أخبار

للمرة الألف!!

ماذا بعد أن أعلن السيد “الصادق المهدي” في خطبة الجمعة الماضية ما تناقلته الصحف والفضائيات؟! الرجل قال بالحرف الواحد: (للمرة الألف لن نشارك).. هل نحن إلى هذا الحد المزعج ما زلنا نبحث عن مشاركة حزب الأمة بـ (كسر الرقبة)؟! وهل يعقل أن نلاحق السيد الأمام بسؤال المشاركة من عدمها، وقد أحصى “المهدي” عدد إجابته النافية فقدّرها بأنها تجاوزت (المرة الألف)؟! هذا يكفي جداً رغم أن البعض قد يقول إن هذه (المرة الألف) هي فقط الحاسمة، أما ما قبلها فكان سياسة (البين بين)، ومسك العصا من منتصفها، ووضع قدم في اليابسة وأخرى في الماء.. بل قد يذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك، ليقول إن (المرة الألف) التي أطلقها الإمام من الجائز جداً أن تأتي بعدها مشاركة معتبرة في الحكومة المقبلة، وما هي إلا (تكتيك سياسي) لتكبير حجم المحاصصة، ولن يغلب الإمام حيلة في التنصل لاحقاً من هذه المرات الألف والقول مثلاً إن ثمة ضرورات استجدت تقضي بالعدول عن نفي المشاركة إلى تأكيدها!!
 (حاجة تحير).. هذا صحيح لكن ماذا لو تعامل الإعلام كله مع (المرة الألف) بشكل حاسم هذه (المرة الأولى)، و(مسك الإمام من لسانه) كما يقولون، وجاءت التحليلات السياسية كلها على الشاكلة التي تقطع شعرة معاوية بين الأمة والوطني من حيث المشاركة في تشكيلة حكومية مقبلة، حيث لا يعقل بعد أن أطلق الإمام تصريحاته الزاجرة التي تكاد تتهم المراقبين بأنهم (ثقلاء الدم) و(حشريون) ولا يريدون أن يفهموا، أن تتواصل التخمينات المتفائلة بمشاركة وشيكة للأمة.. وحيث لا يعقل أيضاً أن تستمر (الأسطوانة المشروخة) ذاتها لسنوات طوال في ما يشبه المسلسل المدبلج والممل.
لقد قال السيد “الصادق” في ذات التصريحات إنهم سيشاركون في (الحوكمة) وليس (الحكومة)، بمعنى أنهم يريدون نظاماً جديداً ضمن أفق سياسي مختلف. وهذا المعنى أكد عليه الإمام دونما مواربة.. وزاد على ذلك بأن اتفاقه مع الرئيس “البشير” كان عاماً وعلى أسس قومية تقود إلى نظام جديد.. وهنا فقط تنجلي الطريقة التي يمكن أن يشارك بها الأمة!!
الإمام إن صدقت تصريحاته الأخيرة، لن يكون ضمن تشكيلة حكومية قادمة، فهو لن يتنازل كما قال عن (الحوكمة) التي تأتي بـ (حكومة قومية) لا تقصي أحداً.
الكرة الآن في ملعب الوطني الذي يقول إنه حريص على مشاركة الأمة وأحزاب المعارضة الأخرى، وأظهر تفاؤلاً بعد لقاء “البشير” و”المهدي” الذي وصفه بالجاد والمثمر.. فهل يا ترى سيقبل بـ (حوكمة الإمام)؟ أم سيواجه بحزم (تذكرة التحرير) و(الجهاد المدني) ليقول لاحقاً دعوناهم للمشاركة لـ (المرة الألف) ولم يستجيبوا فماذا نفعل غير هذا؟!
ثم ماذا بعد؟! استفهام كبير يظل معلقاً طالما أن عقلية أحزابنا السودانية ما زالت حبيسة معادلة (من يحكُم)، في حين أن الوطن بات في حاجة حقيقية لمعرفة (كيف يُحكم) كيما يخرج من مشكلاته وأزماته.. لا يعقل أبداً أن نرهن وطناً بكامله لطاولة المحاصصة السياسية وانتظار من شارك ومن سيشارك أو لا يشارك، وتظل البلد (محلك سر)! هذا ليس وقت (العزومة السياسية) حتى لو كانت (عزومة مراكبية).. اتركوا الشعب يختار بنفسه من يحكُمه وكيف يحكُمه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية