أخبار

ما بين (شيخ أم درمان) و"النصري"

{ سيطرت الصور التي تجسد انحناء عدد من البنات والأولاد، أمام أحد الشيوخ المعروفين في أم درمان، على كافة مواقع الانترنت طوال شهر رمضان، بل أضحت المادة الرئيسية لكثير من الصحف والأعمدة الراتبة، التي أعلنت استهجانها لهذه الظاهرة الخطيرة، التي توضح أن المجتمع يمر بمنعطفات خطيرة، خاصة وأن الشيخ المعني (مبسوط) من تلك الطريقة وموافق عليها، وربما كانت واحدة من شروط الولاء والانتماء لمجموعته.
{ تناولت هذا الموضوع قبل فترة، وتحدثت بوضوح عن الظاهرة، وأعلنت رفضي التام لهذه الطريقة، التي لا تمت للدين بصلة، وإن ادعى هذا الشيخ أن كتاب الله هو الحكم في شريعته المنتهجة مع الشباب وحوارييه.. وبالأمس وفي إطار حملة استهداف واضحة، ضجت المواقع ذاتها بنشر صورة لأحد معجبي الفنان “محمد النصري”، يحاول أن يقبل قدميه في لحظة من التجلي والشعور بالإحساس والإشباع الفني العالي، الذي يتمكن من المكنون البشري ويجعل صاحبه كما يقول أهل النفس والاجتماع، في حالة من اللاوعي المؤقت، الذي يفقدك التوازن ويوجهك لإصدار تصرفات، قد تبدو غير منطقية، لا يتدخل العقل في الترتيب لها. ومن ذات المنطلق حاول هذا الشاب، بعد أن وصل إلى مرحلة الإشباع، أن يقوم بتصرف قد يبدو غير لائق أو منطقي، أو غير مقبول، ولكن في ذات الوقت، فإن المبرر من ناحية علمية (عادي).
{ الفنان “النصري” حاول جاهداً أن يبعد الشاب، ويطيب خاطره ويعيد توازنه المفقود بهدوء، حتى لا يخلق نوعاً من الفوضى في المسرح أثناء الحفل، لذلك كان المشهد في أقل من ثوانٍ معدودات، وانتهى الأمر في ظل رفض واسع من شريحة كبيرة من معجبي ومحبي “النصري”، الذين اكتظت بهم كراسي المسرح. ولكن هناك من كان يترصد هذه المشاهد، ليشوه صورة الفنان الأول، وليعرقل المشوار الذي بدأ وخلق نوعاً من التوجس والإرهاب والرعب لكثير من الفنانين الذين أضحى حالهم يغني عن سؤالهم، بعد أن تربع الإمبراطور ود “النصري”، على قلوب الكل، ونال أعلى الأصوات وباكتساح.
{ ولا مجال للمقارنة ما بين صور ذاك الشيخ المعروف، وتصرف الشاب المريض حسيّاً بالطمبور، خاصة وإننا مازلنا نتذكر اعتزال “النصري” في زمان مضى، حينما أحس بوجود شبهة حرام في الغناء، ودخل من بعدها في جدل واسع مع أهل الدين والفقه، حتى تبين له الخيط الأبيض من الأسود. وواصل مشوار التألق والنجاح، لأن تربية الرجل قد زرعت بداخله تصوفاً ذاتياً، يمنعه من السماح للحرام أن يكون ضمن منظومة حياته مهما كان التداعي.
{ الفنان “النصري” ، واحد من الثروات الفنية التي ينبغي أن نعض عليها بالنواجذ، ولن نسمح بمحاولة البعض المكشوفة الأغراض، للنيل من الرجل وعرقلة مسيره الذي بدأ، وأعاد لنا مجد الغناء من خلال لمسات إبداعية سحرية، صنعت أرضية صلبة، لا يمكن لمتهور أو فاشل أن يزعزع استقرارها. لذلك فإن الإساءة لـ”لنصري” إساءة لأي سوداني عاشق للفن والإبداع. فلنكن درعاً واقيا، يعيننا على كشف هذه الألاعيب، ونوضح للرأي العام التحركات المشبوهة التي تسعى لاغتيال الغناء السوداني النظيف، لتنشر بموجبه غث الكلمات وركيك العبارات.
{ عذراً الفنان القامة الأستاذ “محمد النصري”، فدائماً ما تكون القمم مستهدفة، ودائماً ما يكون النجاح طريقاً ممتلئاً بالأشواك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية