اقتصاد

رفع الدعم عن المحروقات.. جراحة مؤلمة للجسد المنهك

في الوقت الذي يدور فيه جدل حول موضوع رفع الدعم عن المحروقات بين الجهاز التنظيمي للحزب الحاكم والجهاز التنفيذي، حسم وزير المالية «علي محمود» هذا الموضوع أول أمس مؤكداً ضرورة اتخاذ حزمة من الإصلاحات الاقتصادية، تشمل رفع الدعم عن المحروقات بجانب تخفيف الإنفاق الحكومي، وترشيد وطرح جملة من المعالجات لدعم الشرائح الفقيرة التي ستتأثر بموضوع رفع الدعم كان من ضمنها توسيع مظلة الدعم الاجتماعي. ودعا الوزير في الوقت ذاته إلى مراجعة هذه المظلة بالتركيز على العمل الاجتماعي المؤسسي الذي قال إن ميزانيته ارتفعت من (60) مليوناً إلى (600) مليون.
واستبعد «علي محمود» تنفيذ وزارته لقرار زيادة الأجور الذي أقره الرئيس على ضوء طلب كان قد دفع به اتحاد العمال عندما قال زيادة الصرف على الفصل الأول (المرتبات) خلال النصف الأول من هذا العام بلغ (6,1) مليارات جنيه مقارنة بالعام الماضي الذي بلغ (4,8) مليارات جنيه، وكلام «محمود» يشير إلى أن أي زيادة إضافية ستقود إلى التزامات جديدة.
ودار جدل كثيف حول عدم التزام الدولة بموضوع الإنفاق الحكومي، ورغم أن الوزير أكد تطبيق الحكومة لمسألة تقليل الإنفاق الحكومي، إلا أنه لم يستبعد وجود بعض التغييرات، فيما أشار أحد الخبراء إلى وجود تجاوزات في موضوع استيراد العربات والركشات.. وقلل الوزير من عائد خفض الإنفاق الحكومي لكنه أقر بأن الإنفاق الحقيقي يتمثل في الإنفاق على الحرب التي أقحمت فيها البلاد وتمثلت في هجليج وجنوب كردفان حيث يصبح الإنفاق مفتوحاً.
تنوير وزير المالية للصحفيين الذي كان يرافقه فيه محافظ بنك السودان «محمد خير الزبير» أمس يشير بوضوح إلى أن الوضع الاقتصادي لم يتجاوز الأزمة رغم حديثهما عن تجاوزه لصدمة عامة 2012م، بدليل أن الحكومة تنوي اتخاذ مزيداً من الإجراءات الإصلاحية من بينها رفع الدعم عن المحروقات الذي سيترك أثره على الطبقات الفقيرة، رغم حديث الحكومة عن أن الدعم يستفيد منه الأغنياء والذي سيكون بمثابة (جراحة مؤلمة لجسد منهك).
من ناحيته أشار محافظ بنك السودان إلى ارتفاع صادرات الذهب خلال العام 2012م، من خلال تصدير (44) طناً حيث بلغت عائداته خلال عامي 2011-2012م، نحو (3,4) مليارات دولار، إلا أنه في الوقت ذاته يرى ضرورة تطبيق حزمة الإصلاحات الاقتصادية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
حديث الوزير والمحافظ قابله الخبراء والمحللون بانتقادات وتساؤلات من نوعية أين ذهبت أموال الذهب وقيمة ترحيل برميل نفط الجنوب، ومن بين هؤلاء بروفيسور «حسن الساعوري» الذي قال لـ(المجهر) رداً على حديث «علي محمود» وهل رفع الدعم عن المحروقات أصبح وشيكاً؟.. وقال: (أين ذهب عائد الذهب وقبل ذلك قالوا أصبحنا نصدر (50) طناً من الذهب سنوياً وعملوا مهرجاناً كبيراً لذلك، وأين موقعه من الميزانية كذلك خلال الأشهر الماضية تدفق نفط الجنوب عبر أنابيب الشمال، أين ذهب عائد الترحيل وكنا قد توجهنا بهذا السؤال إلى محافظ بنك السودان، فقال ما وصلتنا حتى الآن من الجنوب هي فواتير وأعلنا ذلك في الصحف لأن بعض خبراء الاقتصاد لم يعتمدوا هذه التفسيرات بحجة أن الحكومة قد تكون استلمت بالفعل هذا الثمن لأنها لا يمكن أن تواصل في الترحيل إذا لم تستلم).
وتساءل «الساعوري» عن تقشف الحكومة الذي أعلنته قبل ذلك كل يوم نسمع بولاية جديدة ومحلية – والحديث «الساعوري»- ثم كيف سيعلن موضوع رفع الدعم عن المحروقات على ضوء قرار البرلمان الرافض لذلك، فهل سيطبق دون الرجوع للبرلمان؟.
ونحن بدورنا نسأل هل ستطبق الحكومة قرار رفع الدعم الذي قالت أصبح وشيكاً دون الرجوع للبرلمان أم أن هناك اتفاقاً بين البرلمان والحزب الحاكم؟.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية