اختطاف سوريّة..
} من الأعمال الروائية العالمية الذائعة الصيت (قصة اختطاف) لـ “جبرائيل غارسيا ماركيز”. جسدت الرواية صراع السلطة في كولومبيا وعصابات تجارة المخدرات.. ولفتت الرواية بأحداثها المثيرة نظر العالم لخطر تجارة المخدرات في أمريكا الجنوبية وكولومبيا بصفة خاصة. والمصريون نجحوا في توظيف القصة والدراما في تأمين مصر بتصوير جهاز أمنها القومي بأنه صاحب قدرات خارقة وإمكانيات بشرية تفدي الوطن بالروح والدم.. والمخابرات المصرية صنعت لنفسها أسطورة في المخيلة العربية حينما جعلت كاتباً مثل “صالح مرسي” يغوص في ملفاتها وتقاريرها ليخرج للدنيا برواية (الحفار) ثم (رأفت الهجان) و(الصعود للهاوية)، وهي روايات خيالية تتحدث عن أسطورة مخابراتية قادرة على النفاذ لقلب دولة إسرائيل حينما كانت إسرائيل (عدواً) لمصر.
} وغير بعيد عن مصر فإن الأديب السعودي والإعلامي “تركي الدخيل” يصنع الآن من الحرب على الإرهاب صورة للمخابرات السعودية تجعلها في مخيلة العرب (معجزة) أخرى من معجزات الزمان.. وفي السودان يكشف جهاز الأمن والمخابرات وإدارة المباحث الجنائية بالشرطة غموض أحداث قتل واختطاف في غاية التعقيد، ولا تجد تلك الأحداث الإضاءة التي تستحقها.. وفي المخيلة كشف غموض اغتيال الصحافي “محمد طه محمد أحمد” بعد ساعات فقط من اغتياله غدراً وغيلة، والوصول لأحد الجناة الفارين بعيداً عن العاصمة الخرطوم.. وقصة اغتيال “محمد طه محمد أحمد” وكشف خيوطها لو أنها حدثت في مصر مثلاً لصنع الإعلام المصري من جهاز أمنه بطلاً ومعجزة، ولكننا في بلد تحتفي بالكوارث والمصائب والمحن ولا تضيء مساحات الإنجاز وتهدم أكثر مما تبني، وتبكي وتزرع الدمع ولا تضحك وتبتسم.
} في رمضان المنصرم كشف جهاز الأمن والمخابرات الوطني عن إحباطه لعملية اختطاف لاجئة سورية خططت لها عصابة من المصريين، بعضهم مقيم في السودان وآخرون في القاهرة.. اختارت العصابة ضحيتها بعد دراسة لأوضاعها الاقتصادية، حيث تنحدر من أسرة ثرية في سوريا.. وسبق للعصابة الوصول لأحد أفراد تلك الأسرة واختطافه من القاهرة لمكان مجهول، ومساومة الأسرة التى دفعت أموالاً طائلة لإطلاق سراح الضحية المختطفة، وفشلت أجهزة الأمن المصرية في الوصول للعصابة.. ولكن جهاز الأمن السوداني بما يملك من قدرات اكتشف المخطط قبل وقوعه، وتم إحباط العملية قبل ساعات من تنفيذها بدقة متناهية ومتابعة دقيقة.. حيث استطاع الجهاز التسلل لأوساط الجاليات الأجنبية وكشف ما يدور في أوساطها حتى نجح في إحباط اختطاف السورية التي لا زالت بالسودان، بعد أن عصفت الحرب بسوريا وأمنها واستقرارها.
} هل يفتح جهاز الأمن والقضاء أبواب محاكمة العصابة، حينما تقدم للمحاكمة في مقبل الأيام لمعرفة تفاصيل المخطط، وكيف حصلت أجهزة الأمن على خيوط العملية، ومتابعتها ثم إلقاء القبض على العصابة؟! أم يتم (تعتيم) غير مبرر على القضية مثل كثير من القضايا؟!
} إن صورة جهاز الأمن والمخابرات الوطني في السودان رسمتها المعارضة في مخيلة الشعب، وكثير من النجاحات التي تحققها الأجهزة الأمنية لا تجد حظها من الإعلام، بينما تطغى الصورة السلبية على أداء كل أجهزتنا الوطنية، لأن المعارضة هي من ترسم الصورة وتقدمها لنفسها وللحكومة!