شهادتي لله

رفع الدعم عن المحروقات .. هذا (الحريق)!!

} لو تروّى قادة الحكم في بلادنا هذه الأيام في قرار ما يسمى (رفع الدعم عن السلع)، ونظروا إلى الأوضاع في دول العالم من حولهم، ابتداء من “سوريا” المهددة بضربة جوية أمريكية خلال أيام، بالتزامن مع حصار (الجيش الحر) للعاصمة “دمشق” وتوغله في بعض أحيائها، مروراً بانفجارات “لبنان” السياسية والأمنية، انتقالاً إلى المشهد المأساوي لانهيار منظومة الأمن والاستقرار في “مصر” عقب الإطاحة بالرئيس المنتخب “محمد مرسي” في انقلاب عسكري قاده وزير الدفاع الفريق “عبد الفتاح السيسي”، وصولاً على الاضطرابات التي تشهدها “ليبيا” هذه الأيام، ثم الأزمة السياسية الطاحنة في “تونس” ومؤشرات المؤامرة الجديدة للإطاحة بحكومة الشيخ “راشد الغنوشي” و(إخوانه) وحلفائه، نزولاً إلى توترات (جنوب السودان) عقب إعفاء نائب الرئيس “رياك مشار” وإعفاء الأمين العام للحركة الشعبية الحاكمة “باقان أموم” وإحالة الوزير الأول بمجلس الوزراء “دينق ألور” إلى المحاكمة بتهمة الفساد.. إذا تروى قادة الحكم في بلادنا قليلاً لحمدوا الله و(باسوا) أياديهم (وش وضهر)، كما يقول إخواننا (المصريون).
} لماذا تريد حكومتنا أن تجر على نفسها (قلاقل) وأزمات وتهديدات هي في غنى عنها، فقط لأن الأستاذ “علي محمود عبد الرسول” فشل في إدارة وزارة المالية والاقتصاد الوطني، هو وشريكه “محمد خير الزبير” محافظ البنك المركزي.
} عليكم أن تحمدوا الله وتصلوا على (النبي)، وتبوسوا أياديكم (وش) و(ضهر) لأنكم باقون في الحكم منذ (24) عاماً طويلة، في مقابل (معارضة) ضعيفة هزيلة، لا أمل لها.. لا في صناديق الانتخابات حتى ولو جاءت نزيهة وشفافة ومبرأة من كل عيب، ولا قدرة لها على إسقاط (محلية أم بدة)، دعك من إسقاط كل النظام!!
} لكن الشعب السوداني عندما يغضب ويثور، لا يعرف الفرق بين (حزب أمة) و(مؤتمر شعبي)، والانتفاضة التي اندلعت في (مارس/ أبريل) عام 1985م، لم يفجرها (الشيوعيون) ولا (البعثيون) ولا (الاتحاديون) ولا (الأنصار)، بل فجرتها جموع الشعب السوداني بأكثريته غير المنتمية.
} قد لا يعلم السيد “علي محمود”، ومن يقوم بتنويرهم بأرقام ميزانياته المضطربة، أن سعر رطل (اللبن) في “الخرطوم” ارتفع إلى (ثلاثة جنيهات ونصف الجنيه) قبل (رفع الدعم)!! فيما زاد سعر كيلو (الجبنة) خلال شهر واحد (عشرة جنيهات)، ليصبح (أربعين جنيهاً).. هذا قبل (رفع الدعم)!!
} أصحاب الحافلات والمركبات العامة رفعوا قبل أيام – دون أن يستأذنوا أحداً – قيمة الترحيل للراكب من أم درمان إلى الخرطوم، ومن بحري إلى الخرطوم، وبالعكس، ومن الخرطوم إلى أحيائها جنوباً وشرقاً، إلى (جنيهين ونصف الجنيه) بل و(ثلاثة جنيهات)!! وهذا قبل (رفع الدعم)!!
} مشوار الأجرة بعربة (أمجاد) من (الثورة) إلى (أم درمان) يكلف حوالي (ثلاثين) جنيهاً، لمسافة تقل عن (سبعة كليومترات)!! كم سيحتاج المواطن (الغلبان) يا قادة (المؤتمر الوطني) بعد رفع سعر جالون (البنزين) ولو (جنيهين فقط).. كم سيحتاج من الجنيهات لقضاء أمر (مهم) في مشوار السبعة كليومترات؟! ربما (سبعين) جنيهاً.. وربما (مئة جنيه)، هذا إذا بلغت الزيادة من (4) إلى (5) جنيهات على الجالون!!
} مشوار (الأمجاد) أو (التاكسي) سيكون (مئة جنيه) في دولة “علي محمود” و”الزبير” و”حسن أحمد طه” أمين الاقتصاد بالمؤتمر الوطني، بينما لا يتجاوز متوسط راتب موظف في (الدرجة السابعة) بحكومة السودان (ستمائة جنيه)!! أي أنه سيعادل (6) مشاوير عربة (أمجاد)!!
} لا أظنهم سيردون بالقول: سنزيد المرتبات (مئة جنيه) أو (مئتين).. وسندعم الشرائح الفقيرة!! لأنهم عندها سيضحكون على أنفسهم، لا على الشعب الذي ملّ هذه الأسطوانات المشروخة.
} تذكرة المواصلات العامة بالحافلات والبصات داخل ولاية الخرطوم ستصل إلى (خمسة جنيهات) ذهاباً.. و(خمسة) أخرى إياباً.. هذا غير (خمسات) أخر في الخطوط الفرعية بوسط الخرطوم (من موقف “جاكسون” إلى العمارات.. أو “السجانة” أو “أركويت” ومن موقف الشهداء بأم درمان إلى الثورة، أو أم بدة).
} باختصار يا سيد “علي محمود”.. رفع الدعم عن (المحروقات) هو (حريق) كامل للفقراء والمساكين وأصحاب الدخول (المتوسطة)، وليس (الأثرياء) كما يردد بعض الذين لا يعلمون شيئاً من مسؤولي الدولة!!
} مرتب الموظفين والعمال، وتحويلات المغتربين لزوجاتهم وأطفالهم، ستذهب جلها لبند (المواصلات)، هذا بخلاف فاتورة (التعليم) و(العلاج) الباهظ جداً (لن يصدقكم أحد إذا قلتم إن والي الخرطوم سافر إلى الصين لاستجلاب بصات إضافية لمعالجة الأزمة وتخفيف ضغط رفع الدعم، لأن الناس قد دخلت هذا الفيلم (الهندي) من قبل)!!
} لا شيء عندي أقوله أكثر من أن رفع الدعم عن (المحروقات) أو (الدقيق)، وزيادة الجمارك على السلع (الغذائية) ورفع قيمة (الدولار الجمركي)، الذي تم بالفعل، سيجعل السيد “علي محمود عبد الرسول” آخر وزير مالية في عهد (الإنقاذ) في نسختها الأخيرة!!
} كيف لا يجد وزير المالية مالاً للفصل الأول بينما وزارات وشركات حكومية كبرى تجنب مئات (المليارات) من الجنيهات وما يزال (التجنيب) مستمراً!! أين ستذهب العائدات المتوقعة من نصيب (نفط الجنوب) – حوالي (مئة وخمسين مليون دولار)؟! لماذا لا تضع قيادة الدولة يدها على كافة المدخرات والاستثمارات (الخاصة) بأجهزة وهيئات سياسية وشبه (رسمية)؟! لماذا لا يصدر السيد الرئيس أمراً بمصادرة كل القصور والفيلات والبيوت المملوكة لمسؤولين سابقين وحاليين، ووضع كل ما يزيد عن (ثلاثة بيوت) تحت تصرف (نيابة المال العام) وبيعها بالمزادات لصالح الخزينة العامة تحت لافتة (من أين لك هذا؟!).
} بالله عليكم .. كيف يستطيع أحدهم أن يملك أكثر من (عشرين) بيتاً وقطعة في الخرطوم، بينما لم يكن شيئاً مذكوراً قبل عشرين عاماً؟! من أين له هذا إذا كان موظفاً عاماً، مهما علت وظيفته ومقامه؟!
} الخيارات والحلول عديدة ومتعددة.. لكن “علي محمود” لا يفكر.. ولا يريد أن يترك الآخرين يفكرون .
} سيخربها ويقعد على تلها.. !!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية