أخبار

(أحزاب الحكومة) بامتياز!!

أخيراً اعترفت الحكومة بأن لديها أحزاباً وليس حزباً واحداً يحكمها.. وقد امتلأت صحف أمس الأول بخبر مضحك يحمل في طياته موافقة (أحزاب الحكومة) على رفع الدعم!!
حسناً فعلت (أحزاب الحكومة) وهي تمارس التصفيق المجاني لرفع الدعم.. فالخطوةُ تؤكد مجدداً الانسجام إلى حد الذوبان في منظومة الحزب الحاكم.. ما الغريب – أيها السادة -؟! .. أليست هي (أحزاب الحكومة) وليست المعارضة.. (أحزاب الحكومة) لابد أن تكون مع الحكومة على طول الخط.. في السراء والضراء.. في (الرفع) و(الضم) و(الجر).. وربما (السكون) و(الجزم)!!..
ما من شيء يدعو للدهشة.. إنها (أحزاب الحكومة) عَلا صوتها أخيراً وبدأت تتحدث بلسان خاص بها وليس بلسان الناطق الرسمي باسم الحكومة.. لا ينبغي أن يذهب الظن السيئ بعيداً.. فهؤلاء لا يقدمون فروض الولاء والطاعة لاستبقائهم ضمن (التشكيلة المرتقبة).. ولا يعرضون البصم بالعشرة على (رفع الدعم الاقتصادي) مقابل (رفع الحرج السياسي).. وإنما هم يتحدثون عن رأي مستقل وحر ويعبرون عن رؤيةٍ واضحةٍ وثاقبة.. حيث توصلوا بعد جهدٍ جهيد وبما لا يدع مجالاً للشك إلى حقيقة خطورة عدم رفع الدعم وكارثية الاستمرار في السند الحكومي الذي يذهب – كما يقولون – للأغنياء وليس للفقراء.. ذات النظرية المتكررة التي يتبناها القائمون على أمر اقتصاد البلاد والعباد!!
لا غبار على (أحزاب الحكومة).. فهي جزء أصيل منها وعضوية فاعلة فيها ومن حقها أن تدلي برأيها وتشارك في صناعة القرار.. فهي (أحزاب الحكومة بامتياز).. أما الشعب فله ربٌ يحميه وربما (معارضة) ظلت تراهن على (كروت الضغط الاقتصادية) وتقول (لا) لكل شيء تفعله الحكومة.. فكان لزاماً عليها أن تقول أيضاً (لا) لرفع الدعم.. وأن تُمعن في معارضتها فتؤكد أن رفع الدعم يعني (إسقاط النظام) بما فيه (أحزاب الحكومة) التي تقول الآن (نعم) لرفع الدعم.. فاستحقت غضب المعارضة مثلما دعت لكسب ود الموالاة كما قد يتهمها البعض ممن لا يرون سبباً مقنعاً لرفع الدعم ولا يصدقون أن المستفيد منه هم الأثرياء وليس الفقراء!!
(أحزاب الحكومة) التي بدأت مسلسل التصريحات باسمها ينتظر الشارع أن يسمع رأيها في ( زيادة الأجور) بعد أن قالت كلمتها في (رفع الدعم).. كما ينتظر التعرف على رؤيتها حول كافة القضايا والأزمات التي تمر بها البلاد لتؤكد للقاصي والداني أنها بالفعل (أحزاب حاكمة) وليست مجرد ديكور في واجهة الحكومة ولزوم ما لا يلزم!!
(ديمقراطية الحكومة) تقتضي أن لا تأخذ فقط برأي (أحزابها).. وإنما لابد من الاستماع جيداً أيضاً لرأي الأحزاب التي تعارضها.. وقبل هذا وذاك أن تستجيب لاحتياجات ورغبات المواطن الذي كما تقول هو الذي انتخبها أو على الأقل انتخب من قاموا بتعيينها!!
(أحزاب الحكومة) كانت في الظل لا أحد يعرف عنها شيئاً وتنعم بالمحاصصة السياسية وامتيازاتها ومخصصاتها في سلامٍ وأمان وتسهم بشكل ضاغط في استنزاف خزانة الدولة التي فشلت في إجراءات التقشف وترشيد الإنفاق.. أما بعد الآن وقد خرجت (أحزاب الحكومة) للنور وبدأت تُصرح وترفض وتوافق فقد أصبحت عليها العين.. وتوجبت عليها المساءلة والمحاسبة وإجراء (جرد حساب) لما قدمته من خلال (الحكومة العريضة) التي آن الأوان أن يُرفع عنها الدعم لأنها المتسبب الأول في (رفع الدعم)!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية