"ود إبراهيم" .. عاصفة مؤقتة
} لابد في البداية أن أؤكد أن العميد (م) “ود إبراهيم” من الشخصيات التي نكن لها كثيراً من الاحترام والتقدير، وتجد مساحات من التفهم العقلاني لأطروحاته التي ظل يدفع بها عبر الساحة التنظيمية منذ وقت باكر طلباً للإصلاح والصلاح، ولعلها واحدة من المميزات التي جعلت الرجل يجد قبولاً معقولاً وسط شرائح مختلفة في المجالات المتعددة.. ولكن!!
} أحسب أن المذكرة الأخيرة التي وقع “ود إبراهيم”عليها إبان أحداث سبتمبر، قد خصمت من رصيده كثيراً، وجعلت كثيراً من أهل السودان يتوقفون في إطار رحلة التمعن في مشواره الحياتي والتنظيمي والعملي، لأن المفهوم العام للإطار الموضوع يبين أن سعادة العميد مهموم بالتعديل إلى الأفضل، بعيداً من الشوفونية التي يمكن أن تقصم ظهر الإصلاح ذاته، بالإضافة إلى التوقيت الذي يعتبر حسب المطروح (ركوب موجة) من أجل التشفي والإقصاء الذي مورس عليه في الفترة الأخيرة بعد الاعتقال وما قبله، لذلك فإن أوراق الرجل قد تساقطت إبان رياح الشتاء بصورة غير مسبوقة وجعلته يترنح دون سند يقف من خلفه ليقيه شر السقوط.
} تابعت باهتمام كبير ما قاله “ود إبراهيم”في قناة أم درمان أمس الأول، وكنت أظن أن الرجل سيقدم دفوعات مقنعة تجعلنا نتراجع من الأفكار التي سيطرت علينا في الفترة الأخيرة، خاصة بعد أن أعلن المؤتمر الوطني تجميد نشاطهم إلى حين إصدار قرار لجنة المحاسبة التي كونت لذلك، ولكنني فوجئت بشخصية غير المرسومة في مخيلتي، وصدمت حقيقة في كادر لا يجيد التبرير كما هو المعتاد في كل كوادر حزب المؤتمر الوطني، خاصة الأسماء الكبيرة منها، بل حتى المنضمين حديثاً للحزب، إذ أن الرهان ظل على الدوام على اللباقة والحضور الذهني والذكاء الفطري الذي شكل نماذج، تبين أن الحزب قد تمكن من إيجاد كوادر قوية وجاهزة للمناظرات والإقناع والطرح الجاد وغيرها.
} لم يتمكن العميد (م) من الدفاع عن مذكرتهم المطروحة، وظل يتردد كثيراً في إخراج الحروف والتعبير في كثير من الردود، في ظل ترتيب وهجوم منظم من الزميل “يوسف عبد المنان” الذي كان حاضراً تاريخاً وواقعاً ومستقبلاً، مما دفع بمقدم البرنامج الأستاذ “الظافر” أن يقدم استفساراته صوب زميلنا صاحب (خارج النص)، بعد أن فشل في الوصول إلى عبارات مفيدة تعين المشاهد على التركيز والحضور المقنع والمشبع.
} الغريب في الموضوع أن العميد (م) “ود إبراهيم” قد ذكر في أكثر من مرة في هذا الحوار، أن هناك (هم) من قبل مجموعة يتزعمها تحاول جاهدة إعادة الحزب إلى أبنائه، في إشارة إلى أن المؤتمر الوطني بات مسروقاً من مجموعة تمثل الآن داخل الأجهزة التنفيذية حسب زعمه ولا علاقة لها بالحزب، فضحكت حتى بانت نواجذي، إذ أن الطريقة التي تحدث بها عن هذه الجزئية منحتني إحساساً أننا نعيش في جزيرة معزولة من التداعيات والأحداث المعروفة على الواقع، وحينها تمنيت أن يستفسر “الظافر”عن هذه الأسماء التي يتحدث عنها “ود إبراهيم”، حتى نتمكن من التركيز من جديد في لصوص الحزب الجدد.
} ليت سعادة العميد ظل صامتاً في هذه الفترة، واحتفظ بهذه المكانة التي كان يحظى بها قبل حلقة قناة (أم درمان)، التي جعلته فاقداً لحيثيات المنطق ومقومات الكادر المؤهل، القادر على قيادة أي منصب تنفيذي يتم الدفع به في مقبل الأيام، إذ أن المتناقضات التي أتحفنا بها جعلتنا نتحسر على الشباب الذي وقف في فترة من الفترات مساندا لأطروحاته ومهموماً بتحركاته ، ظناً منه أن الرجل سيكون البديل الأمثل في المرحلة القادمة.
} إن كان المؤتمر الوطني يعارض من قبل هذه المجموعة بذات المفهوم الذي استمعنا إليه، أرجو أن ينصرف الحزب بكلياته نحو الأهداف الموضوعة، حتى نتمكن جميعاً من تشكيل آلية لحل الأزمات بالصورة المثلى، بعيداً عن تنظير الفاقدين للمنطق والحجة.