اقتصاد

خبراء اقتصاديون: رفع الدعم سيفاقم معاناة المواطنين ويضعف الإنتاج والجنيه

يبدو أن اتجاه الحكومة لرفع الدعم عن سلع السكر والمحروقات هذه المرة يمضي نحو التنفيذ، بالنظر إلى الحالة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ انفصال جنوب البلاد وخروج (70%) من إيرادات النفط. ورغم المبررات التي ساقتها الحكومة بأن الدعم لا يذهب للشرائح الفقيرة ويستفيد منه الأغنياء، إلا أن التحذيرات جاءت قوية من خبراء اقتصاديين، بأن رفع الدعم عن السلع سيفاقم من معاناة المواطن المتمثلة في ارتفاع الأسعار.
ويأتي رفع الدعم في إطار الإصلاح الاقتصادي، على أن يتم تدريجياً بناء على قراري مجلس الوزراء والمجلس الوطني السابقين. ويشدد الخبير الاقتصادي وزير الدولة الأسبق بوزارة المالية «عز الدين إبراهيم» على ضرورة إيجاد معالجات لآثار رفع الدعم عن السلع، وقال إن هنالك إشكالات تواجه الاقتصاد السوداني متمثلة في الدعم الذي به منافع ومضار، حيث إن هنالك رقماً كبيراً من الموازنة يذهب إلى دعم المحروقات، وينبغي أن يذهب إلى التنمية. ويضيف: والأجدى أن توجد آلية لخفض الدعم وأن لا يتم بصورة كلية، بل يكون جزئياً وتدريجياً. وربط «عز الدين» رفع الدعم عن السلع بالعجز الذي قال إنه يواجه الموازنة العامة للدولة، لكنه حذر من الخطوة وانعكاساتها السالبة على المواطنين، حيث ترفع من ضغوط الحياة وتزيد تكلفة الإنتاج، ودعا إلى ضرورة أن يتخذ القرار بموازنات، والنظر إلى الواقع السياسي، وقال: المسألة متشابكة رغم أن رفع الدعم مهم لكن يجب أن يتم بالتدريج، وحث الخبير الاقتصاد د. «عز الدين» الحكومة على تطبيق التقشف في الصرف الحكومي ليساهم في توفير موارد للدولة.
أما الخبير الاقتصادي المعروف بروفيسور « عبد الوهاب بوب» فنفى وجود دعم حكومي أصلاً للسلع، وقال: لا يوجد ما يسمى بالدعم الحكومي للسلع، لأن أسعار هذه السلع الأساسية التي رفع عنها الدعم هي زيادة في الضريبة، مع العلم بأن أسعار هذه السلع في الدول المجاورة تعادل ثلثي سعرها في السودان حتى في الدول الفقيرة. وعدّ «بوب» رفع الدعم عبارة عن زيادة ضريبة تستهدف رفع معاناة المواطن، واستهداف قدرته على شراء الضروريات، لأن الزيادة مثلاً في أسعار المحروقات تؤدي إلى زيادة كل أسعار السلع، والزيادة في أسعار القمح ستحرم المواطن من الطعام الأساسي، لأن سعر القمح الآن أقل من الذرة، ويضيف: سعر القمح يرتفع بارتفاع مدخلات الإنتاج، وبصورة واقعية ستؤدي هذه الزيادات الضريبية إلى إنهاك قوة المواطن الاستهلاكية وضعف الإنتاج، وترفع من معدلات التضخم بصورة غير مسبوقة، بالإضافة إلى انهيار قيمة الجنيه السوداني تماماً. وأشار «بوب» إلى أن خطوة رفع الدعم عن السلع جاءت نتيجة للاستجابة لتوجيهات صندوق النقد والبنك الدوليين، وهي روشتة يقدمانها لكل الدول النامية التي تواجه مشاكل اقتصادية.
ونوه الخبير الاقتصادي «بوب» إلى أن هنالك حلولاً ومعالجات أخرى كان يمكن أن تلجأ لها الحكومة، إلا أنها ليست لديها القدرة على اتخاذ رؤية اقتصادية جديدة.
وفي السياق، أكد العضو البرلماني المستقل «عماد الدين البشرى» أنهم في الظروف الاقتصادية الحالية للسودان لا يوافقون على رفع الدعم عن السلع والمحروقات، لأن المواطن يعاني من غلاء الأسعار. وشدد «عماد الدين» على ضرورة أن تطبق الحكومة التقشف على نفسها، وأن يتم ذلك بوضوح، حتى وإن كان أثر هذا التقشف قليلاً فسيساهم في دعم الموازنة. ودعا البرلماني المستقل إلى الاتجاه لمحاربة الفساد في الدولة، وتوقع «عماد الدين» إجازة البرلمان لقرار رفع الدعم عن المحروقات والسكر والدقيق.
يرى الخبير الاقتصادي د. «بابكر محمد توم» أن القرار ينبغي أن يتم بعد دراسة، وقال إن البرلمان أكد على ذلك، وأيضاً يجب تحديد الفئات والشرائح التي ستتأثر من رفع الدعم عن السلع. وأضاف: سياسة التحرير الاقتصادي تقر ذلك، والقرار لا غبار عليه، لكن يجب أن يتم بتدرج لا في حزمة واحدة، وأن تقوم وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي بدعم الفقراء المتأثرين برفع الدعم، وأن تعمل الدولة على جهود لدعم الجنيه، ومعالجات أخرى، بزيادة نسبة الصادرات، وإحلال الواردات، والاهتمام بالبرنامج الاقتصادي الثلاثي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية