وما بعد المعاش (الخسر اللوي ما بصلحو)، هذا مسرح سياسي يتناول التجربة السياسية ما قبل الإنقاذ و(المرحوم في كشف التسجيلات) و(مجانين تحت التمرين) ومسرحية (المهرج) قدمتها من قبل (فرقة الأصدقاء المسرحية)، بالإضافة إلى مسرحية (قطار الفكرة)، وشاركت في مسلسل (الدخيل) الذي عرض في التلفزيون القومي، كما شاركت في أعمال مع المخرج الراحل “عيسى تيراب” وقدمت مجموعة أعمال للأطفال منها (كلم نفسك) و(طمبوري) من تأليف “محمد محيي الدين”، ومسرحية (الغابة الخضراء) من تأليفي وإخراجي، وحالياً أقوم بالإعداد لمسرحية بعنوان (كلام جرائد) تتناول الإشاعة وأثرها على المجتمع، وكيف أنها تسببت في خراب بيوت بعض الناس.
للفنان “عز الدين كوجاك” طريقة خاصة في اختيار أبطال مسرحياته، حيث لا يرى بالضرورة أن يكون الممثل مشهوراً ويأتي بممثلين مبتدئين يختارهم من المناسبات الاجتماعية، وأي إنسان رأى أنه تتجسد فيه الشخصية في المسرحية يسند إليه دوراً في المسرحية.
ويشير “عز الدين كوجاك” إلى أنهم يقدمون المسرح في جميع الأمكنة ولا يتقيد بمكان محدد، ويشارك في جميع مناسبات ولاية الجزيرة الفنية والوطنية والورش والمهرجانات. كما شاركت مؤخراً في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات وعيد الشجرة، ووالي الجزيرة قام بتسليمنا أرضاً في مساحة (500) متر مربع بـ(حي أركويت) لتشييد مسرح.
الفنان “عز الدين كوجاك” لا يهدأ باله الفني، حيث ظل الرجل في نشاط فني متواصل منذ بداياته، وكان احتضان شرطة ولاية الجزيرة ورعايتها لفرقته التي تتكون من (محمد عباس، محمد عبد الجليل، حاتم نصر الدين، فوزية أحمد محمد، إيمان بخيت سعيد، نفيسة زايد وإخلاص أحمد يوسف)، وأوضح “كوجاك” أن باب العضوية مفتوح لأي شخص شريطة أن يمتلك الموهبة. وأشار إلى أن هنالك جولة مسرحية كبيرة للفرقة بمدارس ولاية الجزيرة برعاية مدير شرطة ولاية الجزيرة اللواء “الطيب بابكر علي”.