الركوع لغير الله
{ كثيراً ما أتجنب الحديث حول الطرق الصوفية وشيوخها وحيرانها، إيماناً مني أن الأدوار التي يقوم بها هؤلاء في نشر الدين الإسلامي وسنة نبيه الكريم لم يفلح كثيرون من خلق الله في التفكير في الكيفية التي يمكن أن تزيد عدد المسلمين في العالم، أو الطريقة التي تعيننا على إصلاح المجتمع وفساد كثير من شبابه بواسطة الانجراف مع ثقافات الغرب والتغول العلماني الذي أطاح بكثير من قيم ومبادئ الإسلام، لذلك فإن مكانتهم ستظل سامية ومقدرة لا تشوبها شائبة.
{ سألت في حوار تلفزيوني احد مشائخ الطرق الصوفية الاماجد عن أوجه الصرف والمعينات التي تساعدهم في مواصلة رسالة نبينا “محمد” عليه أفضل الصلاة والتسليم، فكان رده أن الموضوع برمته وفي شكله العام تساهيل ربانية مع حراك بعض الشخصيات وحرصها على أن يتم إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح من خلال الخلاوي وتكثيف الجرعات وحفظ القرآن والتوجيه الصحيح للجيل القادم حتى يتمكن من إصلاح الأوضاع التي باتت تدعو للقلق.
{ شيوخ الطرق الصوفية ظلوا على الدوام حريصين على مواصلة المشوار رغم الأشواك التي توضع في طريقهم من حين لآخر، لأن الهم العام يندرج في أن ينتشر الإسلام بالصورة التي تليق بالدين الإسلامي وبنبيه “محمد” والتابعين من بعده في ظل العاصفة الهوجاء التي تريد أن تطيح بكل القيم الفاضلة والمبادئ الإنسانية العظيمة التي نادى بها الدين الإسلامي. وقد علمت أن شيوخ الطرق الصوفية قد اجتمعوا عدة مرات من أجل الوصول إلى آلية تعينهم على معالجة الأوضاع وسط الشباب على وجهة التحديد، لأن الموجة ضدهم هذه المرة جاءت عالية جداً.
{ ورغم التحرك الملموس والمحسوس لهؤلاء الأكارم إلا أن هناك ممن يدعون الانتماء للطرق الصوفية قد ساهموا بقدر كبير في إفشال كل التحركات التي تساهم في معالجة الأخطاء التي صارت ملازمة للشباب من خلال شكل مختلف للدين وللدعوة الإسلامية وجلسات مريبة وفتاوي عجيبة وطريقة غير مفهومة، تدعو للإسلام في شكلها الظاهر وتدعو للضلال في باطنها الأعم. ولعل تواجد الشباب والشابات حتى منتصف الليل في إحدى المناطق وادعاء الثقافة والفهم العالي ولبس البناطلين والتشيرتات ومضغ اللبان ومن ثم تقبيل أيدي الشيخ إياه بصورة مذلة ومستفزة يبين أن هذه المجموعة لاعلاقة لها بالدين وإن إدعت ذلك.
{ الصور التي وزعت في نطاق واسع عبر الشبكة العنكبوتية والتي توضح ركوع مجموعة من الشباب والشابات أمام أحد الشيوخ تبين أن البعض يسعى إلى تشويه الصورة الزاهية والجميلة عن هذه المجموعات الإسلامية التي ظلت على مر التاريخ مهمومة بنشر صحيح الإسلام وترسيخ رسالته ومبادئه القيمة التي تؤكد أن لاركوع ولا سجود إلا للخالق.
{ انتظرت لما يزيد عن الأسبوع عل الشيخ المعني ينفي أو يصدر بياناً يوضح من خلاله فبركة الصور المنتشرة ويؤكد أن الدين الإسلامي يمنعه من أن يقبل ركوع هؤلاء الشباب وجلوس الأجانب والشابات من غير حجاب إسلامي ضمن جلساته، ولكن يبدو والله أعلم أن الفكر الإسلامي لهذا الرجل يختلف عن الفهم المكون في دواخلنا عن الإسلام، لأن ديننا الحنيف لم يكتب لنا عن شخصياتٍ ركعت لغير الله ولم يوضح لنا إمكانية مجالسة الرجال والبنات والأجانب في مكان واحد من أجل رسالة إسلامية بطريقة مختلفة، لذلك فإن القضية قد جاءت في شهر كريم وأضحت قضية رأي عام في مضمونها الكلي، لذلك لا بد أن تكون للطرق الصوفية آراء واضحة في هذه التفاصيل وهذا الغثاء الذي لا يمت للإسلام بصلة، ومن ثم فإن (حوبة) هيئة علماء السودان قد جاءت ولا بد أن يكون لشيوخنا الأماجد رأي صريح وواضح في هذه القضية التي سيطرت على الرأي العام السوداني بشكل كبير ومستفز.
{ هيئة علماء السودان لا بد أن تبين موقفها تجاه هذا الإسفاف الذي يمارس باسم الدين وأن يكون لشيوخها رأي صريح في هذه المهزلة التي أساءت للإسلام وللمسلمين للدرجة التي باتت مصدر سخرية في المواقع الأجنبية والتي وجدت هذه الصور فرصة للنيل من الإسلام واستخدامها لتحقيق أجندتهم المعروفة في إطار حملات تشير إلى أن الإسلام يمارس العبودية على البشر ويطالب بالركوع والذل أمام كباره، الأمر الذي اعتبروه انتهاكاً لحقوق الإنسانية.
{ الكرة في ملعب الجميع، فمتى نرد كرامة إسلامنا المنتهكة من عبث بعض الشخصيات الهلامية التي طفحت على السطح بلا أسانيد وتريد أن تقضي على قيمنا ومثلنا وأخلاقنا التي نادانا بها الدين الإسلامي.