الديوان

تجار العملة في رمضان.. (مكبلون) إلى حين إشعار آخر

بصوت هامس ولكنه متتابع وواضح النبرات تحاصرك أثناء مرورك بالنواصي الجنوبية الغربية والجهات الغربية لبرج البركة بشارع القصر.. أصوات كثير من (البشر) ذوي السحنات المتشابهة والملابس العادية يحرصون على أن إسماعك ما يمكن أن يتطور إلى علاقة (تجارية بينك وبينهم) قائلين بهمس وأعين زائغة: (صرف.. صرف.. دولار.. ريال.. يورو)، وذات الأعين الزائغة لا تغفل عنك حتى تتوارى في زحام الشارع الذي يضج بالحركة التجارية التي تنهى صفقات كثير منها (أسفل الترابيز)، ومعظم من يتم استهدافهم ممن يمكن تسميتهم بصغار تجار العملة أو (تغييرها) هم من الناس الذين يمكن وصفهم بأن (لا وشاً يصر ولا عرقاً يخر)، ولكن تلاحظ خلال الشهر الكريم (ندرة) نشاط هؤلاء التجار الذين يتصيدون زبائنهم على نواصي الطريق.. واختفت نغمة (صرف.. صرف.. صرف) التي كانت تصك أسماع كل الراجلين في تلك المنطقة.
{ (هدنة) رمضانية
(م.ح) يمتهن تجارة العملة منذ نحو عشر سنوات، أوضح في حديثه لـ(المجهر) أن الطلب على العملات يقل كثيراً خلال شهر رمضان الكريم، مشيراً إلى أن البعض يرى أن يتفرغ للعبادة والصوم في هذا الشهر، ومنهم من يعدّه شهراً للراحة والابتعاد عن أجواء السوق الصاخبة لفترة من الزمان، مبيناً أن بنهايات هذا الشهر ستعود الحركة في السوق إلى النشاط مرة أخرى بسبب قرب قدوم العيد وعودة المغتربين من الخارج محملين بـ(العملات الصعبة)، وقال إن تلك الفترة يكون حينها (السوق مولع نار) و(الشغل على قفا من يشيل).
من جهته أوضح (م.س) أن كثيراً من تجار العملات خلال هذا الشهر يحولون نشاطهم التجاري إلى خارج البلاد، ويقصدون دولاً مثل سوريا ومصر لجلب الملابس والأثاث والأجهزة الكهربائية ومستلزمات التجميل لبيعها خلال فترة العيد.
{ تخريب الاقتصاد
ويقف تجار العملة حائلاً أمام توفر العملة بالبنوك الوطنية والخاصة، التي تحتاجها الدولة لشراء احتياجات مواطنيها من الخارج عن طريق عمليات الاستيراد، بجانب إظهار هؤلاء التجار للعملة الصعبة كالدولار بغير قوته الشرائية الحقيقية خاصة في ظروف البلد الراهنة .وما يقوم به تجار العملة هو في أغلب الأحيان النصب على المواطنين ورجال الأعمال، حيث يشترون منهم الدولار بتسعيرة بفارق بسيط عن البنوك ولكنهم يبيعونها لهم عندما يحتاجونها بأكثر من الموجودة في البنوك، بجانب وضع العديد من الورقات المزوة وسط تلك الدولارات، بينما البنوك مزودة بأجهزة متطورة لكشف التزوير بجانب تدريب العاملين بالبنك على اكتشاف العملة الأصلية من غيرها، ورغم أن كثيرين منهم أكدوا إقلاعهم عن التعامل في هذه التجارة، إلا أن هذا الإقلاع لا يعدو سوى أن يكون (استراحة مضارب في سوق العملة) يعود بعدها أكثر نشاطاً.. وشراهة .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية