مجرد سؤال

إنتِ … (ما بدوك لي زولاً مسيكين)

انت ما بدوك لي زولاً مسيكين
إلا واحداً نخلو مقرون في البساتين
وسواقيهو تصحي الكانوا نائمين
المقطع أعلاه من رائعة للشاعر «إسماعيل حسن» تغنى بها الفنان الراحل، فنان أفريقيا الأول «محمد وردي». هذه القصيدة تؤكد حب أهل الشمال لعمتنا النحلة، التي ذكرها الله في أكثر من سورة في كتابه الكريم ومجدها رسولنا الكريم «محمد بن عبد الله» صلوات الله وسلامه عليه.
أهل الشمال مفتونون بحبهم للنخيل؛ لأنها مصدر معيشتهم، وهي التي توفر لهم المأكل لكونها مأكلاً في حد ذاتها، ناهيك عن المال الذي تجود به من خلال ثمرها وقت الحصاد؛ لذا فإن البنات حتى وقت قريب لم يوافق على زواجهم إلا من أصحاب السواقي والنخيل المقرون في البساتين، شريطة أن يكون والد العريس صمد الساقية وصمد الساقية يعنى عندهم الذي يمتلك أكبر أراضٍ ومشاريع زراعية ونخيلاً وبساتين… صمد الساقية يكون هو المسئول الأول والأخير عن الأشراف على المشاريع الأقل منه، وجمع المال من أصحابها لإصلاح الأراضي بالمنطقة.
فالبنت التي كان تفوز بعريس يتمتع والده بنخيل وبساتين كثيرة تكون أكثر سعادة، ومكان غيرة من صويحباتها وقريباتها.
فالشاعر «إسماعيل حسن «عندما كتب (إنتِ ما بدوك لي زولاً مسيكين) كان يشير إلى أنَّ البت المقصودة بهذه الكلمات كانت من أجمل بنات المنطقة، وكانت تتمتع بقدر عالٍ من الأدب والأخلاق العالية.
قصدت بهذه المقدمة أن أذكركم بالنخيل، وأنه ما زال أهل الشمال يعتمدون عليه من بعد الله سبحانه وتعالى في توفير جزء من الاحتياجات، بل إن البعض منهم يأخذ الدين عليه، ويقول لصاحب الدين: (إن شاء الله بعد حش التمر أرجع ليك قروشك).
الآن يعاني النخيل من أمراض عدة، فنتمنى من وزارة الزراعة أن تتجه شمالاً لمعرفة أسباب المرض وعلاجها؛ لأن المرض حيَّر أصحاب النخيل، ونذكر على سبيل المثال مرض (الكرموش)، فالإنتاج يكون نصفه الأكبر (كرموش) وبالتالي يضيع مجهود عام بكامله، وتكون الحصيلة مبالغ ضعيفة جداً مقارنة بالذي صُرف من أجل رعايته وحمايته.
إذنْ، لابد من الالتفات لهذا النوع من الإنتاج والذي لاشك أنه يدخل في صناعات غذائية كثيرة، كما أنه يشكل غذاءً لكثير من أهل السودان، أضف إلى ذلك فإنه يضيف جمالاً وبهاء ومناظر خلابة في المناطق الذي يتوفر بها ويوفر الظل الظليل.
ويوفر كذلك مونة ومصاريف الأولاد، كما قالت المناظرة الجميلة بين النخيل وشجرة الدوم، حيث الفائز كان شجرة النخيل رغم أن شجرة الدوم أضحت تبرز الكثير من المفاتن.
شجرة النخيل قالت للدوم:
أنا الببسط القمري البقوقي
وأنا مونة الوليدات داجي فوقي
الدوم قال:
أنا الفي الرمال شقيت حلقومي
وأنا ضلي للبعيد القاصد محلي
وبمقارنة بسيطة نجد أن للكل مزايا، ولكن النخيل تفوَّق بتوفير المال للأسر ولمُونة الأولاد، بالإضافة إلى أن القمري دائماً ما نجده يجلس على سعف النخيل ويغرد… وعندما نغني ونغرد فإنَّ ذلك يؤكد أننا على أحسن حال، وأننا مبسوطون؛ لذا فالنخيل يبسط القمري البقوقي.
أما شجرة الدوم..فهي حقيقة كثيراً ما نجدها في الرمال، وأن ظلها يتجه بعيداً وهنالك مثلاً يقول (مثل ضل الدوم البيضل بعيد) في إشارة إلى أنَّ عطاء القربى مرات كثيرة يذهب بعيداً، ولا يستفيد منه الأقارب وذلك بالرغم من أن الله تعالى قدم الأقربين.
من أجل المونة والقمري وأشياء اقتصادية كثيرة، على وزارة الزراعة تكوين فريق عمل يكون مختصاً بأمراض النخيل لمعرفة أسباب المرض وعلاجها علاجاً جذرياً، وذلك قبيل موسم النخيل و(النوار).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية