شهادتي لله

رسائل الاحتجاجات في بريد الحكومة والمعارضة

} (الدولة تجاوزت مرحلة الاحتجاجات الأخيرة).. هذا ما قاله السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ “علي عثمان محمد طه”، وهذا صحيح، ولكن الصحيح أيضاً أن الدولة لم تتجاوز بعد، وستحتاج إلى زمن طويل لتجاوز مرحلة (المرارات) و(التصدعات) النفسية، والاجتماعية، السياسية والأمنية، جراء هذه الاحتجاجات، ولذا لا بد من تشكيل لجان لرأب الصدع (النفسي) وسط المتضررين وأهالي الضحايا.
} ما حدث خلال الأسبوع الماضي كان (كابوساً) مرعباً للجميع بلا استثناء، كان ضحيته العشرات من أبناء هذا البلد العزيز المأزوم في ساسته وفي اقتصادييه وفي سلطاته المتعددة.
} وبقدر ما انكشفت (ثغرة) كبيرة في جدار السلطة، عليها أن تسعى لسدها ومعالجة أسبابها، وتسوية آثارها، إلاّ أن احتجاجات الأسبوع الماضي كشفت أيضاً – وللأسف الشديد – أننا دولة بلا (معارضة) سياسية جاهزة ومنظمة!
} لقد تأكدتُ بما لا يدع مجالاً للشك أن حال أحزابنا وقوانا السياسية (المعارضة) أسوأ (ألف مرة) مما وصفته الأخت الأستاذة “هالة عبد الحليم” رئيسة حركة (حق) اليسارية.
} (المعارضة) لم تطلق هذه الاحتجاجات بأشكالها المختلفة، بل يبدو واضحاً أنها فوجئت بها!! وعندما تجاوزت أيام الاثنين “مدني”، و(الثلاثاء) و(الأربعاء) في “الخرطوم”، بدأت تتلمس الطريق نحو تنظيمها وترتيبها والتحدث باسمها على شاشات الفضائيات وأثير الإذاعات الدولية!
} عجزت (المعارضة) عن تجهيز (خمسة) لافتات (قماش) طول الواحدة (خمسة أمتار)، وتوزيعها على المحتجين في أم درمان والخرطوم وبحري، الذين كانوا يسدون طرقات الأحياء الرئيسية والفرعية، ثم يولون الأدبار مع أصوات الرصاص ورياح الغاز المسيل للدموع والأنوف!
} كنت أحسب أنني سأرى تظاهرات منظمة يزيد عدد المشاركين في إحداها عن (عشرة آلاف) شخص.. لا نطمع في (مليونيات) المصريين، (إخوانهم) و(علمانييهم)، الموالين للانقلاب العسكري. لكن شيئاً من هذا لم يحدث.
} توازن العمل السياسي في أي دولة في عالم اليوم، يتطلب وجود (حكومة) قوية واعية بحاجات شعبها، مستشعرة آلامه ومعاناته، دون حاجة إلى تظاهرات احتجاجية تنبهها وتلفت أنظارها، كما هو في حاجة إلى (معارضة) راسخة في قواعد الشعب، قادرة على مناهضة أية قرارات ترى أن الحكومة استبدت فيها بالرأي، دون شورى أو بحث حقيقي علمي وعملي لخيارات أخرى.
} لقد ثبت بالدليل القاطع، أن (المعارضة) في السودان تمثلها – الآن – الصحف السياسية وليس غيرها، ولهذا، فإنها غالباً ما تكون (ضحية) أية اهتزازات في البلد، سياسية أو أمنية، حتى ولو لم تكن طرفاً فيها!!
} توقفت (المجهر) دون إرادتها، لمدة (خمسة أيام) طويلة، في ظل هذه الأحداث العصيبة التي مرت بها البلاد.. وهي بتكبدها لخسائر مالية طائلة وأدبية ومعنوية لا تقدر بثمن، وللمرة (الثانية) خلال مسيرتها (عام ونصف العام)، إنما تدفع برضاء تام (ضريبة) موقفها وخطها السياسي الوطني، حتى وإن حاول البعض التشكيك فيه، والطعن في مصداقيته، فمرجعيتنا هذا الشعب العظيم الأبي، وليس أي جهة أخرى.
} إننا نأمل أن تكون أحداث الاسبوع الماضي، بما فيها تخريب وقتل وجراح، رسالة بليغة للجميع شعباً وحكومة ومعارضة.
} الرسالة للحكومة مفادها أن عامة الناس، وليس (الأحزاب)، هم الذين يصنعون المواقف.. ينشدون حياة رخية آمنة، ومستقرة.. ولهذا فإن منسوبي الأحزاب لا يمثلون (خمسة في المئة) من (الموقوفين) لدى الشرطة في أحداث الأسبوع الماضي.
} الرسالة للمعارضة تقول: أنتِ غير موجودة تماماً، وغير جاهزة لأي (تغيير)، يجب أن تتغيري لتغيري.
} الرسائل (مِن) الشعب و(إلى) الشعب، مفتوحة ومبثوثة على الهواء مباشرة، لقد كانت (احتجاجات)، ولكنها كانت مختلفة جداً عن ما تعود عليه الشعب السوداني في ثورتيه السابقتين (أكتوبر) و(أبريل).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية