مناظرة سياسية ساخنة بين القنصل المصري بالسودان ورؤساء التحرير
تحولت دعوة إفطار للصحفيين أقامتها السفارة المصرية بالخرطوم مساء أمس بمطعم (جاد) بشارع أفريقيا (المطار) بالخرطوم إلى مواجهة ساخنة ومناظرة سياسية مفتوحة بين القنصل العام للسفارة لدى السودان السيد “معتز مصطفى كامل” وعدد من رؤساء تحرير الصحف السياسية السودانية.
وكان القنصل يجيب عن أسئلة وجهت له عقب تناول الإفطار حول تطورات الأحداث في مصر بعد (30) يونيو المنصرم، والجدل حول شرعية (التغيير) الذي أطاح بالرئيس المنتخب “محمد مرسي”.. هل هو (انقلاب) أم (ثورة)، ومتى ينفض المتظاهرون في ميدان (رابعة العدوية)؟ فرد القنصل العام مؤكداً بأن ما حدث في مصر هو (ثورة) وليس (انقلاباً)، وأنها ليست ضد الإسلام بأية حال من الأحوال وقال: إن ثورة (30) يونيو (تبييض) للإسلام مما لحق به بفعل جماعة (الإسلام السياسي) وأضاف: لا أريد أن أقول (المتأسلم)، وارتفعت وتيرة المواجهة عندما طالب القنصل الصحفيين بمراعاة ثلاثة أسئلة عند الكتابة حول الشأن المصري (أولاً: هل ما سيكتب سيكون في مصلحة مصر؟ ثانياً: هل ما سيكتب سيكون في مصلحة السودان؟ وثالثاً: هل ما سيكتب سيكون في صالح العلاقات الثنائية بين البلدين)! وقال معتز إن السلطات المصرية قادرة على فض اعتصام رابعة العدوية خلال عشر دقائق، لكن لا نريد استخدام القوة، لكن الأستاذ “محجوب عروة” شدد على أن ما حدث في مصر (إنقلاب عسكري) وقال أنا لست من (الإخوان) ولكن ما يحدث في مصر انقلاب واعترض “عروة” بشدة على لهجة القنصل منبهاً له بأن الذين أمامه (رؤساء تحرير) وهم لا يقبلون التوجيه أو إملاء الدروس. فأعتذر السيد “معتز” موضحاً أنه قصد توجيه نصيحة لنفسه ولإخوانه في السودان، وأيده الأستاذ “محمد لطيف” الذي خاطب “عروة” (اعتبرها نصيحة).
وتحدث في اللقاء السفير “وائل بركات” القائم بأعمال السفارة بالخرطوم وقال رداً عن سؤال إخلاء ميدان رابعة العدوية بأن مجلس الوزراء المصري قرر إخلاء الميدان بالطرق القانونية ووجه وزير الداخلية بذلك.
وأشار الأستاذ “عادل الباز” رئيس تحرير (الرأي العام) إلى الحملة المنظمة في الصحافة المصرية ضد السودان وتلفيق أخبار من شاكلة هروب مرشد (الإخوان) وعدد من قياداتهم إلى السودان، وطالب السفارة بدور إعلامي أكبر لمنع توتر العلاقات بين البلدين.
أما الأستاذ “الهندي عز الدين” رئيس مجلس إدارة (المجهر السياسي) فقال مخاطباً القنصل العام، نحن عندما نكتب عن ما يحدث في مصر، فإننا نعتقد جازمين بأنه (شأن داخلي سوداني) وليس (مصري)، فعقب القائم بالأعمال السفير “وائل” بأن هذا ما يسره، رغم أن السائد أن يغضب المرء عندما يتحدث مواطن من بلد آخر عن بلدي ويصف ما يحدث فيها بأنه (شأن داخلي) يخصه!!
وقال “الهندي”: إن الفرق بين ما نكتبه نحن عن (مصر) في الصحافة السودانية وما يكتبه بعض الصحفيين المصريين عن السودان، إننا نكتب عن معرفة، وعمق وارتباط عاطفي و(وجداني) بمصر، فمعظم الصحفيين السودانيين زاروا مصر ربما عشر أو عشرين مرة ويعرفونه جيداً، أما الصحفيون المصريون الذين زاروا السودان ويعرفونه جيداً فهم على عدد أصابح اليد الواحدة، ونصف هؤلاء لديهم الآن موقف من الحكومة السودانية لأسباب شخصية متعلقة بموقفها من نظام “مبارك”. فرد القنصل سريعاً: (احنا عارفنهم، وانتوا اللي عملتوهم)!!
وطالب “الهندي” السفارة المصرية بعدم تحميل ما يكتب في الصحافة السودانية أكثر مما يحتمل، واعتباره في إطار الحرص على مصلحة (مصر)، وناشد السفارة كممثلة للسلطة المصرية بأن تساعد في تدخل الحكومة السودانية وحزبها الحاكم في قيادة (وساطة) بين التيارين المتصارعين في (مصر)، باعتبار أن الخلفية (الإسلامية) الواحدة هي التي ستساعد في إخلاء ميدان (رابعة العدوية) والتوصل للتسوية السياسية والمصالحة الوطنية، وحذر “الهندي” من التعامل بعنف مع (الإخوان). وقال إن ذلك سيؤدي إلى عودة الاغتيالات السياسية في مصر، وفي تاريخها رئيس (مقتول) في المنصة – أنور السادات – ووزير داخلية تعرض أيضاً للاغتيال في الثمانينيات. ووافقه القنصل العام على هذا الرأي وقال (سيعودون للعمل تحت الأرض)!!.
وانتهى اللقاء بمصافحات وعناق وابتسامات ونبه الأستاذ “راشد عبد الرحيم” إلى أن الحضور الكبير لرؤساء التحرير رغم تلقيهم خمس دعوات في هذا اليوم يؤكد عمق العلاقات السودانية المصرية.
ولبى دعوة السفارة أيضاً من غير المتحدثين الأساتذة: الدكتور “الباقر أحمد عبد الله”، “عاصم البلال الطيب”، “النور أحمد النور”، “محمد لطيف”، “ضياء الدين بلال”، “مزمل أبو القاسم”، “محمد عبد القادر”، “إدريس الدومة”، “حسن البطري”. وكان في استقبال الضيوف السفير والقنصل والملحق الإعلامي الأستاذ “عبد الرحمن ناصف”، وحضر لاحقاً الملحق العسكري، وعدد من طاقم السفارة.
وتشير (المجهر) إلى أن القنصل “معتز كامل” سيغادر الخرطوم بعد انقضاء فترة عمله بالسودان وذلك خلال شهرين، كما سيغادر القائم بالأعمال “وائل بركات” سفيراً لدى جمهورية أفريقيا الوسطى.