الديوان

الكلاب البوليسيّة .. (الأنف) تبصر قبل العين أحيانا!!

قديمة هي – بلا شك – علاقة الإنسان بالكلب، إذ يُعد من أوائل الحيوانات التي استأنسها.. فكان الرفيق في الرعي.. والمساعد في الصيد.. والأمين في الحراسة.. ثم تطورت هذه العلاقة حديثاً لتشمل مساعدة المكفوفين في تلمس طريقهم.. بجانب استخدام وتطويع (أنف) الكلب الحساسة لتشارك في فك طلاسم الجريمة.. فظهرت وحدات (الكلاب البوليسية) في قوات الشرطة بمختلف دول العالم.. وهذه العلاقة الأخيرة هي ما نركز عليه في هذا التقرير.. غير أننا نبدأ أولاً في النظر إلى جذور العلاقة الوطيدة بين الإنسان والكلب.
{ علاقة راسخة
يقول علماء التاريخ (البيولوجي) إن الكلب الأليف انحدر مباشرة من الذئب، واستطاع إنسان الغابة أن يؤهل هذا الكائن المنحدر ويستأنسه في فترات زمنية مختلفة، وفي أماكن كثيرة، منذ حوالي (10) إلى (12) ألف سنة. والكلب من الحيوانات الثدية، وهو الأسهل اسئناساً على الإطلاق.. فكي يستطيع الإنسان استئناس الحصان أو الغزال أو الفيل أو الأسد مثلاً، فإن عليه أن يأسر هذه الحيوانات ويسجنها وينتصر عليها بالقوة.. لكنه – أي الإنسان – لم ولن يجد أي صعوبة في استئناس الكلب.
{ ابني “كليب”!!
وقد بلغت قوة ارتباط العرب قديماً بالكلب إلى حد تسمية الأبناء بأسماء نحو “كليب”.. وإن كان ثمة أسماء مقتبسة من حيوانات أخرى، مثل “ليث” و”أسد” و”فهد” وغيرها.. وقد سُئل إعرابي: (لم تسمون أبناءكم بأسماء نحو “كلب” و”ذئب”.. فيما تسمون مواليكم “رباح” و”مرزوق”)؟ فقال: (إنما نسمي أبناءنا لأعدائنا وموالينا لأنفسنا)!! وكأنه قصد التفاؤل في اسم “كليب” – مثلاً – بمكالبة العدو وقهره.
{ من الفراعنة إلى العرب
ويقال إن أول من استخدم الكلاب فى الحرب والصيد هم الفراعنة.. ثم ذكرت كتب التاريخ أن “الاسكندر الأكبر” كان يصطحب معه الكلاب المدربة فى حروبه وفتوحاته الكثيرة، وكانت من الأنواع الشرسة ذات البنية القوية والحجم الكبير، ولها الفضل فى انتصاراته الباهرة.
ثم تشير المراجع إلى أن العرب كانوا يعتنون بسلالة من الكلاب، قوية البنية عالية الجسم قوية التأهيل، متمرسة في صيد الوحوش البرية، وتقاتل بجسارة ولا تهاب حتى الأسد! وكانو يعهدون اليها بحراسة أزواجهم وأولادهم وممتلكاتهم أثناء غيابهم.
{ الكلاب الشرطية السودانيّة
وعوداً إلى أحد الاستخدامات الحديثة للكلب، نأتي إلى الحديث عن (الكلاب البوليسية) في السودان.. ما أنواعها ومن أين يتم الحصول عليها وكيف تطور استخدامها؟!
كل هذه الأسئلة وغيرها حملناها ووضعناها أمام العميد “علي أحمد حسن”، رئيس دائرة (الكلاب البوليسية)، فقال: في البداية نشأت فكرة الاستعانة بـ (الكلاب البوليسية) في بريطانيا مطلع القرن العشرين، ثمَّ انتشرت – كما كرة القدم – إلى كل أرجاء المعمورة.. فيما بدأت رحلة السودان مع تجربة الاستعانة بالكلاب البوليسية في العام 1963.
والكلاب الشرطية، لها مدربون متخصصون وبرنامج غذاء.. وهي متخصِّصة في مجالات متباينة مثل المتفجرات والمخدرات والأسلحة، وغيرها.
{ كلابنا (أميّة)!!
سألنا العميد “علي” عن الفرق بين الكلاب التي يستخدمونها، وتلك التي تعج بها الشوارع والأحياء.. فقال: الكلاب السودانية التقليدية هي من سلالة (السّلوقي) الذي ينتمي إلى جبال وصحاري شمال إفريقيا.. وهي كلاب وفيّة جداً، لكنها لا تبالي كثيراً بالغرباء!! وهى أيضاً بلا شخصية، ولم يُبذل أيُّ جهد في تعليمها وتدريبها وإكسابها المهارات وتطوير مواهبها، لذلك أصبحت (أميَّة) وغير لا مبالية.. تأكل كما اتفق، وتنام كما اتفق في وسط الطريق أو غيره، وأحياناً تتصرف تصرفات تنم عن الطيش، إذ تدور حول نفسها بلا سبب.. أو تطارد حشرة أو قطة أو فأراً أو ورقة طائرة في الهواء.. وهذا سلوك ينمُّ عن أنَّ تطورها العقلي ليس على ما يرام!!
ويواصل العقيد: أما الكلاب البوليسية التي نستخدمها في السودان فهي من سلالة (جيرمان شيبارد).. وهو كلب من أصل ألماني، انتشر في العالم ليصبح (ماركة) عالمية مثل (المرسيدس). وينتمي (جيرمان شيبارد) إلى سلالات قديمة من كلاب الرعي والزراعة، وقد استخدِم في الحرب، ثم في عمليات الطوارئ والإسعاف وأعمال الأمن والبوليس وقيادة كفيفي البصر.
{ حَكَم يرضَى حكمه
ويضيف ضيفنا: والكلب البوليسي يتمتع بحاسة شم تساوي قوتها (أربعين مرة) حاسة شم الإنسان.. وهو شرس جداً.. واثق من نفسه.. ويثق به القضاة كحَكَم يرضَى حكمَه، لا جرحَ ولا تعديلَ في شهادته.. إذ لا يشهد إلا بما يرى ولا يتكلم إلا بما يعلم!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية