حوارات

"محمد هاشم جلاس" أول مدير لمكتب رئيس الجمهورية يفتح خزانة أسراره لـ (المجهر)"

ما بين اللحظات الأخيرة قبل انقلاب الإنقاذ في 30 يونيو 1989 والسنوات التالية له.. يقف “محمد هاشم جلاس” شاهداً من نوع خاص على الأحداث.. فرغم أنه لم يكن بين المخططين أو المنفذين.. أو حتى الذين يعلمون بالانقلاب.. إلا أنه تبوأ موقعاً حساساً.. إذ أعلنه الرئيس “البشير” – بمجرد جلوسه على الكرسي بالقصر الجمهوري – مديراً لمكتبه.. وهي الوظيفة التي وفرت له متابعة لصيقة بالأحداث.. وقرباً خاصاً من قائد الثورة.. زادته متانة علاقة (الجيرة) بين الاثنين في حي كوبر العريق.
(المجهر) جلست إلى “جلاس” منقبة في خزانة أسراره.. وخرجت ببعض محتوياتها.. لتنثرها للقراء في المساحة التالية:

{ علاقة عميقة ربطتك بالرئيس.. حدثنا عنها؟
– تربطني بالبشير علاقة جيرة بدأت منذ العام 1976م بـ (كوبر)، كما أننا ننحدر من نفس الأصول (بديرية دهمشية). وعندما قررت الالتحاق بالكلية الحربية كان أقرب الأقربين إليّ الرائد “عمر حسن أحمد البشير” وكان هو من زكاني، وبعد تخرجي في الكلية الحربية نقلت إلى سلاح المظلات مع الرائد “عمر” إلى أن تم نقله إلى (ربكونا) في عهد “الصادق المهدي”، ومنها عاد رئيساً للجمهورية.
{ إذن كنت على علم بما سيحدث في 30 يونيو؟
– الحقيقة لا، لأنني لم أقابل الرئيس بعد عودته من منطقة (ربكونا)، فقط علمت بأنه عاد بغرض الذهاب إلى بعثة بمصر. ولكن من المفارقات الغريبة أنني كنت أجلس ليلة 29 يونيو مع أصدقائي الضباط وكانوا يتحدثون عن أحوال البلد وهل سيكون هنالك تغيير قادم، فقلت لهم: (لو كان في رجل واحد يقلبها فهو العميد عمر حسن أحمد البشير)، وكان أن صدقت توقعاتي بعد ساعات حتى أن معظم أصدقائي ظنوا أنني من التنظيم.
{ ولماذا الضابط “عمر البشير” بالذات؟
– بحكم قربي من الفريق ومعرفتي بإمكانياته العسكرية وأفقه الواسع فهو مؤهل، وقد سبق في الانتفاضة أن رشحه الضباط ليكون خلفاً لـ”نميري” ولكنه رفض، وقال لهم: (نحن طالعين من حكم عسكري نجي نخش حكم عسكري آخر)، ومنذ تلك الفترة أصبح مشهوراً بالقوات المسلحة وكل الأعين تنظر إليه.
{ هنالك استفهام صاحب نقل العقيد “عمر البشير” فجأة من (الخرطوم) إلى (ربكونا)؟
– لأن خبراً ورد في جريدة (الدستور) يفيد بأن العقيد “عمر حسن البشير” يفكر في الانقلاب، وبعدها قرر “الصادق المهدي” نقله إلى (ربكونا).
{ وكيف استقبلت أحداث 30 يونيو؟
– في ذلك اليوم استيقظ كل أهالي (كوبر) المطلون على (كافوري) الساعة الرابعة صباحاً على صوت طلقات نارية، وعلمنا لاحقاً أنها كانت لقوات ذهبت لتحتل منزل “فتحي أحمد علي” القائد العام السابق للقوات المسلحة، فقدت عربتي وذهبت إلى صينية (كوبر) ووجدت ضباطاً كانوا طلبتي بالكلية الحربية، وكنت آنذاك معلماً بها، وخرجتهم، فسألتهم عن ما يحدث فقالوا لي: (هنالك انقلاب)، فعدت من فوري إلى المنزل ولبست الزي الرسمي وبلغت إلى أقرب وحدة وهي سلاح الإشارة، وعند مدخل البوابة قابلني ملازم دفعتي يدعى “متوكل البشير” وعلمت منه أن من قام بالانقلاب عميد يدعي “عمر حسن”، وسألته: هل هو “عمر حسن أحمد البشير”؟ فقال لي: نعم. فذهبت من فوري إلى القيادة العامة وكان العميد “عمر البشير” في قيادة المظلات يقف خارج القيادة ممسكاً بجهاز ويلبس زي (الصاعقة)، فاقتربت منه وحييته بالتحية العسكرية وسلمت عليه، وكنا وقتها لم نلتق منذ (6) أشهر، فقال لي: (الجابك شنو يا محمد هاشم)؟ فقلت له: (جابني الجابك يا ريس)، وكنت عندها أول ضابط من خارج التنظيم يبلغ لدى الرئيس “عمر البشير”، ثم جاء الضابط المقدم “عبد المنعم كرار” وجلسنا مع الرئيس.
{ وأعطاك الرئيس (سر الليل)؟
– أعطاني (سر الليل) وكلفني مباشرة بالذهاب إلى منطقة (وادي سيدنا) التي لم تعط التمام في تلك اللحظة، وقابلت كل الضباط وقادة الوحدات وقلت لهم: (أنا قادم إليكم من الرئيس عمر حسن أحمد البشير قائد الثورة)، ورحبوا بالثورة وبقائدها، وأخذت منهم التمام وعدت به إلى الرئيس “عمر”، وسبقت بذلك الضابط المكلف بمنطقة (وادي سيدنا) العقيد مهندس ركن “عبد الرحيم محمد حسين”.
{ أول الفرمانات التي أصدرها الرئيس بالقيادة العامة؟
– كانت فترة ترتيب الأمور بالدولة وإحالة بعض الضباط إلى المعاش واختيار الوزراء، وكان وقتها أهم شيء تأمين الثورة.
{ وماذا بشأن المعتقلين؟
– ذهبنا في اليوم الثاني للثورة أنا والرئيس والمقدم “يوسف عبد الفتاح”، ذهبنا إلى بيت الضيافة لمقابلة المعتقلين وكان من بينهم الفريق أول “فتحي أحمد علي” القائد العام، وقام الرئيس بإلقاء التحية العسكرية واعتذر لهم عن اعتقالهم وقال لهم: (هذه مجرد إجراءات روتينية) وكان بينهم الملازم أول “عبد الرحمن الصادق المهدي” دفعتي وزميلي بمكتب واحد معلماً بالكلية الحربية، فقلت للرئيس: (عبد الرحمن ليس هناك أي سبب لاعتقاله)، فقام الرئيس بإعطاء أوامر فورية بإطلاق سراحهما “فتحي أحمد علي” و”عبد الرحمن الصادق المهدي”، ولحقهما بقية المعتقلين بعد يومين.
{ كيف كان اليوم الأول للرئيس بالقصر الجمهوري؟
– بعد أربعة أيام ذهبنا مع الرئيس إلى القصر الجمهوري، وبعد أن جلس على كرسي الرئاسة وتلاوة آيات من ذكر الله الحكيم ودعاء الله بالتوفيق، أول شي قاله بعد ذلك: (محمد هاشم جلاس – يقصدني – مدير مكتبي بالقصر الجمهوري)، ومن فوري قمت بتسلّم مهام المكتب من العميد ركن “فتحي محمد عبد الغفور” مدير مكتب السيد “أحمد الميرغني” بتسليم وتسلم، وجلس معي وقام بتدريبي على طريقة العمل والقوانين وسلطات رئيس الجمهورية، وعاد العميد ركن “فتحي” إلى القيادة، وأصبحت أنا بذلك أول مدير مكتب للرئيس “عمر حسن البشير”.
{ وماذا عن العقيد ركن “جامع”؟
– العقيد “جامع” وقتها كان عضواً في لجنة الأمن والعمليات بقيادة الفريق “الزبير محمد صالح” – رحمه الله – وبعد انتهاء مهمة اللجنة بعد سبعة أشهر من عمر الثورة عُيّن العقيد الركن “جامع” نائباً للأمين العام لمجلس قيادة الثورة “عبد العال محمود”، وبعد فترة التحق العقيد “جامع” بمكتب الرئيس بالقصر الجمهوري، وبحكم أنه عقيد وكنت مقدماً أصبح مديراً لمكتب الرئيس بالأقدمية ولمدة (3) أشهر بدون أي تسليم أو تسلم، ثم نقل العقيد “جامع” إلى خارج المكتب، وعدت لأتسلم المهام لما يقارب السنتين بالقصر الجمهوري، ثم تم نقلي مديراً لمكتب السيد الرئيس بالقيادة العامة وظللت بها لمدة عشر سنوات.
{ حدثنا عن فترة تكوين مجلس قيادة الثورة؟
– (ما عندي فكرة كبيرة عن الموضوع)، ولكن بصورة عامة المجلس ربما يكون خطط له سابقاً ليجمع كل قبائل السودان وأطرافه.
{ الكفة الراجحة للقرارات الجمهورية.. هل هي السياسية أم العسكرية؟
– هنالك جوانب كثيرة تنظيمية لم أكن أعرف عنها الكثير، وعلمت أن هنالك أشياء كانت تطبخ في المطبخ السياسي عرفتها لاحقاً، لأننا لم نكن بالتنظيم وإنما أتت بنا الظروف العسكرية.
{ كيف تعامل الرئيس مع الضباط في الرتب الأقدم منه؟
– بعض الضباط أذكر جاءوا إلى الرئيس مهنئين، منهم الفريق “حسان عبد الرحمن”، الفريق “إبراهيم سليمان” والفريق “سيد أحمد حمد”، وتركهم الرئيس في مواقعهم الفريق “حسان عبد الرحمن” وزيراً للدفاع، الفريق “إبراهيم” رئيس الأركان والفريق “سيد أحمد” نائب إدارة.
{ هل هناك اختلاف بين “عمر” الضابط في حي (كوبر) و”عمر” رئيساً في القصر؟
– في الحي كان رجلاً فاعلاً وناشطاً يساهم في (النفير)، بناء المدارس والجوامع، ويشارك في الفرق الرياضية، وكان سكرتيراً لنادي (كوبر الرياضي).. كان رجلاً شعبياً، وحتى بعد أن صار رئيساً بالقصر وإلى اليوم لم تتغير شخصية الرئيس. قد يكون الحكم أخذ منه بعض الجوانب ولكن لم يتغير كثيراً. أذكر أيضاً أنه كان يمارس رياضة (الاسكواتش) قبل توليه الرئاسة.
{ حدثنا عن أول زيارة خارجية للرئيس؟
– أول زيارة كانت لأديس أبابا وذهب معنا د. “غازي صلاح الدين”، و”محمد الأمين خليفة” عضو مجلس الثورة، والعقيد “عبد العال محمود”، والسفير المرحوم “يوسف مختار”، وكانت الزيارة لاجتماعات مجلس القمة الأفريقية، وتم فيها لقاء ببعض أفراد حركة التمرد بمنزل المحلق العسكري بأديس أبابا.
وأشهد أنه ولمدة (23) سنة لم يتسلم الرئيس (ولا دولار) مقابل سفرياته الخارجية. وأذكر أن الرئيس كان يملك منزلاً بـ(الجريف) ليس به أبواب ولا شبابيك، طلب مني أبناء (كوبر) تحضير بعض المواد لإكمال بناء منزله بـ(الجريف) في شكل (نفير)، وعندما طلبت منه إحضار مواد للبناء ذكر لي أنه لا يملك أي مال فقلت له: (يا ريس.. عندك مخصصات وقروش السفريات – حافز – زي 4 – 5 آلاف دولار عندي) فرفض الرئيس وقال: (أرجعها.. لا بد من إرجاعها). فقلت له: (هذه مخصصات قانونية)، وأيضاً رفض.. فقلت له: (طيب وقف الناس البمشو معاك).. قال لي: (هذا حقهم القانوني.. أنا كرئيس أسافر على ضيافة الدولة وأسكن وآكل وأشرب على حساب الدولة المضيفة وما باخد أي قرش).
{ كيف أكمل الرئيس بناء منزله بـ (الجريف)؟
– علمت أنه اشترى منزلاً بـ (كافوري) ولكن لم يكتمل بناؤه حتى الآن، وباع بيت (الجريف).
{ هل صحيح أن لديك استثمارات مشتركة مع الرئيس؟
– ليس استثماراً بالمعنى المعروف.. في العام 1991م سافرنا مع الرئيس إلى (سنجة) لحضور زواج جماعي، وهنالك التقيت بأحد الأصدقاء وعلمت أنه جاء لشراء أبقار (مهجنة) فاشتريت بدوري أربع بقرات وكان للرئيس “عمر” أربع بقرات بلدية وضعناها في زريبة الأخ د. “حاتم حسين عمر” من أبناء (كوبر) في (حلة كوكو)، واستمررنا لسنوات نهجن إلى أن وصل عددها إلى (41) بقرة، وفجأة ودون مقدمات طلب مني الرئيس بيعها، قلت له: (يا ريس لماذا نبيعها؟). قال لي: (بس بيع البقر)، وقمت ببيعها وقمسنا المبلغ مناصفة بيننا.
{ كم العائد من بيع الأبقار؟
– (40) مليوناً، (20) مليوناً أعطيتها للرئيس وأخذت (20) مليوناً، وعلمت بعد فترة أن السبب في ذلك أن أحد مديري الأمن جاء إلى الرئيس وأخبره أن الناس يتحدثون بأن اللبن الذي يباع بالمعسكر لبن الرئيس قال لهم: (الشغل كلو بقى في البقر بتاعي أنا ومحمد هاشم.. البقر ده أنا بريحكم منو) وناداني في اليوم التالي وطلب مني بيعها وقال لي الرئيس: (إنت قاعد تبني منزلك وأنا قاعد أبني منزلي ونستفيد من القروش دي).
{ هل للرئيس أي استثمارات أخرى؟
– شهادتي لله.. الرجل زاهد في الدنيا ولا يحمل في جيبه قرشاً واحداً، ولم يدخل في أي استثمارات.. أي شخص يقول إن الرئيس له استثمارات كاذب، لأن الرئيس وقته كله للسودان ومصلحة السودان فقط، عنده مزرعة بـ(السليت) وكل ضباط القوات المسلحة مسموح لهم بالزراعة أو تربية الحيوانات.
{ مواقف علقت بذاكرتك من زيارات الرئيس الخارجية؟
– في زيارتنا الخارجية إلى مصر عندما ذكر الرئيس “عمر البشير” للرئيس المصري “حسني مبارك” أننا بصدد زراعة القمح للاكتفاء الذاتي، ضحك الرئيس “حسني مبارك” وقال للرئيس “عمر”: (الأمريكان لن يسمحوا لكم بزراعته). فقال له الرئيس: (إننا عازمون، وسنبدأ وبعون الله سنحقق الاكتفاء).. أيضاً أذكر زيارتنا إلى ليبيا قلت لـ “القذافي” إنني في دورة عسكرية بأمريكا 1995م كنا نضع صورتك على الشاخص ونضرب عليها النار، ضحك “القذافي” وقال: (عايزين تكتلوني)!! أيضاً من الزيارات التي لا تنسى زيارتنا مع الشهيد “الزبير”، بعد احتلال (الكرمك) طلب مني الرئيس مرافقة “الزبير محمد صالح” إلى دولة خليجية وطلب دعم، فاعتذرت لظروف التضخم بها.. بعدها سافرنا إلى العراق، وصلنا الساعة (8) مساء ونزلنا في أفخم القصور لـ”صدام حسين”، قابلنا الرئيس وقد أقسم “صدام” لـ”الزبير” إن احتلال (الكرمك) مثل احتلال (البصرة)، وإن السودان البوابة الجنوبية للأمة العربية ونحن أمة واحدة، وطلب فوراً من نائبه “عزت” توجيه وزير الدفاع وقال له: (الآن تقف سفينة في البصرة وتشحن كل المعدات الحربية إلى السودان)، وخلال ثلاثة أيام وصلت (12) طائرة (أنتنوف) حربية إلى السودان محملة بكل المعدات الحربية المطلوبة، وهذا موقف لا ينسى لـ”صدام”.
{ ما قصة شريط الفيديو للإمام “الصادق المهدي” الذي رفض الرئيس نشره؟
– عندما اعتقل “الصادق المهدي” ذهبت أنا والعقيد “عبد العال محمود” إلى المنطقة المركزية حيث كان معتقلاً، وجاء تلفزيون التوجيه المعنوي وقاموا بتصوير الإمام “الصادق” وكان يلبس جلابية وعمامة عادية غير لبس الأنصار وكان حزيناً ومنكسراً.
وبعد التصوير ذهبت إلى الرئيس “عمر” بالقيادة العامة وحكيت له متأثراً بحال “الصادق المهدي” وقلت له إن الإمام حزين للغاية، وبعدها جاء أعضاء مجلس قيادة الثورة ومدير الاستخبارات وتم عرض الشريط على الرئيس وطلب بعدها أعضاء مجلس الثورة بثه مباشرة.. هنا رفض الرئيس “عمر” رفضاً باتاً وقال لهم: (يا جماعة إذا كان محمد هاشم الما عندو علاقة بالصادق اتأثر كده فما بالكم بأنصاره.. أكرموا عزيز قوم ذل) ورفض الرئيس نشر الشريط وأمرهم بالاحتفاظ به، وهذا موقف إنساني للرئيس لن أنساه أبداً، وإلى اليوم لم ينشر الشريط.
{ حدثنا عن شخصية الرئيس في رمضان؟
– الرئيس اعتاد أن يصوم كل يوم (اثنين) و(خميس) وداوم على ذلك حتى قبل قيام الثورة، وفي رمضان عادة يحب الرئيس أن يفطر مع حرسه الخاص يومياً ويمزح معهم ويصلي معهم.
{ المظهر عنوان الشخصية.. كيف يختار الرئيس موديلات ملابسه الرسمية؟
– أتذكر أول مرة عندما أصبح رئيساً طلبنا من الأخ العقيد “نصر حسن بشير” وكان قنصلاً بجدة إحضار (ست بدل) للسيد الرئيس، وقام الأخ “عبد العال محمود” وشخصي بأخذ مقاسات الرئيس وأرسلناها للأخ “نصر حسن بشير” وتم إحضار مجموعة من (البِدل) للرئيس من جدة.. أما بالنسبة للجلابية فقد كنت آخذ القماش وكان الرئيس يلبس نفس مقاسي تماماً، وكنت أذهب إلى الترزي عم “مبارك” بالسوق العربي (وداني ليهو أخونا بابكر الجبل)، و(أفصل ليهو من 5 – 7 جلالايب)، والرئيس شخص يمتاز بالأناقة.
{ شخصيات مؤثرة بآرائها على قرارات الرئيس؟
– الفريق “الزبير” – رحمه الله – والعقيد “شمس الدين” كانا من أكثر الشخصيات القريبة إلى الرئيس المؤثرة عليه، والرئيس دائماً يحب اللجوء إلى الشورى والإجماع، لذلك كان كل الناس حوله، ولكن هذين الشخصين كانا أكثر شخصين يستقوي بهما الرئيس.
{ أكثر موقف رأيته أحزن الرئيس كثيراً؟
– يوم استشهاد شقيقه “عثمان حسن أحمد البشير”.. كان يومها الرئيس معنا في القيادة العامة والدنيا رمضان وبعد أن خرج بدقائق جاءني الفريق “حسان” وزير الدفاع قال لي: (يا محمد عثمان أخو الرئيس استشهد)، فقلت له: (حقو تكلم الرئيس بعد الإفطار)، واتفقنا أن نلتقي الساعة (7) بعد الإفطار مباشرة في منزل الرئيس ومعنا الفريق “الزبير محمد صالح”، وكان من المفترض أن يبلغ “الزبير” الرئيس خبر استشهاد “عثمان”.. فتلعثم الفريق “الزبير” ولم ينطق بكلمة واحدة، فتساءل الرئيس: (في شنو يا جماعة الحاصل شنو؟) فقال له الفريق “حسان”: (أخوك عثمان استشهد)، فما كان من الرئيس إلا أن قال (الله أكبر.. الله أكبر.. كنت أعلم هذه المرة أن عثمان حيمشي وما حيرجع).
{ لا بد أن هنالك سبباً لتترك مكتب الرئيس بعد (12) عاماً مديراً له؟
– خرجت بإرادتي.. وعندما قررت ذلك ذهبت إلى الرئيس وقلت له: لم يعد لديّ أية رغبة للعمل في القوات المسلحة أكثر من ذلك، ثم قدمت استقالتي بالمكتب وظلت معلقة لمدة عام ونصف العام والرئيس يرفض التوقيع عليها وإحالتي للمعاش إلى أن تم ذلك. وأعتقد أن العمل شاق ومرهق في هذه المهنة، خاصة وأن (أي زول عنده مشكلة، كان الرئيس يقول ليهو أمشي لي محمد هاشم).
{ هل ما زال هنالك تواصل بينك والرئيس؟
– الرئيس لم ينقطع عن (كوبر) في كل المناسبات، وكان قد زارني قريباً معزياً في وفاة ابن أختي.
{ الحنين إلى مكان النشأة يجعلنا نجزل لها العطاء.. ماذا قدم الرئيس لـ(كوبر)؟
– الرئيس لم ينس (كوبر) مطلقاً، وأذكر أنه في العام 1992م زار الرئيس (كوبر) وتم إصدار قرار بترفيع (مركز صحي كوبر) إلى مستشفى ريفي، ولكن شاءت الأقدار أن ينهار المستشفى تماماً في العام 2000م، فدعا الرئيس بعض رجال الأعمال بالقيادة العامة أذكر منهم “صلاح إدريس”، “حجار”، “ود الجبل”، “آدم يعقوب” وغيرهم، وقال لهم بالحرف الواحد: (أهل كوبر يحتاجون إلى مستشفى أريد أن أبنيه لهم)، فتبرعوا لبناء مستشفى بحوالي (2) مليار و700 مليون، وأصدر الرئيس قراراً بأن يتولى “أنيس حجار” بناء المستشفى. ولكن حدثت بعد هذا ملابسات!!
{ إلى أين وصل ملف قضية مدارس (كوبر) للأساس؟
– الحقيقة أن لجنة التعليم بـ(كوبر) المكونة من مجموعة كبيرة من مواطني (كوبر) على رأسهم “محمد الحسن البشير” و”الطيب مصطفى” اتفقوا مع جهة رسمية أن تقوم بأخذ (60%) من مساحة كل من مدرسة الأولاد والبنات وإضافتها لـ (مستشفى) يخص الجهة مقابل أن تقوم ببناء مدرستين للأولاد والبنات على شكل حرف (U) مكونة من أربعة طوابق بتكلفة (14) مليار جنيه، وعقد الاجتماع في النادي الرياضي، ورفض أهل (كوبر) بيع مدارسهم ونفذوا (نفير) شارك فيه كل أبناء (كوبر) بالداخل والخارج، وتم بناء مدارس نموذجية لقيت الإشادة من وزير التربية والتعليم د. “معتصم عبد الرحيم”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية