أخبار

مواد الإغاثة في السوق!!

} وكما توقعت في الأيام الماضيات وحذرت من المحتالين والانتهازيين، فقد صدق حدسي تماماً، وها هي (معونات) تجتاح الأسواق على عينك يا تاجر، وتباع في وضح النهار بلا رقيب، بل تتم المفاصلة والمجادلة في السعر، وكأن البائع قد قام بشرائها من أحد المصانع المنتشرة في السودان.
} تحدث “الخضر” بكثير من التناقضات وقليل من المنطق في مؤتمره الصحفي، ولم يعترف بالأخطاء التي صاحبت كارثة الخرطوم الأخيرة، بل كان سعيداً بالترتيبات التي تمت في معالجه الأزمة، رغم أنها قد تمت بمعونات خارجية معروفة، في إطار الحملات الإنسانية التي تبعثها عدد من الدول في حالة الكوارث والأزمات. لذلك، وفي إطار الفوضى المنتهجة التي باتت سمة إساسية في البلاد، فقد استفاد غائبو الضمير من هذه الأحداث وتمكنوا من العبث في كمية المواد التموينية وغيرها مالياً، علها تزيد كروشهم الممتدة وأموالهم المكدسة.
} مواد الإغاثة التي انتشرت في السوق تحتاج أن يتم الوقوف عندها، وأن يتم بموجبها تحقيق شامل يستوعب كل المخطئين ويقدمهم لمحاسبات رادعة، وأن يتم التعامل بشفافية في هذا الموضوع على وجه التحديد. إذ أن سياسة (الطبطبة) التي تستخدم في عدد من مفاصل الدولة قد أدخلت نوعاً جديداً من الاحتيال والكسب الرخيص، يقوم بدور البطولة فيه عدد من الشخصيات البارزة التي تعمل خلف الستار، وتندرج من تحتها مجموعة من (الجوكية) المجيدين لهذا الحراك والقادرين على تنفيذ المطلوب والتكسب من هذه الأزمات، حتى صارت مهنة أساسية لمعظمهم.
} التدرج الطبيعي يؤكد أن هناك جهات بعينها قد تسلمت بعض المعونات التي وصلت من “قطر” وشقيقاتها، وفي ذات الوقت تمكنت من توزيعها في إطار لجان معينة، قامت بهذه الأدوار التي كلفت بها. إذن فإن القضية محصورة في هذه الدائرة التي وضعت يدها على دعومات ووجهت بتوزيعها في الإطار المتعارف عليه للمتضررين. وعليه فإن المساءلات لا بد أن تتم أولاً بكبار المسؤولين وتتجه إلى قاعدة الهرم التي وصلت السوق وباعت واشترت باسم الغلابى المتواجدين في العراء لما يزيد عن شهر بالتمام والكمال.
} تملك العرب شعور إنساني متعاظم جراء الصور التي شاهدوها عبر شاشات (التلفزيون)، وتسارعوا في إرسال الدعومات اللازمة، وفكر آخرون داخل السودان في كيفية الاستفادة من هذه الدعومات، ولا داعي لأن تصل كل هذه الكميات الي المتضررين، إذ أنهم قبل الأمطار لم يكونوا يمتلكون ربعها ولا يحلمون بامتلاكها.. حسب ما يدور في رؤوسهم!! لذلك فإن النهب صار في العلن وبوضوح ومن غير خوف أو قلق من رده الفعل المتوقعة، لأنهم يعلمون أن هناك شخصيات كبيرة متورطة معهم بشكل كبير.
} أكد لي أحدهم أن بعض المواد التنموية التي أرسلت من الدول العربية، والمفارش والمشمعات، تباع في عدد من الأسواق بأسعار أقل من التي في المحلات المعروفة. لذلك فإن الإقبال على الشراء كبير جداً للدرجة التي يمكن أن تنفد الكميات في أقل من ساعة. ويا له من ظلم ويا لكم – أيها المتلاعبون – من لصوص، لم تتحسبوا ليوم الحساب ولم تفكروا حتى في العقاب الدنيوي.
} كان الأجدى للسيد الوالي ورفاقه أن يحرصوا على تسليم المواد إلى المحتاجين تحت رقابة مشددة، خاصة وأن الصحف قد حذرت من محاولات عبثية للتصرف في بعض (الكوتات) التي وصلت البلاد. ولكن الطريقة المتبعة جعلت الأوضاع تصبح بذات الطريقة التي نراها الآن.
} ظهور هذه المواد في السوق يحتاج أن تتابعه الصحافة، وأن تكشف الموجودين من خلف الحجاب والمتورطين مهما كانت مكانتهم، وأن تقدمهم وتعريهم للرأي العام، طالما أن المسؤولين يغطون في نوم عميق.
} لك الله ياوطن.. وصبر جميلاًَ “حاجة نفيسة” التي فقدت أبناءها، والعم “إبراهيم” وإخوانهم الذين باتوا في العراء.. وأنتم ضحية الطريقة التي تنتهجها ولاية راعيها مشغول بالقضايا الانصرافية ومعتمدوها مهمومون بالظهور الإعلامي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية