الديوان

موانع الاعراس في العيد .. الخريف وعراقيل اخري !!

لا تخلو الأعياد في السودان عموماً من المناسبات الاجتماعية السعيدة كالزواج وختان الأطفال وغيرها مما يرتبط بها كونها الجامع الأكبر والمناسبة الأكثر ملاءمة لهكذا أفراح، فتلجأ الأسر السودانية لتأجيل زيجاتها حتى حلول العيدين لإسهامهما في لم شمل الأسر المبعثرة في القبل الأربعة، ومن المعروف أن الولايات تشهد تدافعاً كبيراً للطيور المهاجرة المتناثرة في أصقاع السودان وليس هناك محرض للعودة سواء (موسم الشوق الحلو) المتمثل هنا في الأعياد، فضلاً عن عودة تلك الطيور التي ظلت تغرد خارج سرب الوطن، لذا ينتهز الأهالي هذه السانحة لإقامة مناسباتهم، وربما العكس فقد تحرم ذات المناسبات البعض من السفر إلى مسقط الرأس لوجود مناسبة تخصهم داخل العاصمة فتصبح الهجرة عكسية. عيد الأضحية شأنه شأن عيد الفطر في تباشير مقدمه، ومثلما نشتم رائحة الحلو مر مطلع رمضان، فإننا نشتم بكثرة رائحة أعواد البخور والدلكة وغيرها من العطور البلدية التي تنبئ عن زيجة في المنزل المعطر ولا غرو في ذلك، فإن المناسبات تضرب موعدها دائماً مع الأعياد.
تأجيل زيجات بسبب الأمطار
ورغم أن المناسبات تقام في هكذا أوقات، إلا أن ثمة عوامل بيئية وعقائدية ومجتمعية قد تدفع به إلى أجل غير مسمى، أو مسمى ريثما ينجلي السبب محل التأجيل. على أن العامل هذا العام كان مفاجئاً للجميع بخلاف توقعات الأسر وتحوطاتها، الأمر الذي جعل كثيراً من الأسر تحول مسار جدولتها التي ضربتها وفقاً لكافة الأحوال والاحتمالات، والسبب هو هطول الأمطار غير المتوقعة لهذا العام. وفي هذا الصدد قال “صلاح ابن عوف” – رب أسرة – كانت لدينا كثير من الزيجات المزمع عقدها خلال عيد الفطر الحالي، بينها زواج ابني، ورغم أننا تحوطنا باكراً وتحسبنا للأمطار واستأجرنا صالة، إلا أننا عدلنا عن مقصدنا وأرجأنه لحين انجلاء الكوارث التي يشهدها السودان، والتي قد تحرم الكثيرين مشاركتنا سيما الذين يسكنون بالولايات، وأردف “صلاح”: لست وحدي ممن قام بالتأجيل إنما أسر كثيرة أعرفها عمدت لذات الفعل. وتمنى “صلاح” في ختام حديثه أن يرفع الله البلاء عن من تضرروا ويعوضهم خيراً.
وللصالات والنوادي نصيب
وفي السياق تمتد الأعراس من عيد الفطر حتى الأضحية ما يسبب عرقلة بعضها أو يعجل بنهايتها (مرة واحدة) وذلك وفقاً للمعتقدات التي تفند الزواج بين العيدين بدعوى (السبر)، فبينما يضرب أهل العريس موعداً للعقد لا يجد هذا الموعد قبولاً لدى أهل العروس مثلاً لأنهم (يسبرون) من الزواج في هذا التوقيت، فينشب جدل بين الطرفين قد يفضي إلى (فركشة) الزواج غالباً إن لم يتفهم الطرف الثاني ظروف وتعنت الآخر خاصة في هكذا مسائل والتي يعتبرونها مصيرية، أو تقابل بالترحيب فيتم تغيير الموعد نزولاً على رغبتهم.
عامل آخر قد يتحكم في موعد الزواج في العيد هو حجز النوادي والصالات خاصة في فصل الخريف والتي أصبحت تتسيَّد ساحة الزواج مؤخراً بعد أن هجرت الأسر المنازل التي كانت تضج بمكبرات الصوت وينتصب (صيوانها) شامخاً يهدي الضالين من القاصدين لـ(بيت العرس) بيد أنها – أي الصالات – المنتشرة عملت على تأليب العروسات أسوة بغيرهن من الصديقات والجارات والقريبات وباتت محرضاً لنزوح الأزواج إليها صاغرين على طريقة (مكره أخاك لا بطل) غض النظر إن كانت إمكانياتهم تسمح بذلك أم لا. وعليه يبقى الموعد معلقاً لحين الحجز والعثور على صالة.
كاد السبر أن يفرق بين القلوب
أما عن تأجيل الزواج لما بعد العيدين، حكا “أسامة الحضري” أنه كاد أن يفقد خطيبته وحبيبته بعد أن ألف الحب بين قلبيهما فوثقا له بالخطوبة على أمل تتويجه بالزواج، وعكف يعمل فوق طاقته ينشد بذلك إتمام الزواج، حتى أزف الميعاد، وبعد اكتمال الترتيبات واستدعاء أشقائه من بلاد المهجر أوشك الأمر أن ينتهي بـ(الفركشة) وإلى الأبد عندما أصر أهل العروس أن الموعد لا يناسبهم لوقوعه بين العيدين، وأن الأسرة جمعاء ترفض هذا الموعد وتمترسوا على موقفهم، يقول “أسامة” وهو يستدعي تلك الفترة العصيبة من حياته: حاولنا وأسرتي إقناعهم مراعاة لهؤلاء الذين عانوا مشقة السفر والحصول على إجازة، لكن لا حياة لمن تنادي، فما كان من أسرتي حيال ذلك إلا إصرارها اختياري أي من بنات العائلة وانجاز الزواج بسرعة، لكنهم لما رأوا إصراري حد الدموع رثوا لحالتي وانصاعوا لرجائي، فقضوا العيد بيننا وحملوا حالهم ورجعوا، وبدوري – الحديث لأسامة – خضعت للموعد الذي حدده (نسابتي) من أجل عيون حبيبتي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية