رأي

«زيدان» في ذكرى رحيله .. حديث الشجون الذكريات

} “محمد إبراهيم زيدان”، الشهير بـ “زيدان إبراهيم”، جاءت ذكرى رحيله سريعاً، فالأيام تمضي في زماننا هذا سريعاً. تمضي سنوات عديدة من أحداث وكأنها حدثت البارحة للدرجة التي تذكر تفاصيل التفاصيل.. إيه أيها العندليب الأسمر، إذ لا زال قلبي مترعاً بفراقك، لكنها سنة الحياة وفلسفة الخالق والمخلوق، إذ أن لكل أجل كتاب، وأن أجل الله لا يقدم ولا يؤخر، وكل ابن آدم وإن طال عمره على آلة حدباء محمول، وتبقى نعمة السلوى والنسيان، وقديماً قالوا: وما سمي الإنسان إلا لنسيانه، وما القلب إلا لأنه يتقلب.. ولولا نعمة النسيان لمات الناس غماً وحزناً وهم يشيعون أحباءهم وأهلهم.. (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)، وطوبى لمن رجع إلى الله راضياً مرضياً وشهدت له أعماله في دنياه بأن المكتوب من عمره أنفقه في أوجه الخير، وأحسب أن المرحوم “زيدان” قد شهد له ملايين الناس من محبيه، إذ لا زال مشهد تشييعه عالقاً بالذاكرة لا يبرحها..
} واسمحوا لي أن أكتب عن “زيدان” مرة أخرى، لا لشيء إلا لأنني كنت لصيقاً به، وربطتني به علائق الإخاء والمحبة والقواسم المشتركة. فكلانا قاسى ويلات اليتم بفقد الوالد.. فقد والده وهو طفل، وفقدت والدي وأنا ابن الثانية من العمر.. هو عاش في كنف والدته المرحومة الخالة “أم الحسين” التي أنفقت سنوات شبابها عاملة بمصنع (الظهرة) بأم درمان.. وأمي “دار السلام” أنفقت سنين شبابها في صناعة السعف والزلابية والطعمية.. “زيدان” كان وحيد والديه وكنت وحيد والديّ.. وامتزت عنه بأخي الاكبر غير الشقيق يرحمه الله “سليمان آدم عمر”..كذلك جمعنا الفقر، فكلانا منحدر من أسرة فقيرة فقراً مدقعاً.. (تعرف يا صديقي.. كنا نسكن في (قرّاش) يتملكه أخوال لأمي.. وخالتي توأم أمي وجدتي وأختها في ذلك (القراش).. كنا ننتظر صينية الغداء بغد أن تتغدى الأسرة التي كنا ضيوفاً عليها.. إتخيل هذا المنظر.. لم يبرح خيالي حتى اليوم.. كنت أعاف الطعام.. أمي كانت تدرك تأففي من أكل فضلة المتصدقين علينا بـ (القراش) بيتاً ومأوى.. وكانت تدخر شرموط وويكة وصاج صغير تعوس لي طرقات آكلها بملاح الشرموط.. عرفت ليه أنا بحب ملاح الشرموط)؟! ذلك جزء من أحاديث ذكريات الحزن المحفورة في وجدانه..
} وسبقت “زيدان” والدته الخالة المرحومة “أم الحسين” إلى الدار الباقية، وبفقدها فقد كل شيء. فقد كانت هي المحفز لحياته، ولولا إيمان عميق في نفسه لمات نهار فراقها.. واشتركنا أيضاً بابتلائنا بالصبر على مرض “أم الحسين” و”دار السلام” يرحمهما الله، فالأولى ماتت بالمرض المعروف (بالوكيميا)، والثانية بالجلطة الدماغية، وكلتاهما قضت شهوراً من أخريات عمرها مريضة بمرض الموت، الذي لا يرجى شفاؤه. فيا سبحان الله الرحمن الرحيم.. الخالق هيأنا لاستقبال موتيهما.. وأذكر ان والدة “زيدان” قالت لي وهي في عنقريبها الصغير الذي اعتادت أن تنام عليه وحولها مجموعة من القطط إناثاً وذكوراً وحديثي الولادة ودجاج وديوك.. وذلك منظر غرفتها.. ومحاطة بعدد مقدر من أطفال جيرانها من أهلنا من جنوب السودان.. قالت لي (شفت السينما دي)؟! تقصد ذلك المشهد الذي كان مألوفاً لكل زائر لها.. تتسلى وتأخذ الأجر ببذل السندوتشات والطعام للأطفال والحيوانات والطيور.. (هسه كان أخوك خت الرحمن في قلبو ما كان ولد لينا وليدات زي الصغار الحلوين ديل بدل السينما دي)!! وعبارة (السينما) أو (دخل السينما) كان يستخدمها الراحل “زيدان” كثيراً حتى في وصلاته الغنائية حينما يصيح: (أوووك.. دخل السينما)!! ويستحسن معجبوه تلك العبارة والصيحة، لأن (القون) – وهذا لقب من ألقابه – حينما يصيح بها فهو في مزاج عال للطرب والسلطنة، فقد كان يرحمه الله يطرب نفسه قبل مستمعيه من معجبين وهم كثر..
قلت لها: (أنا مسافر يا خالتي لمؤتمر في مدينة زمبابوي).. (زمبابوي دي وين)؟ عاصمة زامبيا دولة أفريقية.. وزاد “زيدان”: (يا حاجة ولدك بقى مدير كبير بيحضر مؤتمرات في الخارج).. (الله يعليهو علي الما بيهو.. تمشي وتجي بالسلامة ودعتك لي صاحب الوداعة وخلي بالك من أخوك).. (أجيب ليك معاي بن ونشرب قهوتك الما خمج).. رمقتني بنظرات حزينة دامعة: (غايتو.. الأعمار بيد الله.. لكن في الشايفاهو الله يديني حسن الخاتمة). قالتها وكنت أعلم أن جسمها رفض الدم الذي كان تتعاطاه كلما فسد دمها.. تلك كانت لحظات الوداع.. قبلت جبينها وامتزجت دموعي بدموعها.. وخرج “زيدان” إلى غرفته باكياً بحرقة.. وعند انتهاء رحلتي رفع لي الفاتحة نفر كريم من معارفي معزين في الحاجة “أم الحسين” أم صديقي الراحل “زيدان”.. ومن المطار إلى الشقلة بالحاج يوسف لأعزي “زيدان” في فقده الجلل.. ودار بخلدي شريط من ذكريات لسنوات خلت، تداخلت فيها مشاهد حفلت بالمفرح والحزين من الذكريات، وكنت متهيباً لحظة العزاء، فدلفت إلى سرادق العزاء الذي لم ينفض، وهرع “زيدان” يحتضنني وأنا أجهش بالبكاء المر.. وما هون علي في تلك اللحظات سوى رباطة جأش صديقي وهو يتمتم بعبارة (الحمد لله.. أمر الله.. لكل أجل كتاب.. البركة فيك).. الخ تلك العبارات المليئة بالايمان والرضا بقدر الموت.
} إيه يا “أم الحسين”.. يرحمك الله.. بعدها ذهبت إلى مقابر البنداري بالحاج يوسف ورفعت الفاتحة على قبرها.. نفس المقابر التي قبر فيها “زيدان” حينما جئنا بالنعش.. يا الله.. ويا للمفارقة.. فالراحل “زيدان” قبرناه بجوار أمه.. ويحضرني حديث صديقي الجميل “عابدين درمة” بعد أن قام بدفن المرحوم “زيدان”: (تعرف يا “تجاني”.. صاحبك عليه رحمة الله أوصاني بدفنه قرب أمه.. فيا سبحان الله كأنه حجز هذا القبر)!! والشاهد أن القبور متلاصقة.. فكان مجاوراً لوالدته يرحمها الله.
آخر حفل غنى فيه الراحل كان بمسرح قاعة الصداقة، صعد المسرح وغنى وهو مريض بالحمى من أثر مرضه الذي ألم بكبده.. (ليه جيت وإنت مريض!).. (معقول ما أجي؟! والله لو في نقالة كنت أجي).. وأذكر أنه غنى أول أغنية من تأليفه وألحان صديقي سعادة العميد “عمر الشاعر” (باب الريدة وانسد)، والأغنية لها وقع خاص لدينا نحن الثلاثة.. فقد كانت مفتاحنا “عمر الشاعر” وشخصي لبوابة الغناء.. الحفل كان بمناسبة تدشين ديوان لي بعنوان (تباريح الهوى)، والحفل الأخير له كان بصالة (الخليل) بحديقة الموردة. لم يشأ أن يعتذر برغم اشتداد المرض عليه.. ونذكر أنه غنى في ذلك الحفل كأن لم يغن في حياته، وكأني به مودعاً عالم الطرب الذي كان نجمه بلا منازع!! (يا أخي كان تعتذر!! إنت مريض!!).. (ما ممكن!! ده حفل أهلنا ناس فلان بالعباسية.. تعرف الله يستر باقي السنة دي ما أكملها معاكم!!)، كان مدركاً لعلته وكان مدركاً أن كبده يوشك أن يتوقف عن أداء وظيفته لأنه كان رافضاً فكرة أن يذهب إلى مستشفى، وحتى المرات التي نجبره على الذهاب كان يذهب مجاملاً لنا ليأخذ محاليل غذائية بالوريد بمستوصف دكتور “صديق” قرب استاد التحرير ببحري، وليجزي الله خيراً صديقه وصديقنا “ناصر” الذي لازمه حتى آخر أيامه، وصديقنا “السر شابو”، وصديقنا “حسن صالح” (سونا)، وصديقنا الدكتور “علاء الدين” الأستاذ بجامعة الشيخ زائد وأحد المقربين للراحل منذ أن كان طالباً بكلية العلوم جامعة الخرطوم. وقتها، قبيل وفاته غادرت تلبية لدعوة الجالية والسفارة السودانية بالشقيقة مصر ولم أشأ السفر و”زيدان” مريض، لكن أمر سفري كان مرتباً وواجباً، وأذكر أن من نظم الحفل منظمة (مستقبل وادينا) التي يديرها صديقي الإعلامي المعروف “جمال عنقرة” بشراكة مع الخطوط الجوية السودانية، وعبر الهاتف علمت بسوء حالته الصحية فجيء به وهو في الرمق الأخير ليكون نزيلاً بمستشفى (المروءة)، وجاءت الأخبار بأن الصديق الزميل الأستاذ “الهندي عز الدين” كان من أوائل المبادرين مادياً ومعنوياً بضرورة سفره وجاء بنظرة رمادية وابتسامة ذابلة وجسم نحيل، وكنت موزعاً بين المستشفى وفعاليات المهرجان الذي شهدت مدينة الإسكندرية إحدى فعالياته، وكنت ابتسم للحضور ودخيلتي تمور بحزن عميق، وما خفف ذلك الشعور أن الصديقين “كردفاني” و”زكي” جاءا برفقته، وطاقم سفارتنا بمصر كله كان على أهبة الاستعداد ابتداءً من سعادة السفير الحالي الصديق “كمال عمر” وأركان سلمه من السفارة الصديق “بابكر حنين” الملحق الإعلامي– وقتها– والصديق د. “إبراهيم” الملحق الثقافي وآخرين.. أما أهل السودان القاطنين بالقاهرة أو الذين جاءوا في عطلات تدفقوا بالعشرات نساءً ورجالاً شيوخاً وشباباً للدرجة التي كسرت إدارة المستشفى قواعدها في الزيارة حينما علمت بقدر الراحل ومكانته عند أهل السودان.. خاطبتني إحدى الطبيبات عندما علمت أني صديقه وشاعر بعض أغانيه (هو عندكم العندليب الأسمر السوداني!! تعرف سعادتك عندليبكم يشبه عندليبنا عبد الحليم حتى في المرض!! ربنا يرفعوا! بس نحن ماخدين على خاطرنا منو! شخط فينا ورفض ياخد الحقن والدواء!!).. وهنا لوح لي الراحل بيده النحيلة وبصوت خافت متقطع ونبرات بطيئة قال: (قول ليهم أنا بعتذر!! لكن وينو الجسم البستحمل الإبر الكتيرة دي؟! شوف قددوا جسمي كلوا!!).. أخبرتهم بما قاله وردت الطبيبة: (نحن بنهزر إن شاء الله يقوم بالسلامة).
قبل يومين من وفاته انفرد بي طبيب بسفارتنا– نسيت اسمه- ليخبرني بأنه صديق لـ”زيدان” يعمل طبيباً بالسعودية وأمر بنقله إلى مستشفى آخر توطئة لسفره إلى السعودية أو لندن على نفقته، برغم أننا أخبرناه بالحالة الصحية لـ”زيدان” من واقع الفحوصات التي أجريت له بالسودان والفحوصات التي أجريت له بالقاهرة، وأخبرني بأن “زيدان” يحتضر ولم يبق من كبده شيء، إذ إنه لو كان في كبده شيء كان من الممكن إجراء عملية زراعة كبد جديد! وساعات بعدها أحيل إلى العناية المكثفة بالمستشفى لترحل روحه فجر نفس اليوم.. يرحمه الله.. ومن ملاحظاتي وهو يصارع المرض اللعين أنه كان حريصاً على الرد على الهواتف من كل بقاع الدنيا التي كانت تستفسر عن صحته برهق شديد وكأنه يؤكد لهم دنو أجله، أو لحرصه على وداع محبيه من هؤلاء الذين هاتفوه وهاتفوا رفقاءه الأخ الصديق “أشرف الكاردينال” الذي أرسل بالعملة الأجنبية مبلغاً مقدراً مساهمة في علاجه ولم يشأ استرداده، بل وجه أن ينفق في أوجه البر التي كان الراحل “زيدان” ينفق عليها في الخفاء، لا سيما المدرسة التي كانت تجاور سكنه والمسجد.. لله درك أيها المنفق في الخفاء، حتى نحن أصدقاء العمر وأصدقاء الصبا ما كنا نعلم بنداوة روحك وأنت تنفق سراً في أوجه الخير.. يرحمك الله.
كان يكن محبة خاصة للراحل المقيم صديقه الحميم الفنان “خليل إسماعيل”.. والراحلان كانت لهما مساحات من المحبة والود والاحترام، كذلك من أصدقائه الخلص الصديق الموسيقار الفنان الأستاذ “أبو عركي البخيت”، وطالما تغنى الراحل وأطربنا في مجالسنا الخاصة لـ(أساتذته) هكذا كان يسميهم، عبقري الغناء السوداني المرحوم “وردي”، والأستاذ الدكتور “عبد الكريم الكابلي” أمد الله في عمره، والراحل “إبراهيم عوض”، والراحل “عثمان الشفيع”.. والشاهد أن الراحل “وردي” و”كابلي” شاركا في حفل تأبينه الأول الذي بثته قناة النيل الأزرق وأعادت بثه، وفي ذلك كادت (مطرة) أن تنهي الحفل الذي أمه آلاف من محبيه، وبالتحديد حينما بدأ الراحل “وردي” الحديث، غير أنها كانت زخات باردة من قطرات المطر استمرت لدقائق، وكأن الطبيعة جاءت لتشارك في حفل التأبين لتحيل جو الحفل إلى جو خريفي، والذين حضروا حفل التأبين الأول عقدت الدهشة ألسنتهم حينما أمطرت السماء لدقائق قبيل نهاية الحفل!! سبحان الله.. ومن الصور التي لن تبرح ذاكرتي وأنا أشاطر صديقي د. “البارودي” وزير الثقافة والإعلام عربته، فقد جاء ليقلني بعد أن هبطت الطائرة التي تقلنا، مشهد المستقبلين لجثمان الفنان الراحل.. من منا لا يذكر توقف حركة المرور وآلاف الناس الذين خرجوا حزانى لاستقبال الجثمان ليلقوا النظرة الأخيرة على عندليبهم الأسمر، وبصعوبة وعبر شرطة المرور استطعنا أن نصل شارع الأربعين الذي امتلأ بكل سكان بانت وأبو كدوك والعباسية وحي الأمراء، وعلمنا أن شارع النيل ابتداءً من كوبري النيل الأبيض مروراً بشارع النيل قبالة دار الفنانين احتشد منذ الصباح حينما سمع الناس بخبر الوفاة ينتظرون وصول الجثمان برغم أن معظمهم كان يعلم أن الطائرة ستصل عند غروب الشمس.. تلك المشاهد خففت من الألم الذي كان يعتصر قلبي وامتزجت في عيوني دموع فرحتي بعظمة مستقبلي جثمانه ودموع حزني على فقده.
الراحلة الفنانة المخضرمة الرائدة الخالة “حواء الطقطاقة” حدثتني وهي معزية لي (أريتها جنازتي يا التجاني ولدي).. أما نساء العباسية فما بخلن بالدموع والنداءات الحزينة (حي ووب!! حي ووب! باب الريدة وانسد).. بالطبع لابد أن أذكر وصول الدكتور “حمد الريح”، والدكتور “عبد القادر سالم”، والموسيقي الكبير “محمد جبريل” لمجيئهم بالتحديد فجر وفاته وبرفقتهم الأستاذ “إبراهيم شلضم” مدير شركة حفلات الفنانين وهو صديق حميم للراحل “زيدان”، وآخرين جاءوا لم تسعفني ذاكرتي لأورد أسماءهم، فلي العذر ولهم العتبى، ولا أنسى هاتف صديقي دكتور “الكابلي” معزياً لي، وصادف أن كان بالقاهرة وقد أجريت له عملية، وما زالت كلماته بصوته الجهور ترن في أذني بعبارات العزاء الجميل ولسانه يلهج بالثناء على تلميذه الراحل.. أيضاً هاتفت أصدقاءه “علاء الدين” و”حسن سونا”.. أما الفنانة السودانية الكبيرة المقيمة بالقاهرة “ستونة” فما توقفت عن زيارته هي والفنانة الكبيرة “جواهر” وكانتا تتلقيان عزاء النساء اللائي توافدن لسفارة السودان في ذلك الصباح الحزين! فيا سبحان الله.. كان الراحل يحب أغنية شهيرة له بعنوان (الوداع) للشاعر الراحل الدكتور “إبراهيم” مؤلف الأطلال التي شدت بها وتشدو سيدة الغناء العربي “أم كلثوم”.. كان للأغنية طعم خاص لا يشدو بها إلا بمزاج وحالة نفسية خاصة (قف تأمل مغرب العمر وإخفاق الشعاع!! وأبكي جبار الليالي هده طول الصراع ما يهم الناس من نجم خبا بعد التماع) تخيلوا هذا.. كأنه يرثي نفسه وهو في عنفوان شبابه!! ألم أقل لكم إن (العندليب) عاش حزيناً ومات حزيناً، وغادر الدنيا لا يملك إلا حب الناس؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية