حرب الميديا!!
انهالت علينا بالأمس المكالمات والرسائل النصية، ما بين متعجبة وأخرى ناقدة، وثالثة مؤيدة لما خططناه بالأمس بشأن تماس الإعلام والدبلوماسية، وقد ظن الغاضبون أننا نرضى (الدنية) في وطننا وبلدنا، وهذا ليس صحيحاً. وأظن أن كلنا ننطلق من منطلقات الوفاء والولاء لهذا البلد، عجفت سنواته أم نضرت، فهو يبقى عندنا الأول والآخر، وأقول إنني من أنصار الرد الإعلامي القوي و(الفظ أحياناً) على كل الذين يسيئون للسودان ورموزه، فمثلما أن لبعض الدول صحفاً وفضائيات تشتم وتفبرك وتحشر أنفها وأقلامها في شأننا، فمن حقنا الرد والرد الغليظ أيضاً.. هذه حقيقة متفق عليها ولا علاقة لها بالمواقف الدبلوماسية الرسمية.
نقطة خلافي الجوهرية في هذه المسألة مع الذين تباينت معي وجهات نظرهم، أن بعض الدول والعواصم تبدو حتى الآن (رسمياً) صامتة عن الشأن السوداني، فهي إعلامياً وظاهرياً التزمت بضابط الحياد وإن ظلت حزازات النفوس على ما فيها، وقطعاً فإنك لا تحاكم موقفاً ما بتوجهات (غير معلنة)، وصحيح أن تلك الدول أطلقت آلتها الإعلامية على نحو ما تفعل مصر، وعلى نحو شذرات من التفلت بدأت في الظهور بالإعلام الخليجي، وبهذا فإن وجهة الرد والمدافعة تصوب إلى الجهات المتورطة في الحرب الإعلامية وليس إلى الدول الحاضنة، لأن هذه الأخيرة في حال بلوغ التجاوز، فالطبيعي أن الخرطوم تملك حق الاعتراض والاحتجاج، وثمة وسائل لهذا يمكن عبرها إرسال تحفظات السودان أو رفضه (عديل) لتلك التجاوزات الإعلامية ضده.
أتفهم جداً أن يكون “عبد الرحمن الراشد” و(العربية) أو “هاني رسلان” ومن شايعهم طُلبة الأقلام الوطنية بالصحافة المحلية بالسودان، فمثلما أن أولئك من الخارج (يسودون) سمعة الوطن فمن حق أبنائه بالداخل الرد بالمثل والبادئ أظلم، ولكن يبقى السؤال الأكثر حاجة للإجابة هل يمكن اعتبار “رسلان” هو صوت قصر القبة و”السيسى” رسمياً؟ وكذا هل يمكن اعتبار “الراشد” ممثلاً معتمداً لحكومة خادم الحرمين الشريفين! الإجابة رسمياً (لا)، ليكون التعويل هنا على الإيحاء (الضمني) بأن تلك الفضائيات والمحطات إنما تنطلق من دول ذات قبضة إعلامية نافذة، بحيث إن كل ما يكتب إنما مقصود لمعناه وذاته، ولا يوجد نشر وبث (ساكت)، ووجاهة هذا التفسير تعني ببساطة أنه يمكن للوسائط الوطنية استخدام ذات المنهجية دون خدش لحياء السلك الدبلوماسي، باعتبار أن هذا نشر حر مستقل.
المشكلة ونقطة الاعتراض عندي أننا في هذه الحرب نؤذي ذاتنا، ولا أدل على ذلك من خبر منع الأستاذ “علي كرتي” وزير الخارجية من الحصول على فيزا لدخول المملكة العربية السعودية، وهو القول الذي نُفي، ليكون التساؤل ما الحكمة من تسريب معلومة كهذه صحت أم لم تصح؟ لأنها ببساطة تهز معنوياً صورة حكومتك ووزيرك، والضرر يتفاقم!!