(الـختة).. صندوق النقد الشعبي الإسعافي في الأزمات المادية !!
كانت وما تزال “منى” الملجأ الوحيد لجاراتها وقريباتها عندما تحل بهن ضائقة مالية.. فهي كاتمة إسرار البيوت وبيديها خارطة الطريق لكل مشكلة (عويصة). في غمرة انشغالها أتتها “علوية” شاكية باكية بسبب فصل أبنها من الجامعة وهو على أعتاب التخرج.. ربتت عليها قائلة: (ما تشيلي هم) وسرعان ما قامت “منى” بعمل (ختة) مستعجلة لتعطيها (الصرفة) الأولى لتطير “علوية” على جناح السعادة لأبنها.
(الختة) أو (الصندوق) نشاط تكافلي تجمع فيه أموال بقدر معين في زمن محدد.. وتعطى لمستحقها عند اكتمال المبلغ الكلي، وغالباً ما تكون مع صرف الرواتب وتدور الدائرة على الجميع وفقاً لترتيب سابق بالقرعة أو حسب حاجة شخصٍ ما.
وقد ظلت تتصدر مجالس النساء والموظفات، بل وتلاميذ المدارس، وأصبحت الحادي لحل جميع المشكلات وذلك حتى من قبل تطويق الأزمة الإقتصادية، لذلك نستطيع أن نقول إنها السند الوحيد لتحدي المشكلات المادية، بل هي (مِرق البيت) الذي تتحدى به الأسر مصاعب الحياة، وتعد المرأة التي تهتم بالصناديق في عداد (النسوان المدبرات).
ويعد توفير الأموال عملية في غاية الصعوبة، لذلك تحايل عليها المجتمع بالعديد من الحيل مثل (الختة) بل وجعل لها أمثالاً تحفيزية مثل (القرش الأبيض لليوم الأسود).
ولـ(الختة) أمينة تضع شروطاً واضحة تحدد من خلالها مسار (الصرفة) حتى تسير بنسق معين يحول دون الفوضى التي يكون دافعها إحساس الحاجة لكل فرد في الصندوق وعليها بالتسجيل المباشر حتى لا تختلط عليها الأمور.
الصرفة الأولى
بداية التقت (المجهر) بالموظفة “هبة أحمد ميرغني” والتي بادرت واصفة (الختة) بأنها ادخار جماعي لتوفير الأموال في وقتها المناسب، لذلك تعتمد عليه اعتماداً كلياً، وأضافت: ما بحب الصرفة الأولى لأني بشعر أني بدفع القروش مجبورة وكأنها لا تذهب لي، ولديَّ عشق خاص بالصناديق والجأ إليها حتى لا أشتري بالأقساط التي قد تكون بسعر مضاعف.
وأضافت “هبة” مثمنة على (الختة): أنا بعرف ناس كتار جداً (عرسوا) بالصندوق وكمان بدخل زوجي إذا كان عنده (غرض).
بينما ترفض “نهى عامر” قائلة أنا بخاف منها شديد لأنها بتدخلني في مشاكل.. والله لا حوجني لي صندوق.
الختة قد تصادفها مشاكل عويصة
وتحدثت إلينا الموظفة “شادية محمد أحمد” قائلة: الصندوق هو وسيلة توفير شبه إجبارية تكمن فائدته في تغطية الاحتياجات سواء مستعجلة أو في وقتها المحدد، مثل الأقساط المدرسية، الزواج والأثاثات المنزلية وغيرها لدرجة أن هناك أفراداً يأخذون تمويلاً من البنوك ويتم التوقيت مع (الصرفة) حتى يتم السداد.
وأضافت الأستاذة “شادية” قائلة: إن هناك العديد من الصناديق مثل صندوق العدة، وصندوق غسيل العدة – هذه لعدة المناسبات – صندوق الملايات وأيضاً الجمعية، وتكون مصاحباها (صرفة) غير حق الضيافة، وهي عبارة عن رسوم تحفيزية لقيام (اللمة).
وهناك أيضاً الصندوق الخيري للمآتم وهذا تجمع فيه الاشتراكات منذ فترة وذلك تحسباَ لأية وفاة، وبند (الصرفة) هو وجبة لبيت المأتم لحظة الوفاة، بجانب عمل جمعية دون تضارب بغرض شراء أشياء عينية للعزاء مثل (شوال سكر، زيت) وغيره، وقد اتضح لنا في الجمعية الخيرية الصحافة مربع (29) دور الصندوق الذي أسهم أسهاماً واضحاً في أوقات الشدة، إضافة إلى روح التعاون في الحي معضداً العلاقات الاجتماعية.
وحذرت الأستاذة “شادية” أن (الختة) قد تصادفها مشاكل عويصة، لذلك لابد أن تكون بمبالغ معقولة حتى يسهل إستردادها في حالة أي عجز أو تقصير، وأيضاً يجب أن تتحلى أمينة (الختة) بصفات معينة أولاً مخافة الله والأمانة والحكمة ثم قوة الشخصية، وحضور الذهن والدقة، حتى تستطيع إدارة هذا الصندوق التكافلي الذي يهدف إلى حل المشاكل الاجتماعية والمالية التي تمر بها الأسر الفقيرة.