الحقائب المدرسية … اثقال علي ظهور غضة
مشاكل الحقيبة المدرسية تعد واحدة من إفرازات سياسة التعليم خاصة تلك المتعلقة بتكثيف المنهج وإدخال مواد لا قبل لعقلهم بها، ومع ذلك وبتقادم السنين غزت هذه المناهج مخترقة درجة استيعابهم متغاضية عن الفروقات الفردية، وقبلت على مضض إلى أن أضحت واقعاً ماثلاً لا حياد عنه، لكن الضربة الموجعة حقاً وقعت على أكتاف وظهور التلاميذ ضعيفي البنية مقابل تلك الحقيبة المدرسية ذات الوزن الثقيل جداً، الذي لا يناسب أعمارهم أو حتى قدراتهم الجسمانية، ودونكم التلاميذ الذين نشاهدهم وقد انكبوا على وجوههم جراء ثقلها وقد ناءت ظهورهم من فرط ألمها. أثار هذا الأمر حفيظة كثير من الأسر سيما أولئك الذين بلغوا الصف السادس بمرحلة الأساس فما فوق إلى المرحلة الثانوية، حيث تجاوز عدد الكتب العشرة، فضلاً عن الكراسات التي بلغت العشرين كراساً في بعضها، وقد وقف حمار شيخ الأسر في العقبة ولم يجدوا حلاً ناجعاً يقلل من آثار هذه المشكلة، عدا أنصافها نورده في سياق هذا التقرير.
{ عصيان الحلول
مشكلة الحقائب المدرسية ليست حصراً على السودان حسب رأي الأستاذة “ماجدة الطريفي” معلمة منتدبة بإحدى دول الجوار، مضيفة: عقدت منابر شهدت عليها في تلك الدولة وقدمت جملة من الحلول من قبل إدارة المدرسة والأمهات، أفضت إلى حلول وسطية بتعاون الشقين، وهناك أسر اقترحت إحضار ترابيز ومكاتب خاصة لأبنائهم بالمدرسة يحكمون إغلاقها ويحضرون كتبهم وفقا لجدول الحصص، وأردفت: لاحظت أيضاً استخدام طالبات للحقائب ذات العجلات بحيث يسحبنها على الأرض، بيد أن ذلك ضاعف من نفقاتهم لأنها (أي الحقائب) تتلف بسرعة وليس بمقدور الأسر شراء أخرى لأنها غالية الثمن، فيرضخون للأمر بعد عصيان الحلول.
من جانبها عبرت “إشراقة عبد الرحمن” (موظفة) عن استيائها من كمية الكتب والكراسات التي تحويها الحقيبة المدرسية ومدى المعاناة التي تراها على أولادها في مرحلتي الأساس والثانوي، وقالت إنها كانت ترى الحل في إلزام معلمة الصف بطبع جدول الحصص وتوزيعه على التلاميذ، بحيث يستطيع أخذ الكتب المعنية باليوم حسب الجدول، لكنها ولانشغالها فشلت في متابعته، فكانت النتيجة نسيان الكتب وتلف وضياع بعضها.
{ أمهات يحملن حقائب أبنائهن
أما “ليلى مصطفى” ربة منزل فاختصرت المشكلة بحمل الحقيبة عن ابنتها وإيصالها إلى المدرسة لأنها قريبة من المنزل، ذلك لأنها تخشى على ابنتها ذات البنية الضعيفة سيما وأنها تعاني من بعض الأمراض، على أن تحملها بمفردها عند العودة، وأردفت بقولها: في جعبتي الكثير الذي يهري القلب لكني اكتفي بـ(حسبي الله ونعم الوكيل).
أما “رباب أحمد” فعلقت مبتسمة وهي تستعيد أيامها الدراسية بقولها: زمان كانت الكتب والكراسات قليلة لا تحتاج إلى مجهود، حتى أن الحقائب كانت صغيرة، وبالطبع لا يفوتني ذكر تلك التي كانت تخاط من قماش الدمورية، وما علينا سوى غسلها وكيها كل فترة، لكن الآن الحقائب ومع أحجامها الكبيرة قد لا تسع الكتب، فضلا ًعن رداءة صنعها، والمتينة سعرها يتجاوز المائة جنيه، وليس لدى كل الأسر استطاعة لذلك. وتحسرت “رباب” أيضاً على تلك الأدراج التي كان يملك كل طالب منها واحداً يغلقه ويحتفظ بمفتاحه، ولا يأخذ معه سوى ما يريد استذكاره.
{ تحذيرات طبية
وكان مختصون قد أكدوا أن وزن حقيبة الطفل المدرسية يجب أن لا يتعدى (5 – 10%) من وزن الطفل، بينما يستطيع تلاميذ المرحلة الثانوية حمل حقيبة تزن (15%) من وزنهم، إلى جانب أن حمل الطفل الحقيبة على كتف واحد يسبب انحناء جانبياً، وقد يؤدي إلى سير الطفل بطريقة مختلة غير طبيعية، كما أن الحقيبة المدرسية الثقيلة تؤثر على ظهر الطفل خصوصاً وأنه أقل قوة من الشخص الكبير، بالتالي العضلات وأربطة العمود الفقري لا تحتمل هذا الثقل، وفق اختصاصيي العظام والمفاصل، ويشير بعضهم إلى أن ذلك قد يسبب له آلاماً في منطقة الظهر وأسفله، وإذا كان عند الطفل اعوجاج في العمود الفقري فإن الحقيبة ستعمل على زيادته، إلى جانب أنها تؤثر على الكتفين وتضعف نشاطه كون عضلاته تصبح أضعف، كذلك فإن حمل الوزن الثقيل على الظهر والمشي بطريقة مقوسة (أمر سيئ جداً) بالنسبة للطالب، فالفقرات والعظم لم يكتمل نموهما بعد عنده، بالتالي فإن ذلك يؤثر عليه، حيث إنه يعوق عملية النمو الطبيعي، ويسبب آلاماً في الظهر والأربطة والعضلات ما ينعكس سلباً على صحته، إذ لا يكتمل نمو العضلات إلا في سن (18) سنة، لذا على الطالب ألا يحمل حقيبة ثقيلة على ظهره على الإطلاق، فإما أن يحملها بيده أو أن يخفف من وزن الحقيبة التي يحملها.