شباب خارج الوعي!!
} كتب الصحفي المصري “رامي عبد العال” إبان أحداث الثورة المصرية، تقريراً مطولاً حول انتشار الحشيش وسط المتظاهرين في ميدان التحرير، وأوضح أن قوة الصبر والتحمل لأجواء الطقس المختلفة تبيِّن أن الجرعة والكمية المخدرة كبيرة جداً، خاصة وأن هناك تقارير سرية بينت أن هناك مجموعة – لم يُسمِّها – قد وزعت الحشيش والحبوب المخدرة بالمجان على مدار شهر ويزيد؛ الأمر الذي دفع عدداً من الشباب للتواجد في الميدان على مدار الساعة.
} تذكرت هذا التقرير واسترجعت المعلومات الواردة فيه بالنظر للطريقة التي يتعامل بها بعض الشباب عبر (الفيس بوك)، بعد أن انتشر (البنقو) وسط كثير من الشباب، ومن ثم (الشاش)، المخدر الجديد القادم من دولة مجاورة، الذي قيل إن جرعة تخديره أعلى من البنقو؛ لذلك لجأ معظم الشباب لتناوله بصوره كبيرة.
} وما حدث من هرج ومرج يوضح أن بعض الشباب (مسطول بالشاش) وغائب عن الوعي تماماً؛ لذلك فإن تغذية أفكاره الغائبة يكون سهلاً ويسيراً من خلال مجموعة كبيرة متخصصة في هذه النوعية، تبدأ الحوار بالبنقو ومنحهم أكياس الشاش، وتنتهي بدفعهم وتغذية أفكارهم ببعض المعلومات لترويجها عبر مواقع التواصل لمزيد من الضغط على المواطن الذي لا حول له ولا قوة.
} دخلت في نقاش مع بعض الشباب حول الثورة والنضال الذي يدعونه، وعن رأيهم في الحكومة الحالية، فكانت إجاباتهم فضفاضة وغير مقنعة، مما جعلني أحس أنهم ليسوا أصحاب قضية، وأن الموضوع أكبر من هذه الهرطقات التي يتحدثون عنها، وبمزيد من البحث والتمحيص تبيَّن لي أن هناك أيادي تمدهم بالشاش الذي ارتفعت أسعاره هذه الأيام، ووصل سعر الربع فيه إلى (900) جنيه، مما دفع عدداً من الشباب لأن يفكر جدياً في الانخراط مع هذه المجموعة ليستلم نصيبه من الحصة المجانية ومن بعدها لكل حدث حديث.
} هناك مجموعة باتت تبث غضبها على الدولة بصورة عنيفة وتبرع وتتفنن في الإساءة والشتائم لرموز المؤتمر الوطني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لأن الثمن بات (سيجارة) توزن الدماغ، بعد أن أضحى الحصول عليها مكلفاً بسبب الارتفاع الأخير في أسعارها، لذلك فإن الحملات لن تتوقف، وأن الشائعات ستظل متواصلة لشهور قادمات لأن الممول قد قبض على عنق عدد كبير من الشباب، وأضحى المسيِّر الأساسي لحياتهم من خلال هذه الحبوب المخدرة وهذا (الشاش) الجديد.
} المسطول يمكن أن يتحمل الجلوس لساعات طويلة عبر شاشات (اللابتوب) و(الموبايل) لإرسال عدد من الرسائل تخدم الممول، وتمكنه من إيصال رسالته بأسرع وقت ممكن، بالإضافة إلى تقوية موقفه أمام المجتمع الدولي، الذي يبين أن الثورة السودانية يقودها شباب السودان، من خلال التقارير التي تُرفع من حين لآخر، والمجموعات التي تقود هذا الحراك.
} الأزمة الحقيقية في السودان بدأت منذ فترة طويلة واستهدفت الشباب والشابات، واستطاعت أن تجعل عدداً كبيراً مدمناً على مدار الساعة، إن كان المخدر (شاش) أو (بنقو) أو مجموعة من الحبوب المخدرة، أو الأدوية (الشراب) المعالجة لأمراض الصدر كافة.
} الثورة الحقيقية في كيفية إعادة توازن هذا الشباب، ومحاولة علاجه ومعالجته من السموم التي دخلت إلى أجسامهم، وقضَّت مضاجع أسرهم، لأن التحدي الحقيقي يندرج في عماده المستقبل وبناه التنمية، خاصة أن أوضاعهم باتت تسير نحو الهاوية بعد أن تخدرت الأجسام وفقدت الأعصاب توازنها، واختلط الدم بهذا التلوث السمي.