(مارسلاند).. ثم ماذا بعد؟!
{ كنت وما زلت إلى وقت قريب من الداعمين والمشجعين للخطوط الجوية السودانية وشركات الطيران المنضوية تحت لوائها، إيماناً مني بالدور المتعاظم الذي تقوم به هذه الشركات والجهود الكبيرة التي تبذلها في إطار توطيد وتثبيت أقدامها رغم المتاريس التي توضع في مسارها في كل يوم.. ورغم الأحاديث الكثيرة التي تدور والشائعات التي تنطلق هنا وهناك والمصطلحات الساخرة التي تنال من خطوطنا الجوية إلا أن معظمها ظل ثابتاً وقوياً ينحني للرياح من أجل مواصلة المشوار في ظروف بالغة التعقيد.
{ الحديث عن تأخير المواعيد والاستهتار بالراكب وسوء الخدمات لم ينقطع يوماً، وظللت أنا ومجموعة من أصدقائي نصرّ على ارتياد هذه الطائرات في ترحالنا في كل دول العالم رغم السخرية التي ظلت حاضرة في كل مكان وزمان، ظناً منهم أن (الست) كما يطلقون عليها لا تستحق أن ندفع فيها مليماً أحمر، فيما يرى آخرون أن الخدمات نفسها غير جيدة ولا تستحق أن تقدم في بص سفري داخلي، ولكن رغم ذلك أعتقد أن هناك كثيراً من التعديلات قد حدثت، وأن القضية تحتاج إلى صبر وإلى تغيير كبير للمفاهيم وسط المواطنين، لأن الأرباح تنصب في إطار الأموال المجموعة للتعديلات من أجل التجويد والتحديث حتى تظهر في أفضل حالاتها.
{ أذكر في رحلتنا الأخيرة إلى عاصمة الضباب (لندن) ضمن الوفد المشارك في المؤتمر الاستثماري قد اختيرت الخطوط الإماراتية، وأتذكر حينها أن حقائبي لم تصل في نفس الرحلة ووصلت في اليوم الثاني مع خطاب اعتذار من الشركة وتعويض مالي رغم أن حقيبتي كانت مكتملة ولم تنقص منها شيء.. وفي مؤتمر (الرياضة للجميع) فقدت الزميلة “حنان” (البالطو) الخاص بها في مطار دبي الذي مكثنا فيه لساعات قبل المغادرة إلى الكويت، وحينها توقفت الرحلة وأسرع مضيفيها للبحث عن (البالطو) المفقود في كافيتريات الصالة وتم تسليمه للأستاذة “حنان” والاعتذار لها رغم أنها هي من تركته ناسية.. والحكايات كثيرة في هذا المنحي، ولكن المضمون والشكل العام يوضح الطريقة التي تتعامل بها شركات الطيران المختلفة ونفتقدها في خطوطنا الوطنية، وهذه هي المشكلة والمعضلة.
{ تقدم مدير عام الخطوط السعودية باعتذار وصرف تعويضات مالية فورية للركاب المصريين الذين تأخرت حقائبهم في رحلة الحج العام الماضي، وقدمت الشركة اعتذاراً آخر في كل الصحف المصرية دلالة على حرصها على تشكيل صورة مختلفة في إطار التعامل الجيد والمحترم للشركات الكبيرة، وهذا ما نفتقده في كثير من مؤسساتنا.
{ أنا واحدة من الناس قد تفاءلت بـ(مارسلاند) والطريقة التي يتعامل بها موظفوها مع الركاب رغم حداثة الشركة التي أنشئت في العام 2001م، ورغم الحادث الشهير للشركة في 2005م وغيره من الثغرات التي يحدث عنها الإعلام، لكنني كنت أعتقد أنها من أميز الخطوط خاصة بعد التنزيلات التي أعلنت عنها في أسعار التذاكر داخل وخارج السودان، بالإضافة إلى انتظام رحلاتها والمواعيد المنظمة والمضبوطة للرحلات الداخلية والخارجية، ولكن ورغم ذلك يبدو أن بعض القائمين على الأمر أرادوا أن يرموا بها في غياهب التاريخ، إذ إن التراجع قد أطل برأسه في نواحٍ متعددة في الفترات الأخيرة، ولعل ما حدث لوالديّ أطال الله في عمرهما خير دليل على ما أكتب، إذ إن الله قد منّ عليهما بعمرة في شعبان الماضي وتمكنا من أداء فريضة العمرة وعادا على خطوط (مارسلاند) التي أكدت أنها جديرة بالاختيار، لنرى مفاجأة لم تكن في الحسبان، إذ إن معظم الحقائب و(العفش) الخاص بهما لم يصل إلى السودان بالإضافة إلى ماء زمزم المشحون بكمية كبيرة من أجل منحه للأحباب وأجهزة كهربائية أخرى، ليتم إفادتهما بأن كل المتعلقات ستصل في اليوم التالي.. ومر اليوم واليوم التالي له وبعده وهكذا إلى يومنا هذا.. مع العلم أنهما وصلا أرض السودان في الثاني عشر من يونيو.. وحتى هذه اللحظة لم تقدم الشركة أي اعتذار ولم تعوض الركاب، ولم تسلمنا متعلقاتنا الخاصة بنا التي تم شحنها من مطار جدة منذ شهر للأسف الشديد.
{ ما حدث من (مارسلاند) يؤكد الطريقة التي تدار بها كل المؤسسات في بلادي، ويتضرر منه المواطن في منح المستحقات وتسليم المتعلقات.