أخبار

سوق المواشي (نار)

} في كل عام تعيش الأسر السودانية توتراً ملحوظاً جراء الارتفاع غير المبرر لأسعار خراف الأضاحي؛ الأمر الذي انعكس على تفاصيل حياتهم وشغل الآباء وجعلهم في حالة من عدم التوازن التي يمكنهم من المعايشة بصوره سليمة.
} وصل سعر (الخروف) إلى ثلاث ملايين (بالقديم) للأثرياء، ومليون وخمسمائة للفقراء أو الأسر المتوسطة الدخل، وما بين هذا وذاك تترنح الأسر جميعها في ظل الارتفاع الجنوني لسوق المواشي، خاصة وأن الأوضاع الاقتصادية ذاتها قد ألقت بظلال سالبة على الشكل العام لتفاصيل الحياة في السودان.
} يعتبر السودان من أغنى الدول العربية والأفريقية في الثروة الحيوانية، بل ظل  لفترة طويلة المموِّل الأول لعدد من الدول المجاورة بهذه الثروة لسيطرتها على السوق العربي لتميزها بالمذاق الطيب خاصة تلك التي تعتمد علي الأعشاب الطبيعية في دارفور وكردفان.
} بلد يمتلك هذا العدد المهول من الثروة الحيوانية، كيف لأهله أن يتذوقوا (المراير) في الحصول على خراف تمكنهم من التضحية بأسعار معقولة في متناول يد الجميع.
} ما يحدث في أسواق المواشي هذه الأيام امتداد طبيعي لفوضى السوق الحر والمفتوح، الذي سيطر عليه جشع التجار وبعض الشخصيات التي فقدت ضميرها وباعته في السوق الكبير من أجل أن تكتنز بعض الدينارات الدنيوية من عرق الغلابى والقابضين على الجمر رغم الوجع الخرافي.
} علمت من بعض المصادر الخاصة أن الهدي لن يتم تصديره هذا العام لأسباب غير معلومة؛ الأمر الذي يصب في مصلحة المواطن إن صحت المعلومة، مما يعني أن السوق لابد أن يساعد المواطن في أن تكون الأسعار معقولة تمكنه من أن يدخل البهجة والسرور في نفوس أبنائه، ولو لبعض الوقت، في ظل الأوضاع الرمادية التي نعيشها منذ فترة.
} وصل سعر الكيلو للحم الضان إلى ستين جنيهاً ويزيد، ومارس السوق ارتفاعه الجنوني دون تروٍّ أو تأنٍّ لأن الرقابة معدومة والجشع يتمدد مع صباح كل يوم، في ظل صمت غريب من قبل الحكومة.
} أفادني أحدهم أن هناك عدداً من المؤسسات قد تمكنت من توفير الأضاحي لموظفيها في إطار صناديقها الخيرية بالأقساط المريحة، ولعلها خطوة طيبة تساعد البعض في التمكن من الحصول على الأضحية المطلوبة، ولكن كم من أسرة تعمل في السوق في أعمال هامشية مختلفة، وكم من بسيط ينتظر أطفاله في أن يكون صوت الخروف ضمن المحببات هذه الأيام في الحوش الكبير.
} لابد أن تحكم الدولة قبضتها على السوق، وأن تحاول جاهدة في إعادة الموازين إلي مكانها الصحيح لأن الغبن أضحى يتمدد مع كل مناسبة ويزداد مع صياح الأطفال وحسرة الأمهات وغبن الأولاد.
} مهما كانت المعالجات فإن هناك أسراً ستظل خارج المنظومة والأطر الموضوعة؛ لذلك لابد من التفكير في المساهمة أولاً في تخفيض أسعار الخراف التي وصلت (السماء)، ومن ثم إيجاد معالجات لمساعدة الأسر البسيطة بتوفير بعض الاحتياجات التي تدخل الفرح في قلوب أطفالهم؛ لأن المنطق يبين أن الأوضاع الأخيرة قد قضت على كل الآمال المتبقية في حياه كريمة، بعد أن وصل سعر الغاز إلى (35) جنيهاً، وأضحت العشرة جنيهات تساعدك في شراء (كيسين رغيف) فقط.!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية