أخبار

مــــــأزق أبيـــي!!

} ربما تبختر “الخير الفهيم المكي” في شوارع أديس أبابا زهواً وفرحاً بقرار مجلس الأمن والسلم الأفريقي بوقف استفتاء أبيي من طرف حكومة دولة الجنوب لوحدها، وربما نحر “الخير الفهيم” الخراف والعجول بمنزله في حي المهندسين وسط المترفين في المدينة من السكان (كرامة) للانتصار الذي تحقق لحكومته وله شخصياً، حيث ينظر الكثيرون لحقبة “الفهيم” بأنها ناجحة نسبياً في إدارة ملف أبيي رغم التعقيدات التي وضعت أمامه في السنوات الماضية.
} لكن زهو الحكومة وفرحتها بقرار مجلس السلم والأمن الأفريقي الصادم لمشاعر دولة الجنوب والمنتصر للمنطق والواقعية في التعاطي مع الأزمة، لا ينبغي أن يصرف حكومتنا عن واجبات ينبغي أن تضطلع بها لتجاوز عقبة أبيي مع دولة الجنوب .. أولى تلك الواجبات أن تراهن الحكومة على علاقة حسنة مع جوبا والتغاضي عن صغائر هنا وهناك من أجل المستقبل، وأن لا ترهن الحل للمنظمات الإقليمية والدولية رغم المواقف المعتدلة جداً للاتحاد الأفريقي من أزمات كثيرة تعرض لها السودان، سواء في محنته مع المحكمة الجنائية الدولية أو الحملة الغربية المعادية للسودان من ثغرة دارفور ودعمه للحوار (السوداني السوداني) بين جوبا والخرطوم.
} أبيي ثغرة كبيرة قد تعصف بالعلاقة بين الدولتين فجأة، ونقطة ضعف كبيرة في الجوار الهش الذي شيدته اتفاقيات التعاون مثلها وقضايا المنطقتين النيل الأزرق وجنوب كردفان، ولكن وجود البترول في أبيي عامل مضاف لتعقيد القضية .. صحيح أن كميات البترول المكتشفة حتى الآن لا تغري الشركات المستثمرة، بيد أن نوعية الخام الكامن في أرض أبيي من أجود أنواع البترول في العالم كما جاء في كتاب ترجمه للعربية السفير “يوسف سعيد” عن الاستثمار السويدي في السودان. وأبيي التي عجزت اتفاقية السلام الشامل عن وضع حلول ناجعة لها ظلت جرحاً نازفاً يهدد بإغراق الدولتين في لجة حرب لا تنتهي.. وحسناً ذهب مجلس الأمن والسلم الأفريقي لإيقاف الاستفتاء من طرف واحد ريثما يتواضع الطرفان لحلول متفقاً عليها، أو تتنزل عليها حلول من مجلس الأمن والسلم الأفريقي والذي لعب دوراً ايجابياً في النأي عن الحلول القسرية.
} لم يتبق وقت كثير أمام الرئيسين “البشير” و”سلفاكير” لاتخاذ قرارات صعبة وتنازلات كبيرة لمصلحة بقائهما في السلطة هنا وهناك ولمصلحة النظامين واستقرارهما، فالرئيسان “البشير” و”سلفاكير” راغبان بشدة في الاستمرار في الحكم، على الأقل الأول يطمح لخمس سنوات بعد 2015م والثاني يعتبر نفسه أحدث الرؤساء الأفارقة عمراً، فما الذي يجعله يغادر السلطة قبل أن تمتد سنوات لما يقارب سنوات “البشير” في حكم السودان موحداًً ومنقسماً، وحتى يبقى الرئيسان في مقعديهما فإن السلام والتوافق السياسي وتأمين الحدود وتجاوز العقبات مثل أبيي والمناطق المتنازع عليها، هي الخطوة الأولى لتحرير شهادة ميلاد جديدة لكلا النظامين.. ولكن النزاعات والصراعات تعجل برحيلهما مهما ادعيا غير ذلك.
} والطريق لحل أبيي إما بجعل القضية (دولية) يقرر فيها الرئيسان بمعزل عن تأثير المسيرية على “البشير” ودينكا نقوك على “سلفاكير” ويتحمل الرئيسان لوحدهما تبعات الاتفاق التي يتم التوصل إليها، وإما أن يتنازلا لقبيلتي المسيرية ودينكا نقوك لتجريب الحلول الودية والاتفاق على تعايش بينهما يحصل بموجبه سكان المنطقة على الجنسيتين ويتم إشراكهما في الحكومتين، لتصبح أبيي منطقة تكامل وجسراً يعبر من خلاله قطار الوحدة السودانية ولو تأخر لمئات السنين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية