(شباب نفير) وولاية "الخضر"!!
{ الطريقة التي اتبعتها الحكومة في معالجة الأضرار التي خلفتها الأمطار والسيول تدل على أن القائمين على الأمر في ولاية الخرطوم لا علاقة له بالعمل المؤسسي الذي يساهم في الإصلاح والترميم بالصورة التي تعيد الموازين إلى نصابها الصحيح، ولعل التحركات التي قام بها التنفيذيون بعد خراب مالطة تؤكد أن الخرطوم تسير بسياسة الدواء بعد المرض، لأن وسائل الوقاية والعلاج غير متوفرة بالقدر الذي يجنبنا المخاطر ويضعها في مواقف تبين أننا نستحق الجلوس على دفة القيادة,
{ انهارت المنازل وابتلعت الأمطار آلاف المحال التجارية، وقضت على الأخضر واليابس في (رمشة عين) بعد أن تساقطت المجاري في أول اختبار، ووجد المواطنون أنفسهم وسط برك المياه بلا مأوى ولا كهرباء ولا غذاء ولا علاج، إذ إن وجود الوالي في مكتبه طوال الـ(24) ساعة كما ادعت زوجته لم يحل المشاكل التي تحيط الآن بإنسان الخرطوم، ولن تساهم في بناء عدد من المنازل، أو المساعدة في ترميم المتساقط من البنيان.. وعليه فإن الحراك الذي ينبغي أن نشد على أزره وننحني احتراماً وتبجيلاً له هو ذاك التكوين الذي سمي (شباب نفير) والذي جسد معاني القيم والشهامة والمثل السودانية الرفيعة.
{ (شباب نفير) تحركوا بسرعة غير مسبوقة وتنادوا عبر وسائط الانترنت المختلفة و(خاضوا) في المياه ووسط المواطنين وقدموا المساعدات من خيام وأكل وملابس لعدد مقدر من المتضررين، بل استطاعوا استقطاب شباب الخرطوم بمختلف توجهاته وقطاعاته ليساهم في البحث عن وسيلة تمكنهم من تقديم المعينات اللازمة حتى تنجلي الأزمة بصورة نهائية في ظل فشل الدولة واجتماعات الوالي التي لم تقدم حتى الآن شيئاً يذكر.
{ (نفير) مجموعة تستحق الاحترام، وحراك مطلوب يعيد إلينا من جديد إحساساً متعاظماً افتقدناه لفترة يؤكد أن السودان ما زال بخير رغم الكبت الذي يمارس ويحاصر الشباب بسبب البطالة والإدمان والفشل الحياتي الذريع، لذلك فإن الفكرة في حد ذاتها محترمة وترسل من خلالها رسائل تتضمن معاني وقيماً ومبادئ لابد أن نعض عليها بالنواجذ لنبين أننا ما زلنا بخير رغم الأوضاع المتقلبة التي أخذت منا ما أخذت.
{ التفاعل والهمة التي نراها وسط المتضررين من قبل هؤلاء الشباب عبرت عن التكاتف المفقود لسنوات، وبينت أن الشهامة السودانية قد تمكنت من وضع الحلول والمعالجات عندما فشل “الخضر” وإخوانه في إيجاد الحل الذي يعينهم على الجلوس والتربع بارتياح على الكرسي، لأن عزيمة الشباب التي شاهدناها قد كسرت عصاه وقصمت ظهره، وبينت لرأس الدولة أن روح الشباب ستظل هي الخيار بعد أن فشل الشيوخ من وضع المعالجات المطلوبة.
{ لم يتمكن “الخضر” من تجهيز ولايته للخريف بشكل جيد، ولم يستطع حماية مواطنيه من السيول والأمطار التي بعثرت أحلام أطفالهم قبل العيد بأيام، لذلك فإن “الخضر” لم ينجح حتى الآن في تقديم ما يعينه على المواصلة في قياده الخرطوم للمرحلة القادمة، وعليه فإن كانت الإنقاذ جادة في استقرار الدولة والولايات الكبيرة مثل عاصمتها، فلابد أن تعي أن “الخضر” قد تساقطت أوراقه واحدة تلو الأخرى وانهزم في معركة أخرى أبطالها شباب يسدون قرص الشمس تمكنوا من منحه القاضية التي بعثرت هيبة ولايته من خلال المشاركة التي تابعناها وسط المتضررين، والقبول الذي يحاط بهم في تلك المناطق والإحساس بالتفاعل الذي يبين غياب دولة “الخضر” التي فضلت الجلوس في المكاتب.
{ شكراً لـ(نفير) ولصاحب فكرتها، ولشهامة أولاد الخرطوم وعظمة المسؤولية التي تبنوها في ظل الغياب الحكومي الواضح..!!