حوارات

المراقب العام للإخوان المسلمين بالسودان "علي محمد أحمد جاويش" لـ(المجهر): (2 – 2)

تواجه جماعة الإخوان المسلمين تحدياً كبيراً في عدة بلدان، من بينها السودان. والجماعة التي يقودها التنظيم الدولي فقدت الحكم في واحدة من أكبر الدول العربية وهي مصر، الذي وصلت إليه عبر الانتخابات العامة. وفي تونس يبدو أن المصير ذاته ينتظرها، وقبل عام ونصف العام تسلّم المراقب العام للإخوان المسلمين بالسودان “علي محمد أحمد جاويش” مهامه في قيادة (الجماعة) التي بدأت دعوية لتنتهي بوصولها إلى الحكم في أكثر من بلد عربي وصولاً إلى تركيا.. (المجهر) حاولت سبر غور أفكار (إخوان) السودان ومعرفة ما يخططون للمستقبل، فكانت إفادات المراقب العام للجماعة على النحو التالي..

} ألا تعتقد أن الحل السياسي هو الذي يوحد الوطن؟
– أنا لم أقل لك إن الحل الأمني هو الحل، هنالك قضيتان، قضية أمنية وأخرى سياسية تنموية.
} هل تدعمون الحل السياسي؟
-كيف لا ندعم الحل السياسي، فنحن حضرنا مؤتمر “كنانة” وقلنا رأينا بصراحة، كما أعلنا رأينا في مناسبات أخرى كثيرة، كيف لا ندعم؟.
} هل لديكم مبادرة محددة تقدمتم بها لطرفي الصراع سواء في دارفور أو النيل الأزرق وجنوب كردفان؟
-نحن ظللنا مع الحكومة منذ العام (2003)، حيث اجتمعنا بـ(علي عثمان)، وقلنا له “يا أخ علي” مسألة دارفور أصبحت الآن تظهر في الإعلام العالمي، وهذا دخان سيعقبه نار، فلابد أن تعالجوا هذه المسألة قبل أن يستفحل الأمر، ووعدنا الرجل خيراً، حيث قال إن هذه مسألة مقدور عليها، وظللنا منذ ذلك الوقت نقول إنه لابد من معالجة الأمر على المستوى السياسي والأمني، وظللنا نقول ذلك باستمرار.
} حتى الآن لم نرَ لكم مبادرة واضحة المعالم لحل هذه القضايا؟
-المبادرة لابد وأن تجمع بين طرفين، أي تجمع الحكومة والحركات المتمردة.
} هل “الإخوان المسلمون” قادرون على ذلك؟
-نحن غير قادرين مع “الحركات المتمردة”، ولا ننوي ذلك، لأنه لا نية لدينا، ولكننا نتحدث مع الحكومة، ونتحدث مع الأحزاب السودانية المختلفة، ونحن كذلك نتحدث في المساجد، وفي الصحف نبدي رأينا بأنه لابد من حل، ولكن هذا لا يغفل المسألة الأمنية.
} هنالك مسألة فكرية شائكة في أدبيات “الإخوان المسلمين” وهي مسألة “الوطن”، حيث يصفكم البعض بأنكم تنظيم أممي لا وطن له، الأمر الذي يؤثر على تقبل فكرتكم، أليس ذلك صحيحاً؟
-“شوف” مسألة الإسلام تحتاج إلى معرفة التاريخ الإسلامي، الإسلام حكم من الصين إلى الأندلس، وهذه الشعوب بينها من الاختلافات اللغوية والتاريخية والعادات وكل ذلك، حكم الإسلام وكان في وئام كامل، من أين أتى هذا؟. أتى من الفكر الإسلامي، الرسول “صلى الله عليه وسلم” كان إذا أسلمت قبيلة أو جماعة يولي عليهم منهم، أي يعترف بأن هؤلاء الناس يولي عليهم منهم.
} هل معنى ذلك أن يحكم كل قطر من الأقطار بما يراه مناسباً لحالته؟
-لا لا.. أولاً مسألة الأقطار هذه أتت بعد حدود صنعها الاستعمار، صنعت في العام (1916) صنعتها اتفاقية “سايكس بيكو”، هذه ليست الدولة الإسلامية، فالدولة الإسلامية في ذلك الوقت..
} مقاطعة.. إذن أنتم لا تعترفون بالحدود الجغرافية للدول؟
-لا نعترف بهذه الحدود، لأنها ليست إسلامية، ولكننا نعترف أن لكل قطر ولكل شعب خصوصياته، وله لغته وتاريخه وأشواقه وكذا، ولكن من الناحية السياسية والاقتصادية ينبغي أن يكون المواطن المسلم من “أفغانستان” وحتى “الجزيرة العربية”، وحتى “المغرب العربي” يتحرك في هذا المدى، وتتحرك العمالة ورؤوس الأموال، لقد توصلت أوروبا إلى هذا بعد مئات السنين وبعد حروب طاحنة، نحن نريد أن نعود إلى تاريخنا الذي كان بهذا المسار.
} إذا حكم “الإخوان” في أي دولة من الدول كيف سيكون تحقيق ما تقول على أرض الواقع؟
-نحن قلنا هذا الحديث حينما أتى “مرسي” إلى السودان، قابلناه وقلنا له هذا الرأي، قلنا له نحن دولة إسلامية لها تاريخ، وهذا التاريخ انفصل في العام (1916) عقب سقوط الخلافة أو بعدها، نحن لدينا أشواق حيث يؤيد العالم الإسلامي كله الرجوع إلى تاريخه، ولكن كيف يتم هذا الرجوع؟، قلنا له هذا رجوع شعوب، وليس رجوع حكومات، ولكن من واجب الحكومات إزالة العقبات، وأول عقبة يجب إزالتها هي إصلاح التعليم في البلاد الإسلامية، لقد أصبح “المصري” منغلقاً في بلده، وكذلك السوداني، ولكن نحن لدينا قضايا.
} بماذا رد عليكم الرئيس السابق “محمد مرسي”؟
-قال لنا إن شاء الله نعمل عليها، ونحن كنا نعلم أن الموضوع طويل، وهو لم يأت إلى السودان من أجل حل قضايا من هذا القبيل، ولكن نحن نطرح رأينا، وقلنا له إن خير ما يبدأ به الآن هو التنسيق بين مصر والسودان وليبيا، باعتبار أن “ليبيا” تمتلك المال، ويمتلك السودان الأراضي..
} مقاطعة.. هل طرحتم هذا الأمر في ذلك الوقت لأن “مصر” و”السودان” بات يحكمهما “الإخوان المسلمون”؟
-في ذلك الوقت كان هذا المطلب معقولاً، وطبعاً “مصر” الآن خرجت من هذا الموضوع، لكن المطلب يظل قائماً، فهو مطلب مطروح منذ زمن.
} من المسائل التي “تحسس” منها المصريون هي مسألة “الوطن” في مفهوم “الإخوان” وقولكم إن “المسلم لا وطن له”، ربما تواجهون نفس الموقف في البلدان الأخرى؟
-هل يقصدون أننا لا نعترف بالقومية المصرية أو القومية السعودية أو غيرها؟ الإسلام منذ أن جاء يعترف بهذا، وأن يكون هنالك اتحاد إسلامي بين هذه الدول، وتكون هنالك جيوش منسقة، ونظام تعليمي كذلك، بالإضافة لانتقال رؤوس الأموال والعمالة، وتخفيف الإجراءات الجمركية كبداية، وهذا ما يقربنا من المثال الأوروبي الموجود الآن.
} هل تقبلون بـ”الدولة المدنية” ؟
-مصطلح “الدولة المدنية” هو مصطلح جديد ليس له معنى في الإسلام، لا أعرف ما معناه، فإذا كان المقصود بالدولة المدنية الهروب من “دولة إسلامية” فيعتبر ذلك هروباً من اسم الإسلام، أما إذا كانوا يقصدون أن هذه الدولة تمتلك فيها الشعوب حرياتها بحيث تنتخب ما تشاء من الناس، وتحكم بالإسلام وتسير على الطريق الصحيح، وتقوم على العدل الكامل فهذه نحن نسميها دولة إسلامية”.
} يحسب عليكم خصومكم أنكم تنظيم مغلق، لا يقبل الآخر، ويمارس الإقصاء لغيره حتى لو كان مسلماً، وهذا ما مارستموه هنا في السودان وفي مصر عبر سياستي “التمكين” و”الأخونة”؟
-هذه أقوال لا معنى لها، نحن لدينا تنظيم يقوم على التربية، وهذا أمر معروف.
} هذا كان في السابق؟
-كلا هذا هذا غير صحيح، نحن نتكلم على أن التربية لدى “الإخوان المسلمين” هي منهجها الأساسي، وهي موجودة قبل “حسن البنا” بدليل حديث الرسول “صلى الله عليه وسلم” باعتبار أن كل حياة المسلم هي لله رب العالمين، فنحن هذا فهمنا للإسلام، والرسول “صلى الله عليه وسلم” ربى الصحابة، ونحن نسعى للوصول إلى ذلك المثال.
} البعض انتقد فتاوى الشيخ “يوسف القرضاوي” التي تحض على ضرب الجيش المصري وبعض الجيوش العربية الأخرى من قبل قوى أجنبية ما تعليقك؟
-لا أعرف هذا، ولا أقر أن “القرضاوي” أفتى بذلك، ولكن ما أعرفه أنه كان ضد “القذافي”، وضد طاغية سوريا “بشار الأسد”، كما أنه ضد “السيسي” وهذا موقف إسلامي.
} هل هذه تحسب له أم عليه؟
-أنا لم أسمع بما نُقل عنه، ولا أصدق أن “القرضاوي” يستعدي “أمريكا” على “مصر”.
} ولا على الجيش المصري؟
-ولا على الجيش المصري، ولا على أي شخص في مصر، ولا حتى على “حسني مبارك”، وذلك لأن ليس هذا تاريخ “القرضاوي” فهو تاريخه معروف كمسلم وعالم متمسك بالإسلام روحاً ونصاً، هذه ترهات ليس إلا.
} هل يمكن أن يقود “الإخوان المسلمون” في السودان أية مبادرة تجاه ما يجري في مصر؟
-نحن لا نود أن نتدخل في الشأن المصري، لأن “مصر” دولة أكبر من السودان ذاته، ولذلك حتى الدولة السودانية لو تدخلت في “مصر” فذلك لا يفيد بل قد يضر.
} هل متاح ذلك للحكومة ؟
-أعتقد أن الحكومة أضعف من أن تتدخل، وتُقبل منها مثل هذه المبادرات، فمصر هي أم الدنيا، وأم العرب والمسلمين، وهي ستواجه مشكلتها بنفسها، وهي الآن تواجه مشكلتها.
} كيف ترى مستقبل “الإخوان المسلمين” في مصر؟
-“الإخوان المسلمون” في مصر لهم أكثر من (80) عاماً، وهم مروا بكل المراحل، و”الإخوان” تنظيم “إسلامي” قديم وسيستمر، وإن شاء الله “مصر” ستتحول في نهاية المطاف إلى “حكم إسلامي” رغماً عن “السيسي”، فهذه مسألة عارضة.
} هل يراجع “الإخوان المسلمون” أخطاءهم؟
-طبعاً إذا ثبت الخطأ، فالرسول “صلى الله عليه وسلم” علمنا ذلك.
} ما هي أبرز أخطاء حكم “الإخوان” في “مصر؟
-لا أعرف خطأ، هنالك نوعان من الخطأ، “لو واحد ما لقي أنبوبة غاز، أو ما لقي مواصلات”..
} مقاطعة.. أنا أتحدث عن الأخطاء السياسية في ممارستكم للحكم؟
-هنالك أخطاء دستورية مثلما حدث في “أمريكا” في عهد “نيكسون”، كما أن “كلينتون” ارتكب خطأ دستورياً وحوكم، ولو أن “مرسي” ارتكب خطأ دستورياً فليقدم للمحاكمة، وأنا لا أعلم ما هو الخطأ الدستوري الذي جعل هناك انقلاباً عليه، ربما يكون هنالك تقصير مثل أن لا يجد أحد أنبوبة غاز، أو لم يجد مقعداً في مدرسة، أو أشياء من هذا القبيل، مثل هذه الأشياء تحدث سواء في مصر أو أمريكا أو أي بلد آخر.
} هل لدى “الإخوان” منهج للنقد الداخلي أو الذاتي؟
-هذا منهج إسلامي، والرسول “صلى الله عليه وسلم” قال “الدين النصيحة”، وأولى الناس بهذا “الإخوان المسلمون”، ليس على مستوى الحكام بل على مستوى الأفراد العاديين، هذه تأتي ضمن تربية “الإخوان”، ويمارسونها بشكل يومي، سواء في السودان أو في “مصر” أو في كل الدنيا.
} هل “الإخوان” لم يمارسوا النقد الذاتي إبان حكمهم لمصر بسبب قصر الفترة أم ماذا؟
-دعني أكشف لك عن بعض الأخطاء التي راجعناهم فيها، واتضح أنهم راجعوها، مثلاً هم بعد ذهاب حكم “مبارك” جاءوا إلى السودان، واجتمعوا هنا، حيث جاء “علي عثمان محمد طه” وحدثهم، كما تحدث معهم “غازي صلاح الدين” و”نافع”، وهم كانوا موجودين في السودان، هم قالوا سنرشح للبرلمان بأقل من (50%)، ولن نقدم مرشحاً للرئاسة، أنا ناقشتهم في ذلك.
} مع من تحدثت في ذلك؟
-ناقشت “عصام العريان” وقلت له إنكم الآن وجدتم فرصة لم تجدها “مصر” قبل (700) عام، وقلت له أريد أن أطرح عليك سؤالاً فأنت “جاييك دستور وقانون، كيف ستجيز القانون الدستوري؟، وقلت له لدينا تجربة بسيطة في السودان حيث لم تكن لنا أغلبية من “الإخوان المسلمين” و”المؤتمر الوطني” فقط، بل أغلبية من عامة الأحزاب التي معنا، ولم تكن متحمسة للإسلام واللغة العربية كانوا يسابقوننا، قلت له إن هؤلاء وقفوا موقفاً قوياً حينما جاء “منصور خالد” والجنوبيون كانوا يريدون نسف السودان نسفاً، قالوا “ما في حاجة اسمها شرطة أو زكاة، وحتى الجيش كانوا يريدون نسفه، فوقفنا نحن ومعنا ناس من أحزاب كانوا يسابقوننا على هذه الوقفة، قلنا له هذه تجربة بسيطة في السودان. فكيف ستواجهون الموقف هناك؟.
} ماذا كان رأي “عصام العريان”؟
-قال “نحن سنعتمد على نسبة كم وأربعين في المية، وعلى بعض الناس الذين معنا، وقلت له “الناس الذين معك من الذين تعتمد عليهم لو جاءت “المخابرات الإنجليزية” وأنت واقفين معاك ثلاثة أو عشرة أشخاص، هل لو أدت المخابرات البريطانية كل واحد منهم عشرة ملايين دولار سيقفون معك؟ قال لي لا، قلت له خلاص انتهى البيان، ثم إنهم أدركوا غلطتهم ورشحوا للرئاسة. وهذه غلطة في الأول أدركوها، نحن راجعناهم فيها” لكن هم بعد ذلك أدركوها من الممارسة، وهم وجدوا في “دستور حسني مبارك” أن رئيس الجمهورية يتمتع بسلطات لا حصر لها، فإذا ما جاء رئيس من غير”الإخوان” فإنه سينسف أي شيء، ولذلك رشحوا أيضاً للبرلمان بأكثر من (50%) وأدركوها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية