تعدّد الجبهات
} رفع “جمال عبد الناصر” شعار (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة)، حينما كانت مصر تخوض معركة إزالة إسرائيل من الوجود نيابة عن العرب والفلسطينيين.. ولكن “عبد الناصر” كان ينظر لمعركته الداخلية مع الإسلاميين، ويسعى لحشد كل الطاقات للقضاء على إسرائيل، حتى حاقت به الهزيمة في حزيران يونيو 1967م. وحينما تتعدد جبهات القتال والصراع على أي حكومة في أي بلد، عليها حساب تلقي الهزيمة في إحدى الجبهات.
} حكومتنا تخوض معارك في البر والبحر وفضاء الدبلوماسية والحدود ومع الجيران وحتى داخل بيتها وغرفها الخاصة، وتمشي واثقة الخطى من كسبها لجميع معاركها.. التي تبدأ أولاً مع الاقتصاد، حيث تواجه الدولة عجزاً كبيراً في الإيرادات وارتفاع مبالغ في المصروفات، ولجأت أخيراً لسياسات جديدة.. ولكن صحة الإجراءات لا تغني عن آثارها الاجتماعية والسياسية. ولدرء مخاطر الرفض الذي تبدى في الرأي العام (احتمى) الجهاز التنفيذي بالرئيس “البشير” ليخوض نيابة عن كل الحكومة معركة إقناع الرأي العام بصحة موقفهم.
} المعركة الثانية هي الحرب في المناطق الملتهبة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، وطبيعة المعركة هنا عسكرية بعد انسداد قنوات الحوار والتفاوض مع حاملي السلاح، وبات الرهان على البندقية وحدها لحسم النزاع، وقد أعلن الرئيس عن إنهاء التمرد الصيف القادم.
} المعركة الثالثة هي “أبيي” وتبعات “أبيي”، وحكومة الجنوب تمضي في إجراءات الاستفتاء من طرف واحد الشهر القادم لفرض أمر واقع على الأرض و(استتباع) “أبيي” للجنوب.. الشيء الذي يهدد بنسف كل اتفاقيات التعاون بين الدولتين، ووقف ضخ البترول، وعودة مناخات نذر المواجهة بين الدولتين.. ومعركة “أبيي” حتمية ومصيرية وقريبة جداً.
} المعركة الرابعة مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي والمحكمة الجنائية الدولية التي تتربص بالرئيس “عمر البشير”.. وتسعى لتقييد حركته خارجياً بتحريض الدول وإغوائها لرفض استقباله، وما قضية التأشيرة إلا (منظر) لفيلم مرتقب عرضه على الشاشة الدولية.
} والمعركة الخامسة مع المعارضة الداخلية التي تسعى لإثارة الشارع والتحريض عبر الإعلام الإلكتروني باسم الربيع السوداني، ورغم ضعف المعارضة وبؤس أطروحتها السياسية، ونجاح الحكومة في تحييد حزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي، إلا أن إثارة الشارع قد تؤدي لمواجهات محدودة، ولكنها بالطبع لها ثمنها وتبعاتها.
} والمعركة السادسة داخلية، حيث وجه د.”نافع علي نافع” مدفعيته الثقيلة من الفاشر لمن (سمَّاهم) مروجي الشائعات عن (ظهورهم) المحمية بمراكز النفوذ القوية في الخرطوم.. لم يُسمِّ د.”نافع” الذين قال إن مصيرهم (الندم) والحسرة إذا خرجوا من الحزب وسيأكلهم الذئب، إلا أن الإشارة واضحة، ولحن القول لمن يعرف الأشياء و(يفهمها طائرة)، تلك بعض المعارك التي تخوضها حكومتنا، وقد يضيف إليها البعض معارك أخرى لتصبح عشراً أو عشرين، أو ينتقص من المعارك الست نصفٌ متفائل أو مستهين بالمعارك التي تخوضها حكومتنا، ولكن بالطبع لا يستطيع أحداً (نكران) ضوء الشمس من رمدٍ!.